الثلاثاء ٢٧ شباط (فبراير) ٢٠٠٧
بقلم بيانكا ماضية

الحب ... هذا الكائن الجميل

أي صخب هادئ ذاك الذي يتغلغل في مشاعرنا حين يلامسها سحر الحب، وأي مآل تؤول إليه نفوسنا حين تكتسي بغلالات كينونته؟!

معه تبدأ الروايات، ويبدأ الفن، وتبدأ الفلسفة، ويبدأ الشعر والنثر الجميل، وتبدأ إثره جملة تساؤلات تبحث في أسرار وجوده وفي ماهيته ودوافعه، وفي عدم استئذانه قلوبنا... تُرى ما الذي يفعله بنا هذا الكائن الأسطوري حين يستولي على كياننا؟!

لقد استنزف هذا الحب طاقات الكتّاب والأدباء والشعراء حتى الثمالة، حتى كانت كتاباتهم رسائل متميزة أحدثت أثرها في نفوس متلقيها، وانفردت هذه الكلمة الأعجوبة بمساحات واسعة من لغتهم، وبلغت ما بلغته من معنى وأسلوب ولغة بتجلياتها كافة، وباسقاطاتها على صفات المحبوبة، فهي تجربة حية تأثير الخيال والذاكرة والمشاعر، ولا يمكن أن تبلغ مداها في الابداع إلا لمن يعاينها ويعايشها..

ولكن هل ما كتبه هؤلاء في الحب هو أجمل ما كتب؟...
يقول أفلاطون: في الحب خطابات نبعث بها وأخرى نمزقها وأجمل الخطابات هي التي لا نكتبها!
فأي حيز يمتلكه هذا الجميل من الخطابات حتى يأخذ لنفسه هذا القدر من الجمال؟! ولماذا حين نبتغي الكلام على الحب نبقي مأسورين لما قاله شكسبير ذات يوم: "تكلم هامساً عندما تتكلم عن الحب"! ألإنه يحمل من الشفافية ما لا يحمله أي معنى آخر، أم أن الجهر به يفقده معناه وقدسيته؟!

كثيراً ما نقرأ عن الحب وعن معانيه، وكثيراً ما نتوصل إلى اختلافه بين كل من الرجل والمرأة، فها هو برنارد شو يقول: الحب يستأذن المرأة في أن يدخل قلبها وأما الرجل فإنه يقتحم قلبه دون استئذان وهذه هي مصيبتنا... وهناك فيلسوف آخر كتب: الرجل يحب ليسعد بالحياة والمرأة تحيا لتسعد بالحب!

وعند قراءتنا عنه أو معايشتنا لتجربته نجد أنه يحتوي على متناقضات كثيرة، كأن يجمع بين العذوبة والمرارة، وبين الحياة والموت، وبين الفرح والأسى، وتبقى دائماً نتائجه غير متوقعة كما قال ستاندال، ويبقي هو من أقوى العواطف لأنه أكثرها تركيباً كما يقول سبنسر، وهو الأكثر عذوبة والأكثر مرارة على حد قول يوروبيدس، إلا أنه كون خاص في الجمال والإحساس الصادق بالوجود، ولعل هذا المعنى هو الأكثر تجسداً لدى المرأة، لأنها الأكثر تفاعلاً واندماجاً في تفاصيله، إذ يشكل حياتها كلها، على عكس الرجل الذي يشكل الحب جزءاً من حياته، ولهذا فإن على المرأة ألا تطلب من الرجل ما هو خارج عن أحاسيسه ومشاعره، لأنه لا يشعر بهذا الحب وبتدفقاته كما تشعر به هي، كما أنه لا يوجد توازن حقيقي بين كلا العاطفتين لاختلاف الطبيعة النفسية لكل منهما، ولكن الأهم من هذا كله هو ما يؤطر هذا المجال الرحب الواسع من مشاعر مرهفة وموضوعية محضة، ومن تفاصيل يعيشها العشاق حينما يداهمهم هذا الكائن الحي الجميل.

وإلى جميع العشاق في هذا اليوم نزجي أسمي معاني الحب والتقدير، لأنهم يحملون في نفوسهم صدى لترددات الحياة التي لا يسمعها إلا من اختبر معناها فغاص في تموجاتها اللانهائية.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى