الاثنين ٧ أيار (مايو) ٢٠٠٧
بقلم مصطفى نصر

زيارة مفاجئة

اقترب «طارق» من قهوة العوالم بالبياصة. تردد بعض الوقت ثم دخل القهوة. اقترب من «عامل النصبة» قال بصوت مرتفع لكى يسمعه فقد كانت المواقد «توش» بجانبه :

 تعرف بيت منصور العريض ؟

تابعه «عامل النصبة» فى اهتمام شديد وقال :

 لم أسمع عنه ولا أعرفه .

اقترب «طارق» من قهوة العوالم بالبياصة. تردد بعض الوقت ثم دخل القهوة. اقترب من «عامل النصبة» قال بصوت مرتفع لكى يسمعه فقد كانت المواقد «توش» بجانبه :

 تعرف بيت منصور العريض ؟

تابعه «عامل النصبة» فى اهتمام شديد وقال :

 لم أسمع عنه ولا أعرفه .

خرج طارق من القهوة. أخرج ورقة من جيب قميصه. نظر فيها وعاد ثانية إلى القهوة. لم يجد «عامل النصبة» الرجل ترك كل شىء وهرب .

رأى طارق «الجرسون» بردائه الأبيض، يحمل صينية فوقها أكواب فارغة. قال له:

 تعرف بيت منصور العريض ؟

قال الجرسون :

 لا يا باشا .

 لم تسمع عنه من قبل هنا فى القهوة ؟

أحس «الجرسون» بأهمية محدثه مادام يلاحقه هكذا بالأسئلة :

 أسمع عنه لكن لا أعرفه .

تابع طارق الورقة ثانية وقال :

أليست هذه قهوة العوالم ؟

 هى يا باشا .

 أنا واثق أنه كان «يجلس» فى هذه القهوة .

اقترب فم الجرسون من أذن طارق. قال له :

 يا باشا أنا غلبان ولست فى قدرة أهله .

 الموضوع أبسط مما تتخيل .

 فعلا يا باشا. سأسير أمامك. والبيت الذى تجدنى أربط أمامه حذائى، هو بيت منصور العريض ابتسم طارق. وسار الجرسون. دخل شارع «الزمزمى» المواجه للقهوة. والقريب جداً من البياصة سار فيه دخل أحد الأزقة المؤدية إلى جبل ناعسة وانحنى أمام احد البيوت التى تجلس النساء أمامه. وأمسك رباط حذائه. فكه وأعاد ربطه ثانية. فابتسم طارق ودخل البيت .

سار فى الردهة الطويلة. قامت امرأة ممتلئة من مكانها وتابعته: ماذا تريد ؟

 أريد منصور العريض .

قالت: «آه» وعادت ثانية إلى جلستها مع باقى النساء. حدثتهن فى صوت خافت وأشارت إليه .

صاح طارق: منصور العريض... منصور العريض.

طلت امرأة من الدور الأخير، صاحت من مكانها: من الذى يسأل عن منصور العريض ؟

صاح بصوت مرتفع لتسمعه أنا ياست .

وطلت امرأة أخرى من الدور الذى يليه. قالت: الشر بره وبعيد ؟

النساء خرجن من كل الأدوار. وتهامسن. وتعالى صوتهن .

ظهر طفل فى الردهة، لا يدرى طارق من أين جاء، وكأن الأرض طرحته. كان يلبس «كوتشى» لونه أبيض فى قدميه. وملابس قريبة من أردية لاعبى الكرة. قال:

 ماذا تريد من أبى. ألم يكفكم ما حدث له ؟!

 أنا .....

الولد لم يتعد التاسعة. لكنه يتحدث فى جرأة. صاح من مكانه وهو يبكى: دعوه فى حاله .

لما لم يجد طارق طريقة للتفاهم معه. قال :

 أريد عمك حسنين .

ازداد الولد غضبا وثورة. وهجم على طارق، يضربه بقبضة يده فى بطنه :

 حتى عمى الذى ينفق علينا الآن تريدونه ؟!

دفعه طارق بعيدا عنه وقد آلمته لكماته. صاح فيه: ابتعد. ابتعد .

هجم الولد. وضربه بالكوتشى فى ساقيه فى مهارة. دفعه طارق فى عنف حتى التصق الولد بالجدار. وأسرع طارق إلى الزقاق. فتبعه الولد وقد جمع كل الطوب الموجود فى الردهة وضرب طارق وهو يبكى بصوت مرتفع. الطوب ألم صارق، حاول منعه لم يستطع. اسكت يا ولد. اسكت .

أسرع طارق فى طريقه إلى الشارع. الولد يجمع الطوب ويضربه. وطارق يبتعد. يحاول إمساك الولد النحيف الذى يفلت من بين يديه بسهولة. ويردد من وقت لاخر أقوالا تدعو طارق وآخرين للابتعاد عن والده - منصور العريض - وتركه لحاله .

كانا قد خرجا من الزقاق. أصبحا فى منتصف جبل ناعسة. استطاع طارق أن يمسكه وهو يحاول إمساك طوبة كبيرة لو وصلت إلى جسد طارق لأدمته. دفعه عنه فى عنف والولد يبكى. وأسرع الجالسون على القهوة المواجهة للزقاق. أمسكوا بطارق فى عنف. بعضهم أمسكه من قميصه وآخر أمسكه من أعلى بنطلونه لكى لا يهرب. شدوه فى عنف إلى القهوة، دفعوه إلى مقعد وأجلسوه غصباً عنه .

حاول طارق أن يشرح لهم ما حدث، فسبوه وصاحوا فيه: كيف تضرب ولدا صغيرا لا تصل قامته إلى ركبتيك؟!

جاء حسنين - عم الولد - أيقظوه من نومه، جاء دون أن يكمل ارتداء ملابسه. صاح من بعيد:

 أين هذا الذى ضرب ابن أخى ؟

أفسحوا له طريقا ليصل لطارق. كلما حاول طارق أن يقف يدفعونه ويجلسونه - قال حسنين :

 أنت مجنون لاشك. لأنك تضرب ولدا وسط أهله وجيرانه .

قال طارق: اجلس لنتفاهم .

جلس حسنين. قال طارق: أنا من طرف منصور العريض .

يعمل طارق فى محل كبير لبيع الأجهزة الكهربائية والساعات والأثاث. صاحب المحل اختلف مع بعض العملاء وأدى هذا إلى سجنه فى سجن «الحضرة» على ذمة التحقيق. عندما زاره طارق قابل هناك منصور العريض - تاجر المخدرات المعروف فى جبل ناعسة - أعطى لطارق رسالة ليعطيها لأخيه حسنين وقال له: «اسال عنى فى قهوة العوالم بالبياصه. هناك سسيدلونك على مكان البيت» وأخرج طارق الرسالة. ابتسم حسنين وقال آسفا: حقك على رأسى. خيرا تعمل. شرا تلقى .

واقتربوا منه يعتذرون ويقبلون رأسه. قال مبتسما:

 لم يحدث شىء. ولو أن الولد الصغير أدمى جسدى كله بالطوب .

هجم حسنين على الولد وضربه. والولد يردد: افتكرته من البوليس .

وقام طارق لمنعه من ضربه .


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى