الأحد ٨ تموز (يوليو) ٢٠٠٧
بقلم وائل وجدي

كاميرا

.. المشهد ، يغيب تشكيله البصري ... سحابة بيضاء – شفيفة – تحجب رؤيتك .. لم تعد تستطيع ضبط أبعاد الصورة ... البطلة ؛ تتماهى ملامحها .. العرق – البارد – ينساب على جبينك ..
صراخ المخرج ؛ يأتيك بلغة لم تسمعها من قبل ... رعشة ، تغزو خلاياك ..
تسربلك العتمة ...

تفتح جفنيك - المرملين – خيالات تتحرك أمام عينك اليسرى .. عينك اليمنى ، تبصر بها يدًا تفحصك ..
تصيخ سمعك ؛ لنبرات دافئة ، حانية :
  سلامتك .. أقلقتني عليك ..
تهم برأسك من فوق الوسادة ..
يأتيك ، صوت حاد :
  من فضلك .. ممنوع الحركة ..
ما الذي شعرت به في موقع التصوير ..
بصوت واهن :
  زغللة في عيني اليسرى ، لم أدر إلا وأنا هنا ..
  هل حدث لك من قبل ..
  منذ شهرين تقريبًا ، شعرت بألم بسيط في عيني اليسرى ..
  هل كشفت على عينك ..
  لم أهتم بالألم... أرجعته إلى إجهاد التصوير ..
  هل قمت بإجراء التحليلات...
  لا أحبها ؛ لقلقي من نتيجتها..

تفرد جسدك على السرير .. أبر تغز جلدك .. رأسك ثقيل .. عينك اليسرى ، يعصرها الألم ..
خيوط النهار ، تنسل من خصاص النافذة ..نقرات - منتظمة - على باب حجرتك ..
تلتفت برأسك نحو نبرات باسمة :
  لعلك اليوم في حال أحسن ..
  الحمد لله ، لكن عيني تؤلمني ..
  في المساء ، ستظهر نتيجة التحاليل والأشعة ..
ستكون بخير إن شاء الله..
شريط الذكريات ، يمر أمام عينيك ... تسلمك الجائزة الأولى عن مشروع التخرج ... الحصول على جائزة التصوير في مهرجان القاهرة السينمائي ... جائزة التصوير في مهرجان الإسكندرية السينمائي ... المركز الأول في مسابقة التصوير الضوئي ...
تطفر دمعة ، تمسحها أنامل - حانية - تهمس لك : لا تحزن ...
تلمحها بعينك اليمنى ، تحاول أن تبتسم لها ، لكنك لا تستطيع ...

تتأمل نصائح الطبيب :
 الابتعاد عن الإجهاد النفسي والبدني ؛ لأنهما العدو - اللدود - لمرض السكر .. عليك أن تحافظ على عينك ؛ التي لم تتأثر بالآثار الجانبية...
تسمع صوت الممرضة ؛ تحثك على الإفطار ؛ حتى تأخذ علاجك الذي قرره الطبيب .. تمتعض ؛ لكنك تمتثل مرغماً..
كل صباح ، ألفت الحقن ، أقراص الدواء ؛ التي تبتلعها بالأمر ... في المساء - بعد العشاء - تأخذ حقنة أخرى ؛ تتألم من كثرة غز الإبر ؛ ولا حيله سوى التحمل ...

يزورك الأصدقاء والزملاء ؛ يؤازرونك بالكلمات الودودة ، لكن الوحدة والسأم ، تملآن قلبك...
بعد عودتك إلى منزلك ؛ تجلس ساعات - طويلة - في حجرة المكتب ؛ تسرح مع ألبومات الصور - حياة كاملة - تمر أمامك كالطيف ...
تقف في الشرفة ؛ تتطلع إلى بدر القمر ؛ ينير صفحة السماء الداكنة.. تخرج حقيبة التصوير من مكتبك... تفتحها ، تحضن بيدك الكاميرا ...
تعود إلى الشرفة ، تلتقط الصورة ....


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى