الخميس ٣٠ آب (أغسطس) ٢٠٠٧
بقلم محمد عطية محمود عطية

توحد

توافقت حركة ارتقاء قدمها اليسرى ـ بمشقة ـ مع تشبث يدها اليمنى، بارزة العروق، بالكرسى الملاصق لباب العربة. كاد الباب يرتد مطبقآ على جسمها المنحشر...

من داخل العربة، امتدت يد فتية.. تلتقط يسراها. انفرج ساعدها ـ الذى كان مضمومآ على (صرة) قماش. امتدت يد أخرى من الكرسى الخلفى؛ لتدرك (الصرة) قبل وقوعها.

بوهن القفزة المشحونة بالألم، لم تبال لاشتباك طرف جلبابها الأسود بعتبة ارتقاء العربة، ثم بأسفل كعب قدمها، و لا لسقوط طرفى الشال على صدرها؛ ليحتويها فراغ الكرسى المكتنز.
قبل أن تهمد لتلتقط أنفاسها، التفتت لتسترد صرتها، ثم تربت على الكتف المجاور لكتفها، و يلهج لسانها، و صدرها اللاهث بدعاء خافت، مع نظرة زائغة من خلف زجاج نظارتها المقعر.

و قبل أن تتحرك العربة، همس صوت غريب من خارجها : ـ الأجرة خالص يا حاجّة
هبطت دهشة عابرة، امتزجت بسرور خفى، على ملامح جبهتها المكرمشة. ابتلعت كلمات امتنانها المخلوط بالخجل، مع التقاء حركة الهواء المقابلة لاتجاه انطلاق العربة، مع غطاء رأسها.

استقرت نظرات عينيها. هدأ صعود و هبوط صدرها؛ فراحت تشد طرف الجلباب من أسفل كعب قدمها.. ترفع شالها الساقط.. تلفه بوهن حول رقبتها، ثم أمّنت على كيس نقودها المنكمش، مستسلمآ لقبضة يدها المرتعشة.

استدارت بنظرة باسمة الى يسارها و خلفها؛ لتكشف عن فمها الفارغ الا من بعض أسنان متناثرة. اصطدمت بوجوه مصوبة نحوها.. يتنازعها الوجوم، النظر السارح، و ربما انفلتت من أحدها بسمة خفيفة مرتابة. ابتلعت كلمات توددها، التى همت تتلفظ بها، و ضمت ذراعيها أكثر على صرتها، و انطبق فمها على مسحة حفت تغضنات أسفل جفون عينيها، بأسى.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى