السبت ١ أيلول (سبتمبر) ٢٠٠٧
بقلم حسن المير أحمد

الحب المستحيل

عندما أطلّت بقدها الممشوق ووجهها المضيء وابتسامتها الساحرة.. ببشرتها البيضاء وشعرها الأسود المسترسل بنعومة قبضت على انتباهه، وجعلت عينيه تتعلقان بخطواتها الهادئة وكأنهما قد التصقتا مع حركة قدميها.. وحين اقتربت وألقت التحية بصوتها الرخيم، تخربطت كيمياء جسده وتلعثمت الكلمات بيت شفتيه، ولم يتمكن من تقديم نفسه كما يتمنى ويشتهي، لكنه أدرك أن شيطان الهوى قد اجتاحه حتى قبل أن يعرف اسمها أو تفصيلات حياتها!!

بعد أيام قليلة، ومن خلال الأحاديث العابرة التي كانت تدور بينهما عرف أنها مرتبطة بشخص آخر، ما جعله يلملم كلماته ومشاعره ويضعها في جعبة الألم ويدفعها عميقاً داخل روحه ويغلق عليها برتاج العقل واحترام مشاعر الآخر..

مرت سنوات، كان يعاني بصمت لكنه تمكن من التسامي فوق جرحه النازف وكبح كل حركة قد تفسر بما لا يليق به أو بها.. وحين قررت مغادرة المكان الذي يجمعهما نهائياً، أس بمرارة كبرى وسرور غريب في الوقت نفسه، فقد كان يريد أن يتخلص من عذاباته المتجددة كل يوم عندما يلمحها أو يشم رائحة عطرها الذي يسبقها دائماً!

رحلت.. وأخذت معها جزءاً من نبضات قلبه، وبدأت رحلة الإرادة للتغلب على وجع الهوى عبر وسائل يدرك نجاعتها في مثل هذه الحالات.. وبالفعل استطاع النجاح إلى حد ما، وارتبط بامرأة أخرى لعلها تكون ترياقه الشافي ومسكنه الآمن الذي يلملم أشلاءه المتناثرة.

تعاقبت الأيام والشهور، وحين كاد الجرح أن يندمل نهائياً.. ظهرت صاحبة الوجه المضيء أمام ناظريه، بطلّتها البهية نفسها وحضورها اللذيذ ذاته، وكأن السنين لم تغير في ملامحها شيئاً.. وما إن رآها حتى انفتح الجرح من جديد وراح ينزف بغزارة، وعاد هو يصارع بصمت للتغلب على دعوات روحه للبوح بما ترزح تحت وطأته!

إلا أن آلاف الموانع كانت تكبح مايشتهيه ويحلم به، ومئات العوائق حول دون إقدامه على خطوة رهناء قد تكون عواقبها أكثر من وخيمة.. إذ نه يدرك تماماً أنه يغوص في مستنقع الحب المستحيل.. الحب الذي لا يصلح إلا ليكون شرارة إلهام لشاعر او كاتب، أو نواة قصة خيالية لاوجود لها على أرض الواقع.

تحمل الرجل شهوراً وهو يصارع أمواج بحر العواطف الهائج، والمرأة الوضاءة لا تشعر بما يعتمل في داخله.. بل كانت في نهاية كل يوم تستعجل الرحيل إلى أحضان رجل آخر.

ازدادت الآلام إلى أن وصلت ذروتها، من دون أن ينكسر حاجز الصمت.. وفي أحد الأيام، لملم الرجل أوراقه وأشياءه المبعثرة وجرحه النازف، وقرر الرحيل إلى مكان ناءٍ ليتخلص من عذابه، إذ أدرك أن الحب المستحيل قد يقصف أيام عمره المتبقية بأسرع مما يتصور!!


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى