الأربعاء ٥ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠٠٧
بقلم وفاء الحمري

امرأة من زمن الحرب

فاجأها المخاض إلى عمود خيمة مهترئه ... تكورت على نفسها... أغمضت جفنيها.... صعد دم قان إلى وجنتيها....حبست أنفاسها للحظة. فتحول اللون الوردي في وجهها إلى أزرق غامق ثم نفثت نفسا طويلا ، كأنها تتخلص بخروجه من كل آلامها ومعاناتها...صامتة هي حتى في ذروة ألمها....سمع دوي انفجار قربها... صامدة هي حتى والأرض تهتز من تحتها... لمحت قبالتها طفلتها تهرش بأسنانها قطعة خبز صلبه...ربما أصلب من أسنانها اللبنية الغضة...لكنها تتصارع....تعض...تكسر جزءا من القطعة فتنفتح أساريرها وكأنها خرجت منتصرة للتو من مباراة في المصارعة...فتحول الفتات المكسور إلى يمين ويسار فكيها علها تستطيع ابتلاعه فلم تفلح.... أخرجت القطعة ... نظرت إليها مليا ... تستعطفها لتلين ثم إعادتها إلى فيها وأعادت المحاولة. يمين ...يسار... فتفتت قطعة الخبز ولانت لها...فبلعتها وهي مزهوة كأنها حققت نصرا عظيما....ثم ارتمت على الكسرة العنيدة لتعيد الكرة من جديد..... صراخ أمعائها وآلام معدتها الجائعة أعطياها القوة لكي تعيد العملية ثانية وثالثة حتى تسكت غرغرة أمعاءها الفارغة....أنست هذه أللقطة البائسة المرأه آلام مخاضها لفترة لكن الآلام عاودتها من جديد. فتكومت على نفسها مرة أخرى وتلون وجهها من أحمر إلى ازرق إلى الاللون....تساءلت وهي في ذروة آلامها علام هو حريص للخروج إلى هذه الحياة وكلها الم وتعب وعوز و.... وانفجر ينبوع ساخن من تحتها ثم اندفع الثقل إلى الخارج فإذا بصراخ يعلو ويعلو ثم همد على حلمة ثديها...

رفعت الوالدة بصرها إلى السماء فإذا بها أمام طفلتها وهي مصوبة بصرها نحو الرضيع وقطرات الحليب تتدفق من جانبي فيه....ربما تمنت في لحظة جوع وعطش وعري أن ترتمي في حضن والدتها الدافئ وتشبع لبنا سائغا دافئا لذة للشاربين ... مصت الصبية شفتيها وولت على أعقابها خارج الخيمة فبدا للمرأه من كوة بابها لهيب نيران أمامها تبعه دوي انفجار صاروخ ناري مر للتو من فوق بقايا الخيمة...توقف الوليد عن الرضاع وتفحص قسمات وجه أمه مليا... لم يبتسم كغيره من الرضع بل أناخ السمع والبصر والفؤاد الأول درس لأمثاله ... تلقيح طبيعي ضد الحروب والنوازل والضربات والصواريخ والآلام ثم التقط الحلمة من جديد ... عادت الصبية إلى الخيمة تفرك عينيها من سموم دخان الصاروخ بإبهاميها الوسختين فسالت دموع رمادية على خديها الغضين فرسمت خطين متوازيين....سعلت....تمخطت....بصقت بقايا لقمة الخبز العنيدة مصبوغة باللون الأسود وهي تتحسر على مجهود ضاع من غير نتيجة ... قرأت المرأه الرسالة الأليمة....جرت الصبية من كم أسمالها ألصقتها بحضنها.... ربتت على ظهرها بحنان غامر... ثم أغمضت لها جفنيها عساها تسعد بحلم جميل تشبع فيه خبزا طريا و...و


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى