الخميس ٢٠ آذار (مارس) ٢٠٠٨
بقلم بشار إبراهيم

مَوَّالُ الجمرِ.. لَو

«ما قاله الشهيد قبل رحيله»
لو قلتِ لي ذاك المساءْ
أيُّ انتظار كان يفرشُ ظلَّه
عندَ الغيابْ
ويعدُّ أيامَ التمنّي،
ويهدهدُ الألَمَ الصغير،
لكي يُغافِلَه المنامْ.
لو قلتِ لي..
أيُّ احتضار كان يبني طيفَهُ،
ويودُّ ينشبُ ظفرَهُ،
في عنقِ آنيةِ الرخامْ.
لو قلتِ ليْ..
كان الظلامْ
سيجمِّعُ الضوءَ المبعثرَ
نجمةً،
ويردُّ كمَّ قميصه
عن تلِّ ساعِدِهِ،
ويدعوني
لكي أغفو فتىً
يدعو إلهَ شقائِهِ
رباً..
سيومضُ في سحابِ الليلِ
يقروُهُ صلاة.
رباً
ويعبُدُهُ وطنْ.
رباً..
غناءً من شجنْ.
وطنٌ..
هو الأرضُ الإلهْ.
وطنٌ..
إلامَ تسرحينْ؟..
يا كلَّ قطعانِ المنامْ.
لو قلتِ لي
يا أيُّها القمرُ الحزينْ
من ذا يداوي جرحَكِ؟..
من ذا يغني شجوَكِ؟..
يا..
حينَ أخفقُ أنْ أعودْ
كانَ الجنودْ..
متراسَ حزنٍ بين قلبي
والوريدْ
لو كنتُ أخطِئُهُ
سيُبنى من جديد
 
***
 
لو قلتِ ليْ
ماذا أقولُ؟..
يا أنتِ..
غابةُ أقحوانٍ لا يُلامسها الذبولُ.
رفُّ العنادل بين كُثبان الأصيل.
طيرُ السنونو..
حين يرقصُ في الربيعْ
جديّ..
يذيبُ نعاسَهُ
في كأسِ شايٍ في المساءْ.
والأفقُ نهرٌ من حنينْ.
مذياعُهُ،
يغفو ويصحو في ضجرْ.
فيسوطُهُ
النظرُ المعاتِبُ والدخانْ.
من قبل عمري
منذ أيامٍ..
سنين.
كانت أغانينا وطنْ.
صارت منافينا بلادْ.
لو جدتي،
تحكي الحكايا للرمادْ.
يتصاعد الموّال من بين الجمرْ.
كانونهُ،
والركوةُ الصفراءُ،
قوسُ ربابةٍ،
أرغولُهُ،
والسيفُ صامُ عن الكلامْ.
مذياعهُ،
يغفو ويصحو في كلامْ.
كانوا، رجالاً من حجرْ.
صاروا،
جنوداً من رمادْ.
كانوا، قبائلَ من حنينْ.
كانوا، على أملٍ،
يحيكون المواويلَ الصغيرة،
في مساءات الق
يتناسلون ويكبرونْ.
يبنون أجساداً لهمْ..
من قشِّ أحلامٍ،
ومن طين المواجعِ والتعبْ
صاروا
على مهلٍ
أنينْ
فيرتقونَ جراحهم،
ويلملمونَ صراخَهُمْ،
بهتافِ ذكرى من سنينْ.
صارت،
عكاكيزُ المواجعِ في عيونِهُمُ
البنادقْ
وعلى ضفاف الليلِ
تستلقي السهولُ
ماذا أقولُ؟..
 
***
 
لو قلتِ لي
قلبي إليكِ الطيرُ.. تغريدُ الكنارْ.
شطُّ المباهجِ.. واحدةُ الأحلامِ،
تزخرُ بالمحارْ.
يا يوم تهجره السواقي والبحارْ.
شفتاكِ،
أم عيناكِ..
دمعُ الروحِ
ملجئيَ الأخيرُ؟..
عمريْ،
وما ضاع العمرْ.
«من يومِ يومي يومُ أمرْ»
هل يكذبُ الولدُ المولَّه،
إذْ يغازلُ يومَ أمرْ؟..
قلقي وَرَقْ.
قبلَ التناثرِ قد تهاوى واحترقْ.
يوماً سيأتيها المطرْ.
يوماً ستطرقُ بابَ صدري،
ثم تهتفُ للجراحْ.
ماذا انتظاري؟..
كم كنتُ أشكو وحشتي؟..
كم كنتُ أشكو غُربتَكْ؟..
كم كنتُ ألمحُ دمعتَكْ؟..
في طيف ذاكرةٍ يعذبها الفراقْ.
ها أنتَ ترحلُ نحو هاتيكَ البلادْ.
أين الملاذْ؟..
هاتِ الجدارْ.
لجبيني المنهوكِ،
شط الاتكاءْ.
لو سرُّكَ المدفونُ في قلبي يغنّي،
يل لقلبك!..
لو صوتُكَ العذبُ المنادي،
في فناءِ البيتِ صوتكْ.
لو
كم
أحبُّكْ.
كان الرحيلْ
موَّال حزنٍ رفَّ جفني،
حين غازلهُ الحنينْ.
من ذا سيبكي إن تعودْ؟.
من ذا سيحزنُ إذْ تعودْ؟.
قُلْ للحدودْ
هذا الفتى في الأفقِ يرصدُ نجمةً،
يوماً
تغازلُ حلمَهُ..
يوماً
لينشرَ ساريَهْ..
وتهزُّ ريحُ منامِهِ تلكَ القلوعْ.
يوماً سيبكي في سببْ.
يوماً سيبكي لا دموعْ.
هذا امتدادُ للترابْ.
ذاكَ الترابْ.
هذا دمي..
لو شئت كأساً للشرابْ.
هذا أنا في ومضةٍ،
نهرُ الحنينِ،
البسمةُ،
رعش الفؤادْ.
هذا أنا..
يا أنتَ..
يا حزنَ السواقي إذ تجفْ.
يا قلبَ أطيارِ السنونو إذْ ترفْ.
قل للوهادِ
وللجبالِ
وللسهول.
قل للحقولْ.
قلبٌ إليكَ يؤوبُ هذا،
والشطُّ تملَؤُهُ القلوبْ.

القصيدة الفائزة بالجائزة الثانية مناصفة في مسابقة ربيعة الرقي للشعر في سوريا 1995


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى