الجمعة ٦ حزيران (يونيو) ٢٠٠٨
بقلم جمال عبدالرحيم

لاجئ عن حبك

لاجئ بالجملة كشنفرى ..
ِ
لاجئ بالولادة ..

ولاجئ عن مضارب قوم أكرمونني. أبصرت بينهم النور فسارع كهنتهم يعمِّدونني بوثيقة اللجوء ..

ولاجئ عن حبك اليوم، ولا قلب يؤويني.

لاجئ تفتتُُّ منذ الصغر في الإنتماء إلى وطن سليب، فسُلِبتُ لأجله من أحلى أيام العمر. وتبعثرت اليوم قوافي الهوى والأوزان، وولجت من أجلك في هلامة من الحيرة والإنتماء. فاختلطت علي الألوان بعد أن رسمت لك الأحلام في الغمام وعقدت نجوم الليل لك في قلاد ..

تختلط علي اليوم الذكرى بالأحلام, وتختلف علي في كأسي تنهدات وآهات ..

كانت لي معك أيام..

ربيع وشتاء..

نسائم وزمهرير..

يوم في الجنة وعشرة أيام عبوس قمطرير في الجحيم.

وقانعا رضيت أن أكتوي في النار طمعا بما في جنتك من فتات نعيم.

كانت لي معك أيام..

من أجلك أحرقت سراجي أجتهد في علوم هواك . ووصلت ليلي بنهاري كراهب أبتدع في شرائع الهوى شريعة في هواك. وجعلت لك من فؤادي جنة لتخلدي الدهر فيها. وطمعت أن يكون لي في جنانك خباءً وعماداُ لأقوم به العمر في دين هواك.

قلت كوني في مواطن التشريد لي وطناً.

ووقفت في محشر حبك لأربعة اعوام مثل رجال الأعراف أجهل أي مأوى ستؤوينني. أو أي ملاذ سيكون معك ملاذي. أو أي جرعةٍ من كؤوس هواك ستسقيني. وبقيتُ في قيامة حبك طفلاً لا أكف عن الأمل والرجاء.

كانت لي معك أيام..

من أجلك ألجمت فراسي وتأهبت لأنطلق في واحات حبِّكِ وشواطئه اللامتناهية. وحبستُ نفسي عن كل فاتن وحسين. وأقسمت أن لا امرأة سواك .. وأن لا أحلق إلا في سمائك .. ولا أبحر إلا في حَوَرَ عينيك.
بادرتك بكل كأس وصال فلم ألقَ في دروب وصالك إلا أشواك جفاكِ وخنجر لامبالاةٍ تُمزق نياط القلب والأحشاء. فلم أعد أدري أي مسلك أسلكه في مسالك رضاك أو أي مذهب أقوم به في دين هواك.

كانت لي معك أيام ..

وكان منك لامبالاة أحرقت بساتيني حتى استحالت أعواداً ورمادا، ولم يبقَ في حقولي كرماً أعصره نبيذاً في غدٍ لأفراحي. ولم يبقَ في كأسي سوى قطرات أخشى إن جرعتها الآن أن تكون نذيراً بفنائي لاجئاً مشرداً طريداً بلا أوطان.

أبيتِ أن تكوني لي وطناً دافئاً, ومرفأ ألقي عندك مرساتي بعد طول سفر وعناء.

أبيتِ أن تمسحي عني نضباً تقاطر مني وأنا أغرس في حدائق حماك فسائل هواك.

أبيتِ ..

أبيتِ بعد أن ملكتِ كياني,ولم تأذني لي أن أبحر إلى أفقٍ واحد في أفاق عينيك.

أبيتِ لأنك لم تعرفي قبل حباً قط ,فحسبتِ ما شيّدتُه لنا فقاعة منامٍ, فكنتِ تتعجلين قشرها عنكِ فأردُك إلى حصني, فتخلدين إلى حقيقتي إلى حين ...

أبيتِ .. فرضيتُ اليوم أن أكون لاجئا عن حبك ..

بلا أشواك في العيون ..

بلا خناجر في الخواصر ..

بلا ندوب في القلوب ..

لاجئ عن حبك اليوم بعد أن احترقتُ فيه لاجئاً لسنين...


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى