الاثنين ٢٤ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠٠٨

لا يوجد خبز في البيت

بقلم: أحمد جلال

عمي سعيد، 43 عاما، جلباب بني تقليدي ذلك الذي ارتداه واستقر فوقه (جاكت) بذلة رقيق الحال، أعطته تجاعيد وجهه وشعره الأبيض عمر شيخ في أرذل العمر رغم صغر سنه النسبي.. بينما أعطته الغترة بلونيها الأبيض والأسود طابعا بدويا أو شاميا.

يقف مع من يقف في الطابور أمام الحاجز الكئيب بينما يفحص الجنود بروتينية- لم تخل من شك- بطاقاتهم وهوياتهم..من هم فوق الأربعين فقط هم أولئك الذين عفا عنهم القدر للحظات يستطيعون خلالها الصلاة في المسجد المقدس..لكنه لم يعلم بعد أنهم رفعوا السن إلى الخمسين بعد العملية التفجيرية الأخيرة، لذا اتسعت عيناه هلعا عندما استثناه الجندي الأبيض بغلظة من وسط الطابور البطيء الحركة..أخبره بعربية ركيكة أنه من الممنوع عليه الدخول..اعترض..صرخ..ضرب الجندي في صدره بغل رجل ظلم مذ فتحت عيناه على الحياة..لكنها لحظة مرت قبل أن يجد صدغه قد ارتطم بالأرض في عنف وقدم الجندي على صدغه الآخر..سالت دموعه الساخنة على الإسفلت..سحبوه بعيدا..

ليست دموع رجل فقد كرامته..بل دموع رجل لم يعد يملك شيئا سوى الهروب من أنصاف بشر في بيته الذي يلفظ أنفاسه الأخيرة..

لم يعد يملك سوى الصلاة..حتى هذه أصبحت بعيدة المنال...

ومن ساعتها اختفى الرجل..

البعض يقول أن الله اختاره بالجوار..

يؤكد البعض أنه هاجر لمدينة بعيدة حيث أقاربه بعد هدم بيته..

بينما يقسم آخرون أنه الآن أسير في سجن عبري..

المهم أنه لم يعد يستطيع الصلاة.

بقلم: أحمد جلال

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى