الثلاثاء ١ شباط (فبراير) ٢٠٠٥
بقلم حسام السعداوي

المستقبل في الوطن العربي للعربية الفصحي

رغم عدم وجود احصاء دقيق عن عدد المتحدثين باللغة العربية في العالم الا أنه يمكن الجزم بأن هناك ما يقارب 300 مليون يتحدثونها وأولئك يشكلون سكان العالم العربي اليوم ،ويضاف اليهم عدد كبير(بالملايين أيضا) من غير العرب من سكان دول آسيا شرقا ومن سكان الدول الواقعة جنوبي الدول العربية في أفريقيا والذين وان كانوا لا يتحدثون بها جميعهم في حياتهم اليومية فهم يقرأونها كما يستطيعون المخاطبة بها بمستوى أو بآخر.كما أن هناك انتشار للغة العربية والاهتمام بتعلمها في كافة أرجاء المعمورة.

وليس من السهل حصر اللهجات االعامية في اللغة العربية ،فهي عديدة ليس فقط بما يضاهي عدد الأقطار بل تتعداه نظرا لتعدد اللهجات داخل القطر الواحد.الا أن هذه اللهجات ليست متباعدة كما يبدو للمتسرعين في ابداء الرأي بهذا الخصوص.على العكس ويستطيع من تتوفر لديه معرفة جيدة بالعربية الفصحى أن يرى أن لمعظم الكلمات التي تبدو غريبة فيها جذور في العربية الفصحى.ولكنها تبدلت واتخذت أشكال جديدة كنتيجة طبيعية لعملية التثاقف (acculturation) التي جرت في هذه المنطقة الشاسعة وصاحبت عملية انتشار اللغة العربية فيها تاريخيا.

وبالضرورة فان العربية الفصحى هي ما يجمع هؤلاء جميعا على مستوى التخاطب .لذا فهي وسيلة الاتصال الناجعة بينهم وهي التي يمكن من خلالها تبلور ثقافة عربية معاصرة ومتميزة ومتطورة بالمحافظة على قدر من التماسك.والهوية تتجلى أساسا في اللغة.فمن ضاعت لغته ضاعت هويته وأصبح في مهب رياح ما أسميه بـ"الثقافات الغازية "اليوم.وسيجد نفسه تائها فيما بينها.

.انها اللغة كما هو معروف أداة التفكير.وهي تتطور بالتفكير.ان الفكر واللغة عمليتان متلازمتان في تطورهما.وحتى يتم استغلال غنى هذا العالم العربي بمقدراته الثقافية والعلمية ينبغي تطوير التواصل والتفاعل عن طريق ماهو مشترك في التخاطب أي بالعربية الفصحى.ولو لاحظنا التطور السريع في الفضائيات العربية نوعا وعددا خلال العشرية المنقضية لوجدنا أن هناك عامل هام دعم هذا التطور، وهو بالذات عامل سعة السوق(العدد الكبير للجمهور المحتمل).وهذا في الحقيقة يشكل أحد مقومات القوة رغم ما يشاع بعكس ذلك.ِكما وأن الفضائيات الأكثر جمهورا هي تلك التي تعتمد اللغة الفصحى في معظم برامجها.

هذا فقط مثال واحد وهناك غيره من الأمثلة على مستوى الصحافة والأدب والفكر عموما.ورغم كل شئ فان المستقبل في هذه المساحة الممتدة من المحيط الى الخليج هو للعربية الفصحى .وبالطبع يتطلب هذا اهتماما أكبر في تطوير مناهج تعليمها وجعلها أكثر يسرا .ولا ينبغي أن يقتصر ذلك على المناهج الدراسية بل يجب أن يتعداه الى برامج محو الأمية ،وهي (الأمية) الظاهرة التي تدعو الاحصائيات المتعلقة بها في وطننا العربي لاهتمام عاجل .كما ولا بأس من وضع برامج ميسرة لتعلم اللغة العربية تكون موجهه للجمهور العريض من من يلمون بها خارج الوطن العربي (في آسيا وافريقيا كما أسلفت وللمهتمين بتعلمها من غير هؤلاء).ولاشك أن هناك محاولات عديدة بذلت في هذا المضمار ،وعلى المستويات الثلاث، هنا أو هناك من أقطار الوطن العربي.يبقى أن يتم الالتفات لمن قاموا بهذا الجهد وتوفير الامكانيات لهم كما والاستفادة من تجاربهم في اطار فريق عمل ومن الأفضل أن توجد مؤسسة عربية مشتركه تلقى الدعم من الحكومات العربية والجامعة العربية.

أما على صعيد التعريب فيتطلب ذلك استثمار جاد في هذا المجال والاستمرار باتجاه توحيد المصطلحات على المستوى العربي وذلك في مجالات الثقافة والعلوم .

العقول متوفرة ، والمشروع حضاري بالدرجة الأولى، والحاجة اليه ملحة لمجابهة تحديات العصر ومخاطر "العولمة" (بمفهومها الاحتكاري والتوغلي-أنظر مقال"العولمة"..تساؤلات ملحة، نشر بتاريخ 31-12-2004 للكاتب) ولا يحتاج الى كم هائل من التمويل كما أن السوق مشجعة نظرا لحجمها..


مشاركة منتدى

  • انا مع الدكتور والكاتب المحترم الاستاد حسام واشاركه وجهة النظر التي تقول ان انتشار الفضائيات من مختلف الاقطار العربية قد ساهم مساهمة فعالة في تأكيد الترابط اللغوي بين مختلف شرائح المجتمعات العربية ليس فقط بين الاقطار المختلفة ولكن حتى داخل القطر الواحد ال>ي تتعدد فيه اللهجات وربما العادات والتقاليد...

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى