الأحد ١٩ نيسان (أبريل) ٢٠٠٩
بقلم رضا سليمان

عزازيل

رواية يوسف زيدان أم هيبا المصرى؟

لا جدال فى أن رواية عزازيل من أرقى الروايات الحديثة على المستوى العالمى وعندما تقرأ الراوية تشعر بحالة من التواجد فى هذه البيئة التى تقدمها بل وتشعر بالأبطال يتنفسون حولك حتى إنك قد تشعر بلهيب الغريزة يتدفق بداخلك إذا تدفق بداخل البطل (هيبا المصرى) وأيضا تجد نفسك فى حالة من الشوق والهيام وتتمنى لو أنك تقابل أوكتافيا أو هيباتيا أو تجد لديك رغبة شديدة فى الانتقام من قتلة هيباتيا، هذه الأمور تقف فى صالح كاتب العمل وذلك أنه استطاع بأسلوبه الخاص أن يشعرك بالحقيقة الكاملة والتلقائية الرهيبة فى الأحداث حتى كأنه يسرد سيرة ذاتية صرفة من واقع حدث بالفعل وهذا ما قاله كاتب الرواية د. يوسف زيدان عندما ذكر فى مقدمة الرواية أن هذا العمل ما هو إلا ترجمة صرفة لمجموعة من الرقوق التى عثر عليها فى أراضى منطقة الشام وخشى من نشرها وأوصى بعدم نشرها إلا بعد وقاته بأعوام ثم إنه نشره وهو مازال فى قيد الحياة.

بالاضافة إلى الهوامش التى نجدها بين الحين والأخر فى الرواية والدالة على أن هناك رجل عربى قرأ الرقوق فى فترة ما وكتب تعليقه عليها مما يؤكد أن قصة الرقوق حقيقية. ثم هناك الأحداث التى عرضها المؤلف والمؤكدة فى التاريخ الكنسى مما يجعلنا نشعر بأننا امام سيرة ذاتية حقيقية تؤرخ لفترة من الفترات.

ولكن مؤلف الرواية الدكتور يوسف زيدان يخرج علينا بحديث نشر فى جريدة الأهرام المصرية ليجيب عن سؤال: هل يمكن الإعتماد علي مخطوطات لإنجاز عمل روائي ؟ فيجيب قائلا: عزازيل لا توجد بها مخطوطات فالرواية كلها مؤلفة ولا توجد لها أصول مخطوطة لكني اخترت بنية معروفة مسبقا و وصلت بها الي حالة عالية من الإيهام جعلت القاريء دائما في حيرة وتساءل حتي يتفاعل بقوة مع النص ويتورط في الإنشغال بهذا الموضوع‏.‏

أقول إذا كان الأمر مجرد خداع وإيهام للقارئ كما يقول فذلك يعد صدمه حقيقية لا تليق بمفكر من وزن الدكتور يوسف زيدان وكان الأحرى به ألا يكتب على لسانه هو المؤلف أنه وجد الرقوق وترجمها و .. و .. فالمقدمة لا تدخل ضمن العمل الأدبى " الرواية " وإنما هى رسالة من المؤلف إلى القارئ وهذه الرسالة لا تحتمل الكذب والخداع إنما المصداقية الشديدة التى قد لا تتواجد داخل العمل الأدبى الذى يعتمد فى الأصل على الخيال .

وأرى أن الرواية كعمل أدبى لم تكن فى حاجة أبدا لمثل هذا الخداع أو لمثل هذه المكيدة كى يتم صيد القارئ حتى يتفاعل مع الرواية.

أعتقد أن الحقيقة هى أن الرواية فعلا ترجمة لمجموعة الرقوق الحقيقية التى تركها هيبا المصرى وهذا ما أكده يوسف زيدان نفسه ولكن بعد أن نجحت الرواية وحصلت على جائزة البوكر تم التراجع عن الموقف وقال مؤلفا ما قال عن كونها خيال كامل ولا أصل لها وهذا أعتقد أنه ذنب كان الاعتراف بالحقيقة أفضل بكثير منه، فلو كان ما تم فعلا إيهام وخداع للقارئ بعيدا عن الرواية فهذا ذنب!! وإن كانت ترجمة حقيقية لرقوق موجودة بالفعل فهى بذلك لا تعد رواية يوسف زيدان وإنما رواية هيبا المصرى ترجمها عن السريانية د. يوسف زيدان.

وهذا يضعنا أمام قضية أخرى وهى: ما أول رواية فى التاريخ المصرى ؟ كان الاعتقاد السائد أن رواية زينب لمحمد حسين هيكل هى أول رواية مصرية بالمعنى الأدبى الحديث للرواية ولكننا اليوم نجد عمل جديد تركه لنا هيبا المصرى يضعه بلا جدال كأول روائى مصرى ، ومن يدرى ما يحمله لنا الغد من أعمال أدبية لم يتم كشف النقاب عنها بعد .

وقبل أن أنهى أتوجه إلى الدكتور يوسف زيدان بكل الحب والشوق وأخبره بأننى فعلا فى انتظار روايته الجديدة ولكنى أرجو هذه المرة ألا تكون مصيدة أخرى .

رواية يوسف زيدان أم هيبا المصرى؟

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى