الجمعة ٨ أيار (مايو) ٢٠٠٩
بقلم نوزاد جعدان جعدان

الشّاعر الهندي شيلندرا حياتُه قصيدةٌ شعريّة

استطاع بقلمه أن يلتمس ويحتفظ بنبض الحياة، فهو قلم نابض بالأحاسيس ومدجج بالمشاعر ومسّلح بالعواطف، هو شاعر يكتب بيراع دواته الدموع، هو وجه لم يضيع في جمهرة المرايا بل بقى مرآة أصيلة فريدة وخير انعكاس وجواب لأسئلة القلب المضنية، هو إنسان أحبّ الحياة لدرجة جنونية فعشقه الموت وخطفه سريعا، هو ابن ثورة نهرو وابن الاستقلال، فقبعته روسية وقلمه فرنسي وأوراقه إنكليزية إلا أن أشعاره هندية وطنية تتغنى للوطن وتتغذى من قلب الشارع ..أشعاره لكل المناسبات والحالات فتتدرج من الولادة إلى الموت لتحمل كل الحياة بين طياتها.

فلنبحر في رحلة أدبية مركبها ديوان شعري اسمه الحياة وقبطانها شاعر مغوار اسمه شيلندرا مارين بجزر وخلجان هي قصائد وأشعار وغناء للحب والوطن والفقر والحياة ..والموت أيضا.

استفتاحية القصيدة:

ولد شانكر داس كيسرلال شيلندرا في 30 آب عام 1923 في مدينة روا لبيدي الهندي(هي الآن باكستان)، والدته بارفاتي ديفي ووالده سري كيسرلال القادم من منطقة بهار والذي كان متزوجا من قبل وله ابن وابنة، أما شيلندرا فكان الولد الأكبر لأربعة أشقاء.

انتقلت عائلته إلى ماثورا لتصبح حياتهم أفضل وليسير دولاب الحياة إلى الطرف الأيمن إلا أن الحياة انتكاسات وأفراح وأتراح، فمرضت والدة شيلندرا مرضا شديدا ومشى شيلندرا على شاطئ البحر حافي القدمين تحت أشعة الشمس التي أحرقت قدميه وهو يتضرع لربه ويدعو شفاء أمه ..

ولكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن فتوفيت أم شيلندرا وتركت حزنا عميقا في قلب هذا الشاب الأسمر النحيل .
بُعيْد وفاة أمه وفقدانه أجمل شيء له في الحياة، غادر ماثورا وتوجه إلى بومباي حينها كانت الهند في أوج نضالها ضد المستعمر الانكليزي وبدأ نسيم الاستقلال يداعب الجفون .

وبدأ مهنته بالطريقة الأرثوذكسية بالانضمام إلى وظيفة حكومية، كان ذلك في عام 1947 حيث أجبرت الظروف المادية الصعبة شيلندرا إلى العمل كموظف في السكك الحديدية، وأثر في شعره ظروف النضال كما أثر فيه استقبال الناس ووداعهم في المحطة وهو الباقي، فلعبت سكة القطار دورها في حياته ، ومشى مع الحزن كخطين متوازيين تماما كخطي السكة سوية ..

قافية الحياة :

وقع شيلندرا في الحب من فتاة ذوي أصول عريقة فخطبها من أهله ولم يوافق أحد من العائلة إلا أبوها الذي وافق على الفور فأقيم العرس فور الموالفقة وبعد العرس أعاد شيلندرا جميع الحلي والمجوهرات التي أعطاها والد زوجته لابنته وقال لها بأنه سيعيدها إليها ولكن بعمله ، وقتها كان شاعرنا مازال يعمل في محطة القطار وكان الشعر حبه الأول والأخير وهمه الدائم ، أصدقاءه في المحطة كانوا يسخرون منه ومن كتاباته ويصفونه بالمجنون الذي يهدر وقته بالكتابة وقراءة بعض القصائد التي لا تحمل معنى.

كان يستمتع يوميا بالمشي صباحا على شاطئ جوهو يستلهم من الطبيعة وغروب الشمس أفضل القصائد ومن عمله في المحطة يكتب أجمل الأشعار عن طبقة الكادحين .

في أحد الأيام بينما كان راج كابور المنتج والممثل المعروف يمر بشوارع بومباي يسمع صوتا قويا وتصفيقا مدويا وهدير الجمهور، فتوقف واستمع للشاب المتحمس الثوري وهو يتلو قصيدة ثورية بعنوان(جالتا هي بانجاب ) فأعجب بحماسه وعاطفته الطاغية على أشعاره والتفت إليه (حينها راج كان يخرج فيلمه أج ) وطلب من شيلندرا بعض الأشعار لأغاني فيلمه فرفض شيلندرا وقال بأن شعره ليس برسم البيع .

أجمل أبيات القصيدة:

وُلد طفل شيلندرا الأول وسماه شيلي وتأثرت حالته المادية وازدادت سوءا حيث كان يسأل زوجته إن كان سيأكلون البطاطا الوحيدة على الغداء أم العشاء، حينها اتخذ قراره وأيقن أنه لا حل له سوى راج كابور وليرَ هل مازال يرغب بقصائده أم لا!

زار شيلندرا راج وقال له : أنا بحاجة المال، هل مازال عرضك مفتوحا؟ ..رحب راج به وكان يستعد لإطلاق فيلمه برسات وانضم شاعرنا للفريق الذي اسطع سماء السينما الهندية (الشاعران شيلندرا وحسرت جابوري، الموسيقاران شنكر وجيكي شان، المغني موكيش والممثل والمخرج راج كابور).

وجلبت النجاحات المتتالية للأفلام الثروة مصطحبة الخدم لبيت شيلندرا، لم يكن شيلندرا يضطهدهم أو يقسو عليهم حتى أنه وبخ ابنته مرة بمجرد أنها طلبت من الخادم جلب حقيبتها المدرسية .

حقق شيلندرا جماهيرية عالية في حقبة الخمسينات وبداية الستينات وبرغ نجمه وتهافت عليه المنتجون وعمل مع عظماء الموسيقى الهندية أمثال (ساليل تشودري، رافي شانكر، أس دي بورمان ).

ولكن أفضل ما حققه كان مع الموسيقارين شنكر و جيكي شان وبعلاقته مع راج كابور التي كانت جداً وطيدة حتى أنه كان يدفع لشيلندرا 10000روبية عن القصيدة الواحدة وخصص له راتبا شهريا 500 روبية .

يكمن السحر في أشعار شيلندرا بأن كلماته وعاء عادي الشكل إلا أنه عميق جدا بمعنى كلمات سهلة وأفكار عميقة تصل للذروة بالتألق الأدبي.

له طبيعة رومانسية تجدها في أغنية (كويا كويا تشاند ) وروح مرحة تجدها في أغنية (تشاهي كوي موجي جانجلي ) وثقة بالنفس عالية (اسمان كاتراهون )ومشاعر وطنية (أب لوت تشالي ).

الخروج عن القافية :

أنتج شيلندرا فيلم (تيسري كاسام ) عام 1966 ففشل في شباك التذاكر ولتحل به عاصفة مادية ومعنوية وليجد نفسه لأول مرة بلا أصدقاء الذين هجروه، وتحققت نبوءته المرعبة الخاصة بأنه سيبقى وحيدا كما يقول في أغنية (مين أكيلا توناتا ) ..

الذين كان يعتبرهم سندا تحولوا إلى شامتين وساعده فقط راج كابور الذي عمل بدون أجر وصديقه المغني موكيش .

كان الفيلم من إخراج: باسو بهاتشاريا عن قصة قصيرة للكاتب المعروف ماري جاي جولفام وتمسك شيلندرا بالقصة الأصلية بحذافيرها متجاهلا نصيحة راج كابور بإضافة بعض البهارات التجارية للفيلم ليسوق بشكل أفضل.

و كان من المقرر أن يلعب البطولة فيه كل من الممثلين محمود ومينا كوماري وأن يصور في عام 1962 وأن يكون موقع التصوير في نيبال بيد أن المنطقة شهدت اضطرابات فألغي التصوير في المنطقة وتبّدل الممثلان ب راج كابور و وحيدة رحمن وموسيقى : شانكر جيكي شان.

والغريب في الأمر أن الفيلم الذي هزم في شباك التذاكر وتعرض لعاصفة من النقد في حياة شيلندرا، حصل على الجائزة الذهبية الرئيسية في أحد المهرجانات العالية المستوى في الهند وصار من أشهر الأفلام التي ظهرت في تاريخ السينما الهندية ولكن بعيد وفاة شيلندرا.

ختام القصيدة :

بدأت صحة شيلندرا تتدهور، وفي 13 ك1 عام 1966 شعر شيلندرا بأن أيامه معدودة فذهب للمشفى مع زوجته، وفي طريقه توقف عند مقر شركة أر كي لصاحبها راج كابور واخبره بأنه مازال يريد أن يكمل أغاني فيلم (ميرا نام جوكر) ووعده أن ينهيها في الغد .

وفي 14 ك1 من عام 1966 توفي شيلندرا في اليوم الذي صادف عيد ميلاد صديقه راج كابور وكان قد كتب بعض أغاني فيلم (ميرا نام جوكر) وقصيدة لم تكتمل تتحدث عن الحياة والموت أكملها من بعده ابنه الشاعر أيضا شيلي وتصنف الأغنية كأفضل الأغاني التي ظهرت في رحلة السينما الهندية وأطلق الفيلم عام 1970.

وهكذا انتهت حياة شاعر كانت حياته أغنية بدياتها إيقاع ونهايتها لحن ناي وكنتيجة طبيعية لسخرية القدر لشخص أحب الحياة خطفته منا الحياة مبكرا ولم يتجاوز بعد 43 ربيعا .

من أقواله :

(أنا ضوء الصباح الباكر ، لن ألقي أي ظلال ولن أترك ظلالا ورائي، إن الشمس والدي).
(حذائي ياباني وبنطالي بريطاني وقبعتي روسية لكن قلبي هندي ) مقطع من أشهر أغنية ظهرت غناها المطرب الهندي موكيش في فيلم شري 420من إخراج وبطولة راج كابور ونرجس .

جوائزه :

حاز على العديد من الجوائز نذكر أهمها وهي مهرجان الفيلم فير الذي يعتبر بمثابة جوائز الأوسكار الأمريكية :

1-جائزة أفضل كاتب كلمات أغنية في مهرجان الفيلم فير الهندي عن أغنية (ميرا ديفانا بان هي ) في فيلم (يهودي) عام 1958.

2- جائزة أفضل كاتب كلمات أغنية في مهرجان الفيلم فير الهندي عن أغنية( ساب كوش سيخا هامني ) في فيلم (أناري ) عام 1959.

3- جائزة أفضل كاتب كلمات أغنية في مهرجان الفيلم فير الهندي عن أغنية (مي جاون توم كو جاو ) في فيلم برهما تشاري عام 1968 بعد رحيله .

4- الميدالية الذهبية في المهرجان الرئاسي الهندي لأفضل فيلم لمنتجه شيلندرا عام 1966.

مراجع ومصادر البحث باللغتين الهندية والإنكليزية :

1-www.downmelodylane.com

2—indianscreen.com

3-www.bollywoodsoundtracks.com

4-en.wikipedia.org/wiki/Shailendra

5-www.india-forums.com/printer_friendly_posts.asp?TID=51861

6-www.upperstall.com

7- كي لا ننساك شيلندرا بقلم : أملا مازمود


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى