الثلاثاء ٢٦ أيار (مايو) ٢٠٠٩
بقلم عبد الله المتقي

السرد ذاكرة

صدر مؤخرا عن مطبعة الأمنية بالرباط كتاب (السرد ذاكرة) للقاص والباحث الدكتور المغربي مصطفى يعلى، يتناول الكتاب بعض ما تراكم في الذاكرة القصصية المغربية من سرود عبر عقود محدودة، وليس من قبيل الصدفة أن يخصص الكاتب هذا العمل لذاكرة السرد المغربي خصوصا ما يتعلق بمرحلة الإرهاص والتأسيس.

في الباب الأول يتحدث الكاتب عن المبدع المغربي المعروف أحمد عبدا لسلام البقالي، باعتباره قامة وازنة وذاكرة قصصية، وهذا يعني أنه أحد أبرز واضعي الحجر الأساسي للقصة والرواية المعاصرتين بالمغرب، يوم كانت القصيدة التقليدية سيدة التلقي، إضافة إلى أنه من السباقين إلى كتابة رواية الخيال العلمي بالمغربي بروايته (الطوفان الأزرق)، والأكثر منه،أن المبدع البقالي مبدع ماطر في أهم الأجناس الأدبية من شعر وقصة ورواية ومسرحية.

في نفس الباب خصص الكاتب فصلا للسجل الفلكلوري في قصص البقالي، حيث النكهة المحلية المقرونة بالمشاهد الفلكلورية التقليدية والغرائبية في مجتمع مدينته الصغيرة (أصيلة)، ويتابع الكاتب أنابيشه في الذاكرة السردية، ليخصص الفصل الأخير من الباب الأول لتجليات المدينة في المتن القصصي لدى الرواد، حيث ارتباط هذا الجيل المؤسس بالمدينة ارتباطا مألوفا ووجدانيا، والذي ميز معظم قصاصي هذا الجيل، فبرزت فاس لدى غلاب، وعبدا لمجيد بنجلون، وعبدا لرحمان الفاسي، ومحمد لحبابي، وتجسدت أصيلة في كتابات احمد عبدا لسلام البقالي، وظهرت تطوان في أعمال الخضر الريسوني، أما عالم سلا والرباط ففي كتابات محمد اشماعو وبوعلو ومحمد زنيبر، في هذا السياق يرى الباحث أن هناك عوامل معينة ساهمت في هذا الاهتمام بالمدينة والتعبير عن أناسها ومشاكلها، منها اشتعال الحس الوطني، والرغبة إنعاش الحركة الأدبية الفتية اتقواء الشخصية المغربية.

الباب الثاني جاء بصيغة المؤنث، الفصل الأول كان خصيصا لخناثة بنونة المرأة والأديبة المغربية الاستثنائية، بمناسبة صدور مجموعتها (ليسقط الصمت) في طبعتها الثانية التي تحضر في تفاصيلها موضوعة مركزية، المرأة المسكوت عنها، المغتربة، المتأزمة، والمتحدية للعلاقات الاجتماعية التقليدية
في السياق، يتحدث الكاتب في الباب الثاني عن إرهاصات وريادة القصة المغربية النسائية، وكذا طبيعة تلقي التلقي النقدي لقصص (ليسقط الصمت)، بين مؤيد ورافض

وفي الفصل الأخير من الكتاب، اختار الدكتور يعلى ان يكون إسدال الستار، اضاءات سردية اختار لأبواب السبعة العناوين التالية:

• الصحافة تستنبت القصة العربية القصيرة
• بحثا عن النموذج الإنساني في القصة المغربية القصيرة
• جدارة القصة القصيرة جدا
• الصورة في الرواية
• بناء الصورة في الرواية الاستعمارية
• الحكاية الخرافية للمغرب العربي

وفي ختم هذا الكتاب الذاكرة نقرأ " تلك صورة ذواكر سردية،آثرنا أن نضيفها إلى مثيلاتها مما سبق لغيرنا من الباحثين أن خاض فيه، على أمل انجاز المزيد والمزيد حول تراثنا السردي المغربي والعربي، الذي ينتظر دوما من يكشف عن أوجه غناه المعمقة "

ويبقى أن نشير أن هذا الكتاب يعتبر مساهمة في تأسيس ذاكرة سردية، تتغيا القطيعة مع ثقافة النسيان و الحلقات المفقودة، حتى لا يبدأ كل جيل من صفره الخاص، كما يتغيا (سرد الذاكرة) استقواء المواطنة السردية


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى