الجمعة ١٠ تموز (يوليو) ٢٠٠٩
بقلم بان ضياء حبيب الخيالي

رمل أبيض

عبودية...!

صحراء...رمالها بيضاء...ناعمة كالحرير....ثائرة كاللهب.... أتوه في مفازتها البعيدة...أنا وقيودي الحديدية التي حجّلت ساقي وسورت معصمي... قدماي الحافيتان تغو صان في نعومة كاللهب...اجر أقدامي بوهن...فتخشخش سلاسلي لتحفر نحو الأعمق في رخاصة جلدي...تجيبها خشخشة أجراس أفاعي في الجوار...تغور القيود عميقا.....تدور وتتلوى حولي أعمدة رمال في مشاريع التفاف قوية تقلد فيها رقصات أعاصير غربية أعجبت بها في احد البرامج....أسمالي ترفرف...خصلات شعري المعفرة بذرات لامعة تضرب وجهي كالسياط...محاولة الفرار مني نحو أقدار جديدة...وهج الشمس يعميني...ارفع يدي المكبلتين لأحمي نجمتين من الأفول...هو لا يأبه بعذابي يجرني بقوة..بسلاسله الحديدية التي تفري معصمي.....ينذرني بجلد قلبي إن توقفت لوهلة...اجر أنفاسي بصعوبة...تجِدّ قدماه بصولة على الرمال البيضاء...طويل رشيق اعشقه...رغم انه مستعبدي.... أرى سرابا من بعيد صورة مهتزة أظنها بئر ماء....يتروى آسري يرمي السلاسل من يده...يتلقفها الرمل الأبيض....يركض هو لينهل من البئر يشرب، يشرب، يشرب...أنا سغبة يكاد العطش يفري كبدي...أتقدم بحذر يرمقني بطرفه الفتاك...لا..لا أظنه يمانع أن اروي عطشي أتقدم بحذر أتجاهل..بتردد... نظراته التي تخترقني من اقصاي إلى اقصاي بجنون....اتكئ على حافة البئر....انظر للقاع...فأجده ممتلئا مدادا.....!

شعب التبغ...!

في مناظرة تلفزيونية...تبارت فيها غابات السنديان مع حقول التبغ قطعت مندوبة غابة السنديان تصريح شجيرة التبغ المتشدقة بجودة أوراقها واغصانها وعملها على إيجاد وتطوير قابليات البقاء لشعب التبغ...قاطعتها السنديانة بترفع قائلة... أنها ان شعبها هوا لأقوى والأصلح للبقاء... فهي شجرة معمرة من فصيلة ذوي الأعمار الطويلة..وقبائل السنديان معروفة للجميع بأنها الأقدر على تحمل الصعاب والظروف المناخية القاسية...قبل ان تكمل شمخت شجيرة التبغ بأنفها عاليا وهي تخن:

ـ إن بقاءك مقرون ببقائي....!

هزت السنديانة كتفيها بلا مبالاة وتابعت الحديث لجمهورها عن أصالة فصيلتها وقوة جذور عشيرتها وقدرتها على مقارعة يد الزمن نحو الخلود...بعد فترة بنى...بنو البشر معملا ًللتبوغ واقتطعوا كل شجيرات حقل التبغ فازدهرت تجارة التبغ في أرجاء المدن المجاورة...وقبل أن تكتمل فرحة غابة الصنوبر....جاء (البشريون )مرة أخرى....ليقطعوا كل أشجار غابة السنديان...لأن تجارة التوابيت ازدهرت بازدهار تجارة التبوغ....!

بياض...!

كابوس يطرق بابي كل يوم عند الفجر يبتدئ يومي بإطلاق رصاصة تفتتح مارثونا يوميا ً...اركض اركض اركض....شوارع تلفضني..لتلتهمني أخرى...أحجار الطريق تشوطني وأشوطها والإسفلت الأسود يرتشفني متلذذا....في يوم جاء الفجر ودغدغت أنامل الشمس جفوني المرتجفة...لم اسمع صوت اطلاقة بل خفقات حبيبة لأجنحة من نور تحيط سريري تساءلت...بانشداهه بيضاء....عن ضجيج المكانس وقرقعة الأواني وصخب السيارات في المدينة تناهت إلي همهمات ملائكية تعدني بزمن نسيته منذ صرخة الولادة.....وتسربل إلي صوت احد خيالات تلف سريري كرجع صدى غائر....

ـ أنا آسف...لقد توفيت......!


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى