الأحد ١٦ آب (أغسطس) ٢٠٠٩
بقلم عزيز العرباوي

نصف حمار

كانت المدرسة التي يرأسها عباس توجد بمنطقة نائية ب إقليم الحوز قرب مراكش، ولذلك فرضت عليه ظروف العطش الذي يعانيه التلاميذ والعاملون معه بالمؤسسة نفسها إلى الدخول في شراكة مع الجماعة القروية لشراء حمار لنقل المياه إلى المدرسة وإنقاذ التلاميذ والمدرسين من العطش. وكان له ذلك وتمكن من عقد الشراكة مع الجماعة بعد أن وافقت النيابة على طلبه، ليفرح السيد عباس فرحاً قل نظيره. لكن الأيام والقدر كانا له بالمرصاد، توفي الحمار قبل أن ينهي عمله الذي أنيط به وهو إرواء عطش الظمأى من التلاميذ والمدرسين. تحسر عباس كثيراً على الحادث. وليتمم عمله الإداري كتب تقريرا مفصلا للنيابة التعليمية عن الحادثة التي أودت بالحمار وبالتالي ضياع فرصة تمكين التلاميذ والمدرسين من المياه دون عناء كبير.

عنون السيد عباس تقريره بعد الديباجة المعروفة عادة بِ "نصف حمار"، هذا العنوان كان يقصد به أن ثمن نصف الحمار هو الذي شاركت به الإدارة الجماعة في شراء الحمار كله. هذا الفعل جر عليه الكثير من الانتقاد والسخرية، بل عمل بعض الظرفاء من موظفي نيابة التعليم على نسخ عدد كبير من تقريره وفرقوه على زملاء لهم ولعباس ومعارفه وعلقوا نسخا أخرى على جدران النيابة لتكتمل المسرحية الهزلية التي كان السيد عباس بطلها الأساسي ونصف الحمار موضوعها.

عرف عباس أن كل الذين يتعامل معهم لا يرقون إلى رتبة الاحترام ومبادلته مع الآخرين، ليظهر له بعد ذلك أن الخمول الإداري هو الوسيلة الوحيدة للحفاظ على ماء الوجه...


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى