الثلاثاء ٢١ شباط (فبراير) ٢٠٠٦
بقلم أحمد حسن أحمد شوشة

للرجال فقط ..

صباح يوم من الأيام ومنذ عامان طرأت لي فكرة أن أجرب أن تكون سيارتي المخصصة لنقل الركاب ( سرفيس ) مخصصة للرجال فقط حتى لا يحتك الرجل بامرأة والولد بالبنت وووو..

المهم قمت بالتنبيه على الصبي ( المُحصل) أن لا يقوم بتحميل أي إمراة و التنبيه على الركاب بل الركوب بأن السيارة مخصصة للرجال فقط و ان هناك سيارات أخرى عديدة تقوم بالتحميل المختلط .... كنت أنوى أن أكون أول شخص يبتكر طريقة الحمولة المخصصة حتى يقوم زملائي السائقين بنفس الشئ وتخصيص سياراتهم إما للرجال أو للنساء أو سيارات مخصصة للعائلات حتى لا يسأل سائل لو أن هناك زوج وزوجة أو رجل و أبنته أو ما إلى ذلك ..

هذه الفكرة ليست جديدة ولكن باصات النقل العام أول صفين من المقاعد مخصصة للنساء وفى مترو الأنفاق سيارة أو سيارتين مخصصتين للنساء .

المهم بدأنا العمل بهذه الطريقة وتم تحميل أول دور بتذمر شديد من النساء و غبطة وسرور من الرجال بل وتشجيع للفكرة والدعوة بتعميمها وخاصة أن الرجال مع بعضهم البعض يأخذون حريتهم فى الكلام والمزاح و أيضا النساء كذلك ...

تذمر النساء وتقوم بلعني أنا والصبي والسيارة وصاحبها والرجال تزداد سرور قد يكون لأنه أول مرة يشعر الرجال بأن المجتمع بدأ يعطى لهم وجهه بعد أخذت النساء كل شئ الشقة والنفقة و الأولاد وحتى حق الطلاق أخذت المرآة حق الخلع بجانب الحقوق الاجتماعية التي منحهن إياهن مصطفى كمال أسا ترك وهى الخروج بدون محرم وكشف الوجه و العمل جنبا الى جنب مع الرجل حتى أصبحت تزاحمه فى لقمة عيشه بل وتزاحمه فيها .. لدرجة إنك تجد معظم أو كل طلبات العمل مكتوب إعلان ( مطلوب آنسة جميلة للعمل ) ونادرا ما تجد إعلان ( مطلوب عاملين من الجنسين) .

وسار الأمر كذلك حتى أقترب الساعة من الثانية عشر ونحن نناطح فى النساء وهن يناطحن فينا وقلت فى نفسي ربما لأن الفكرة جديدة لابد من الاعتراض عليها لفترة ثم سيتعود الجميع عليها وخاصة أنى أريد خيرا للجميع وهو عدم الاحتكاك الذي أصبح عادة سيئة من شدة الزحام وأكاد أرى أن النساء فقدن إحساسهن بالمناطق الحساسة فى أجسادهن من كثرة الاحتكاك لأن همها هو الركوب بسرعة للذهاب للعمل أو العودة للبيت وجسدها مش مهم من يضع يده أو قدمه أو ....؟

وفى تمام الثانية عشر وجدت فريق من سيارات الشرطة والمرور و المباحث و أمن الدولة تحيط بالسيارة وتم إيقافي بطرقة إرهابية حتى ظننت أن السيارة ملغومة ويريدون إفراغها بسرعة من الركاب وإيقاف القنبلة أو أي شئ خطير سيحدث .. المنظر لم أره سوى فى الأفلام السينمائية فقط ولم أتعود أن أرى منظر كهذا فى الشارع .. تم إقتيادى عنوة لقسم الشرطة و أنا لا أدرى ماذا حدث هل تم الإبلاغ عن السيارة أن بها مخدرات أو ماذا بالضبط فسألت الضابط الممسك ببقة قميصي ماذا حدث يا سيادة المقدم نفسي افهم ؟؟ فقال فى تهجم : ماتستعجلش هتعرف كل شئ .

أمام وكيل النائب العام فوجئت بقائمة اتهامات لا أتخيل أن أكون قد فعلتها ..

أولا : التحريض على فتنة تضر بأمن الدولة .
ثانيا : الامتناع عن التحميل مخالفا بذلك اللوائح و القوانين .
ثالثا : ........ ثالثا : ............ رابعا : ............ خامسا :................
قضايا إجمالي أحكامها مع الرأفة لا تقل عن مؤبد إن لم يكن إعدام وخاصة الجناية الأولى وهى تخص أمن الدولة وما أدراكم ما أمن دولة ..
تم اقتيادي إلى حجرة الحجز بأمر السيد وكيل النائب العام أربعة أيام على ذمة التحقيق وتفنيد القضية أمن دولة طوارئ ولن أحكى لك عن أول ليلة فى الزنزانة فهي تحتاج قصة بذاتها يعينني الله وأكتبها فلقد ذكرتني بأيام وليالي كانت توقظني مفزوعا من نومي كلما مرت باحلامى إحدى مشاهدها .. فى الصباح تم إقتيادى فى مباحث أمن الدولة للتحقيق .. وهناك أيضا لن أروى لكم ماذا رأيت وشاهدت فكنت عادة ما أغمض عيناى كي لا أتذكر رهبات المكاتب فلقد تحايلت على نفسي بنسيانها حتى لا تذكرني بمشاهد تفزعني و أنا مستيقظ وجسدي يقشعر ويرتعد كلما تذكرت تلك الأيام ..

المهم أمام الضابط المنوط بالتحقيق معي وجدت دوسيه أصفر اللون مجل عليه أسمى راعياً ورقم مسلسل .. وكلمة تعودت عليها (( أمن الدولة طوارئ )) أعرف هذا الدوسيه جيدا ..

هنا لم أستطيع مقاومة توارد الذكريات و المشاهد وكأن ذلك الدوسيه مفتاح باب الذاكرة التي خرت الذكريات كأنك فتحت باب خزان مملؤ عن آخرة ..

أهلا بشاعرنا العظيم فينك يا راجل واحشنا من زمان ... كانت تلك أولى كلمات الضابط لي ثم فتح الدوسية وقال .. رفقا مولاي رفقا إني أتنفس ظلما .. تلك كانت كلماتي منذ عدة سنوات وأنا طالب كنت قد أرسلتها ببرقية للسيد الرئيس وأنا لا اعي أن تلك الكلمات بمثابة جريمة وقمت بالإعتزار وعم مؤاخذتي وخاصة أن سني صغير ولا أعي الأمور السياسية كما ينبغي وتم تلقيني درساً لن أنساه عمري وخرجت بعدها ناسي كلمة سياسة وكلمة وطنية لدرجة أنى نسيت اسم السيد الرئيس بنفسه وخرجت و أنا ناوآ على نسيان اى شئ لا يعنيني كل ما يعنيني دراستي ولا شئ سوى ذلك ... ذلك كان الدرس ويجب على تنفيذه وكنت قد نفذته بالفعل .... فما الجديد والله لم أتحدث فى السياسة ولم يظرف لساني بكلمة تخص الدولة ولا شئونها لا الداخلية ولا الخارجية .. فماذا حدث ..؟ كانت تلك أفكاري و أنا أقف أمام سيادة العقيد المحقق .. و انتظرت طويلا أمامه وهو ينظر إلىً تارة وينظر إلى المكتوب فى الدوسيه تارة أخرى ويقلب أوراق الدوسيه وكانت كلها تحريات عنى وعن خط سيرى منذ خرجت من عندهم آخر مرة وكلها كانت لصالحي ..
وقطع الصمت سؤال طرحة فجأة .. أية اللي جرالك يا أبو حميد ؟؟ ما كنت ماشى كويس إيه اللي قلبك ولا أنت نسيت اللي أتعلمته هنا ..؟

فأجبت بسرعة .. لا لا لا والله يا فاندم لقد نفذت تعليماتكم بالحرف الواحد ولم أتحدث فى السياسة من يومها ونسيت كل شئ ولم يعد يعنيني اى شئ .. فطرح سؤال آخر .. أومال أية اللي جرى ؟؟ عايزتعمل فتنة ؟؟ فديت لا و الله لا فتنة ولا حاجة كل الموضوع أنه صعب عليا الحريم وهن يتزاحمن على الركوب مما يؤدى للاحتكاك وهذا يؤثر فى .. فقال بحزم وأنت مال أهلك؟؟ بدأت نبرات صوته تزداد حدة وصوته يرتفع فأرتعد جسدي وشعرت أنى أكيد سآخذ درسا ثانيا طالما أنى لم استوعب الدرس السابق وخاصة أنى الآن رجل ومسئول مسئولية كاملة عن كل تصرفاتي ليس كما سبق كنت حدث غير ملم بمجريات الأمور كما كانوا يتصورون حينها على العكس طبعا ولذ أكتفوا بدرس لن أنساه طوال عمري .. ترى ماذا سيحدث معي هذه المرة ماذا سيفعلون بي ...؟؟؟ ألف سؤال ورد بخاطري بدون إجابات ... ولم أسمع منه كلمة مع أن عيناى تنظر إليه وشفتاه تتحرك ولكن أذني لا تستطيع سماع كلمة واحة منه .. صفير مستمر وطنين كأني بداخل موتور طائرة نفاثة لا أستطيع سماع أي شئ ... أعذروني لن أستطيع التواصل معكم وأستأذنكم تأجيل باقي الحديث للمرة القادمة ..


مشاركة منتدى

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى