الخميس ٢٤ أيلول (سبتمبر) ٢٠٠٩
بقلم أوس داوود يعقوب

صفحات من حياة مكللة بالغار

ولد أنيس عبد الله صايغ، ابن القس الإنجيلي عبد الله يوسف صايغ، في مدينة طبرية (بفلسطين) في 3/11/1931 في طبريا، وأنهى دراسته الابتدائية في المدرسة الحكومية للبنين بمسقط رأسه (1939- 1946) والثانوية في مدرسة صهيون بالقدس ثم في (مدرسة الفنون الإنجيلية) في صيدا (لبنان) التي انتقل إليها بعد الاحتلال الصهيوني لمدينة طبريا سنة 8194، والتحق بالجامعة الأمريكية في بيروت (1949- 1953) فنال شهادة البكالوريوس في العلوم السياسية والتاريخ، وعين أستاذا للتاريخ العربي في القسم الفرنسي بالجامعة الأمريكية (1956-1957).

و اشرف على تحرير الزاوية الثقافية والتاريخية في جريدة النهار، كما عمل مستشاراً للمنظمة العالمية لحرية الثقافة. ثم التحق بجامعة كمبردج بانكلترا (1959- 1964) للدراسة وتخصص في دائرة الدراسات الشرقية بجامعة كمبردج (1959- 1964)، لينال شهادة الدكتوراه في العلوم السياسية والتاريخ العربي، وعين فيها أستاذا في دائرة الأبحاث الشرقية، فمديرا لإدارة القاموس الانكليزي العربي (1964- 1966)

وفي العام 1966 وصلت أنيس برقية من شقيقه،المفكر والدبلوماسي، الدكتور فايز صايغ (1922- 1980) الذي كان قد أسّس مركز الأبحاث في منظمة التحرير الفلسطينية أوائل عام 1965، كجهاز للبحوث والدراسات والتوثيق للتعريف بالعدو، يطلب منه العودة من إجازته في لندن للبحث مع رئيس المنظمة ـ آنذاك ـ المرحوم أحمد الشقيري في مشروع سبق أن كلّمه فيه بإصدار موسوعة فلسطينية وكان اللقاء في كيفون، لكن تحوّل اللقاء اثر استقالة فايز من منصبه إلى تعيين أنيس مكانه فشهد البحث الفلسطيني عصره الذهبي قرابة عقد.

حيث عمل في مطلع آذار 1971 إلى إطلاق المجلات فأصدر «شؤون فلسطينية» (1971 – 1977) وهي دورية تصدر كل شهرين باللغة العربية، و «المستقبل العربي» (1978 – 1979) و «قضايا عربية» (1979 – 1981) و «شؤون عربية» (1981 – 1982).
ومنذ تولى الدكتور أنيس زمام الإشراف على (مركز الأبحاث) ببيروت وهو يتحفنا بأهم المؤلفات التي تتناول موضوعات شتى عن قضية فلسطين، وتؤكد أنه ناقد ذواقة في اختيار نفائس الكتب.

كما حقق انجازات هامة وكبيرة كإنشاء مكتبة ضخمة، وإصدار اليوميات الفلسطينية، ونشرة رصد إذاعة إسرائيل، وإنشاء أرشيف كامل يحتوي على كافة الأمور التي تعني الباحثين. وتابع بدأب من خلال الدراسات الموثقة أكاديمياً قضايا العدو إلى جانب المؤلفات التي تتناول موضوعات القضية الفلسطينية.

في كتابه الأخير، الذي حمل عنوان (أنيس صايغ يكتب عن أنيس صايغ)، الصادر عن دار رياض الريس للكتب والنشر، في بيروت، في أيار /مايو 2006، في (534) صفحة قطعاً كبيراً، ويضم الكتاب تسع محطات رئيسة في حياة المؤلف. المحطة الأولى بعنوان، (في المنبت) والمحطة الأخيرة (في التقاعد). يقدم لنا الدكتور صايغ نماذج حية من مواقفه الثابتة من قضية فلسطين والصراع العربي – الإسرائيلي.

و لأن العدو الصهيوني لم يرض عن قيام المركز في بيروت. فقد قام بعدد من الاعتداءات الإرهابية المدمرة عليه في فترات مختلفة وعلى العاملين فيه، وفي مقدمهم مديره العام الدكتور أنيس صايغ نفسه.، كان آخرها سرقة أرشيف ومكتبة المركز في بيروت عام 1982. مما ألحق بالمركز أضرارا جسيمة. وخلال 12 سنة سقطت قافلة من الشهداء.غير أن المركز واصل تحدي (إسرائيل).

يقول الدكتور أنيس: (واصلنا تحدي العدو. وكان الصمود ومتابعة المسيرة هو الرد الأقوى على المحاولات الإرهابية. ولو لم يكن عملنا يخيف العدو ويؤذيه مباشرة لما كان حرصه على إلغائنا نحن أكثر من سائر الدوائر والمؤسسات والهيئات الفلسطينية، التي أعلنت الحرب على (إسرائيل)، بمجرد قيامها وبقائها. وهكذا كنا، في المركز، ننظر إلى الاعتداءات كأوسمة شرف وكاعتراف من العدو بأننا نهدد وجوده. كنا نؤمن بأن المعركة الثقافية مع العدو هي من صميم الحرب، وهي من أمضى الأسلحة لأنها هي التي ترشد الأسلحة الأخرى وتعزز قوتها.) (ص 258).

وكان أن حاولت "إسرائيل" اغتياله أكثر من مرة، وأبرزها كانت الرسالة المفخخة التي بترت أصابع يده وأثّرت في نظره وسمعه.يقول د. صايغ: (إن العدو (الإسرائيلي) صمم على قتلي. وحاول ثلاث مرات. ولم ينجح). (ص 475).

وعلى الرغم من الإنذارات التي تلقاها، يقول د. صايغ، إلا انه لم يبدل نمط حياته في المركز. وبقي يزاول نشاطه كالمعتاد. ويضيف: (إلا انه في تموز عام 1972 هزّ انفجار الرسالة الملغومة المرسلة إليه في وجهه، هزّ، الغرفة، والمبنى كله (سبعة طوابق). وعلى اثر ذلك نقل إلى مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت، حيث تولى ثلاثة أطباء اختصاصيين معروفين معالجته لمدة تسع ساعات متواصلة (ص 254 - 255)، بيد أن إذاعة العدو أعلنت، اثر الانفجار، بثلث ساعة، أن الدكتور أنيس صايغ قد مات. (ص 475).

وكان الموساد الإسرائيلي، قد استهدف في 9/7/1972 الكاتب والصحافي غسان كنفاني في منطقة الحازمية، حيث فجرت سيارته فاستشهد مع ابنة أخته لميس على الفور.

وموقف أنيس صايغ من العدو الإسرائيلي كان دوما واضحا:

انه موقف المحارب، ولكن بأي سلاح ؟ كلنا يعلم أن سلاح أنيس لم يكن يختلف عن سلاح غسان كنفاني ووائل زعيتر وكمال ناصر وماجد أبو شرار وغيرهم من شهداء الكلمة الفلسطينية وقوافل الأدباء والكتاب ورجالات الفكر والثقافة في فلسطين.. انه سلاح القلم و الثقافة و الفكر. وفي كتابه، يعيد، إلى الأذهان، إلى انه قال للراحل ياسر عرفات، رئيس اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير الفلسطينية، بالحرف: (لقد جئت إلى المركز لأحارب (إسرائيل). (ص 241) ويرى أن (إسرائيل) هي العدو الأكبر لي ولأمتي العربية. (ص 257).

خمسون عاما من النضال لإلغاء الكيان المغتصب

من أبرز ما جاء فيما كتبه أنيس صايغ، عن أنيس صايغ، وهو في الخامسة والسبعين من عمره مواقفه الثابتة والدائمة من (إسرائيل)، منذ قيامها في العام 1948 وحتى الساعة. فهذه المواقف لم تتغير، كما غير العديد من السياسيين والثوريين القدامى والمفكرين والمؤرخين وسواهم. ففي مؤلفاته العديدة لا ترد (إسرائيل) إلا بين قوسين. وهو يرفض اعتراض المعترضين لذلك، والذين يفترضون أن القوسين جهل وتجاهل لوجود (إسرائيل). هذا ويعتبر أن وجود (إسرائيل) حالة غير طبيعية وغير أصلية وغير صحيحة (504).

وفي هذا السياق يقول المؤلف بالحرف:(خمسون سنة ومسعاي تحرير فلسطين أولا وأرض العرب كلها ثانياً، لإلغاء الكيان المغتصب وعودة الشعب المقتلع وتحرير الإنسان والأرض معا. وفي الوقت ذاته أمارس الصنعة الثقافية لتصبح المعرفة بعد التحرير ركناً أساسيا في بنيان فلسطين الغد. فالثقافة تحرر. والتحرير يثقف وهدفهما معاً معنى حضاري) (ص 12).

و يقول في موقع آخر: (لم أقم في حياتي بعمل أو نشاط إلا وكان القلم الأداة التي تُعزي ولا تخون. فأنا لستُ إلا كاتباً، ولا اعترف بمهنة إلا مهنة الكتابة التي بقيت أحوم في سمائها وأغوص في بحار حبرها والورق).

أما عن القلم الذي التصق بأصابع أنيس صايغ حتى لكأنه منها صار شرياناً أو عصباً فقد اعترضته وقائع أليمة راحت تتحول الى نوادر للتسلية وفكاهات للدعابة. فهو اذ يتحدث عن علاقة الثقافة بالسياسة يحيلنا إلى العلاقات بين السيد ياسر عرفات وبينه في ثلث قرن من الزمان ويترك الحكم على السيد ياسر عرفات وعلى تجربته معه للقارئ وللتاريخ بغير أن يسمح لنفسه إلا بتقديم الوقائع بما أوتي من أمانة ودقة وموضوعية وصدق. وهنا يضيف أنيس صايغ «أما أن يُعتب عليَّ بأني أنبش صفحات من الذاكرة عن عرفات بعد رحيله فأمر مردود ومرفوض، لأن هذه الصفحات جزء أساسي من تاريخ شعب وقضية وثورة. و إن تجارب المرء الشخصية حق من حقوق الأمة وتراثها الثقافي والسياسي والنضالي وليست ملكاً لفرد يستأثر بها ويتستر عليها».

وأنيس صايغ، إذ تعود به الذكريات إلى العام 1966 يقول: «كنت أجلس في صالون فندق شبرد العريق في القاهرة برفقة كبير مناضلي فلسطين وسيد شهدائها وديع حداد وفجأة دخل عدد من الرجال وولجوا المصعد بسرعة فقال لي جليسي: هل عرفت الرجل القصير الذي تقدم هؤلاء؟ أجبت: لا. فقال: انه ياسر عرفات رئيس فتح. ثم أردف: انه شخص خطير. احذر منه.

ولما أصبح عرفات رئيساً لمنظمة التحرير الفلسطينية وانتقل إلى لبنان بعد مجازر الأردن، رغب سامي العلمي مدير البنك العربي في بيروت 1969 أن يعرّف أعلام الفلسطينيين في لبنان الى رئيسهم الجديد فأقام حفل استقبال في دارته في بعلشميه، وكان الصيّاغ الثلاثة يوسف وفايز وأنيس بين المدعوين. وإذ قال نبيل شعث لياسر عرفات: أعرفك إلى الدكتور أنيس صايغ مدير مركز الأبحاث «فمدّ إليّ يده بتردد وفتور وتمتم «بتاع الشقيري؟» ومضى إلى مدعوين آخرين.

ويتابع أنيس صايغ قائلاً: «لم يكن الجفاء في تلك المقابلة الخاطفة حادثة عابرة، وإنما تكررت بصيغ مخالفة. فمن بين عشرات اللقاءات بين الرجل وبيني في مدى ربع قرن، بقيت العلاقات مضطربة والودّ مفقوداً! »

ولقد كان مركز الدراسات منذ صدور قرار إنشائه مستقلاً استقلالاً ذاتياً غير خاضع لأي جهاز في منظمة التحرير، ومستقلاً عن فصائل المنظمة العسكرية والسياسية والثقافية والاجتماعية والتربوية والنقابية والأهلية. وكان أنيس صايغ يعلن بيقين مبرم أن المركز لفلسطين وحدها وليس لجماعة أو منظمة أو جهاز، التزاماً بالميثاق الوطني الفلسطيني وانطلاقاً منه، واحتكاماً به

ومن أمثلة كثيرة يعطيها أنيس صايغ على حرصه أن يكون المركز حراً غير تابع لأي فصيل، حفلُ الاستقبال الذي أقامه في الذكرى الخامسة لتأسيس المركز، وتوجيه أولى الدعوات إلى ياسر عرفات الذي لم يعده بالحضور ولم يعتذر. وإذ شعر صايغ بعدم حماسة عرفات في الحضور طلب إلى كمال ناصر أن «يتوسط» لئلا يسيء الناس فهم غياب عرفات وهو في البلد. وجاء عرفات بخطى مترددة بصحبة كمال ناصر ووقف لدقائق معدودة ثم غادر وهو يقول لكمال: لقد شعرت بأني في مكان غريب لا علاقة له بالثورة.

وكل من يعرف الدكتور صايغ يشيد بغيرته على القضية الفلسطينية وشرح ظلامتها،
والسؤال الذي قد يطرحه المرء: من أين جاء هذا العشق العارم لفلسطين من قبل الدكتور صايغ ؟ السؤال مشروع، لأننا نجد إجابته في متن الكتاب، السيرة: (الحس الوطني والالتزام بخدمة الوطن يقعان في صميم الفضائل التي زرعتها التربية العائلية في نفوسنا منذ الطفولة. ولعل مطلع الترنيمة، التي كنا نرددها دوما، "محبة الأوطان من الإيمان" تلخص المفهوم الإنجيلي لعلاقة الفرد بأمته، وبالطبع، فان المحبة تعني التزاماً بالعمل وخدمة وتضحية، وليس مجرد تعبير منمق) (ص 38).

د. صايغ: أكاليل الغار من حق المنتصرين فقط

وفي موضوع الانتماء السياسي التحق أنيس صايغ بالحزب السوري القومي الاجتماعي أيام الدراسة في الجامعة الأميركية (1949ـ1953) ثم راح يوزع وقته بين مركزين ثقافيين كبيرين «النادي الثقافي العربي» في رأس بيروت و «الندوة اللبنانية».

وهو يقول عن نفسه إنه فلسطيني ولبناني وسوري، وسورية كما يراها أنيس صايغ هي أساس الحضارة في العالم. وفيها يقول أنيس صايغ: «إن لكل إنسان في العالم وطنين يدين لهما بالولاء: مسقط رأسه وسورية».

أما عن مدينة الولادة والنشأة وأيام الطفولة والصبا فطبريا تبقى عند أنيس صايغ سيدة المدائن وعميدة الأمصار لأنها الأساس والقاعدة ومآل الأحلام والتطلعات. هي الأعز في القلب والأقوى في الوجدان وهي التي لم يتخلَّ عنها أنيس صايغ طوعاً ولم يستبدل بها بيروت إلاّ مرغماً. فبيروت عنده هي المحطة النهائية، قبل العودة إلى طبريا التي يخشى أن تبقى حلماً في الخيال. وإذا يستطرد أنيس صايغ في تسجيل أحلامه على الورق يقول: «بالرغم من أن الندم لا مكان له في حياتي فأنا أعترف أني أخطأت اذ لم أتخصص بعلم التاريخ. كنت أتمنى لو أُتيح لي أن أغوص في عالم الآثار وأصرف العمر بين الحجارة والحطام والغبار لأن دراسة العهود الغابرة أكثر عظمة وأقل مرارة من دراسة تاريخنا المعاصر. فالحجارة على الأقل أصدق من الإنسان وأكثر شفافيةً».
يسهب أنيس صايغ في وصف مسقط الرأس والحياة الهانئة في شمال فلسطين، فيدوّن الشاردة والواردة، في المنزل العائلي وخارجه، ناهيك عمّا كان يحدث في فلسطين ومحيطها، ففي وعيه وفي لا وعيه أثر البصمات الدينية عموماً والمسيحية خصوصاً في تربية أبناء العائلة البيتية، فوالده عبدالله قسّ المدينة على المذهب الإنجيلي المعروف بالبروتستانتي، وكذلك الجوّ العلمي والثقافي في المنزل، حيث الكتاب زينته وثروته الأساسية وملء الخزائن والرفوف: كان أثاث المنزل بسيطاً وقليلاً إلا من الكتب الكثيرة العدد والغالية الثمن. وقد اعتدنا أن يكون لكل فرد في الأسرة مكتبته الخاصة به، من الوالد إلى أصغر الأبناء. وأذكر أن مكتبة الوالد كانت تحفل بالموسوعات والمعاجم. وكانت مكتبات يوسف وفايز وتوفيق هي الأكثر كتباً(ص43).

وفي العام (1969- 1970) عين رئيسا بالإنابة لقسم الدراسات الفلسطينية في (معهد الدراسات والبحوث العربي) في القاهرة. ثم عمل عميداً لمعهد البحوث والدراسات العربية التابعة للجامعة العربية. كما عمل مستشاراً لجريدة القبس الكويتية، فأنشأ لها مركزاً للمعلومات والتوثيق.

و في العام 1980 عين في جامعة الدول العربية كمستشار للامين العام، وكرئيس لوحدة مجلات الجامعة. وهو صاحب فكرة وضع الموسوعة الفلسطينية. سعيا إلى لمّ الشتات الثقافي وذاكرة فلسطين تاريخاً و جغرافيا وتقاليد ومواويل..

في العام 1993 تقاعد الدكتور أنيس صايغ (عندما بلغ 62 عاماً) بعد أن وصلت حالته، كما يقول، (إلى أقصى درجات الإحباط من الخارج، مع إرهاق جسدي وتلاشٍ من الداخل). فكان قراره بأن ينتقل في حياته من مرحلة إلى أخرى. وفي هذا السياق يقول: (أتقاعد دون أن أتقاعس. إني اثبت للناس أن التقاعد ليس موتاً، ولا تقدماً على طريق الموت، ولا هرباً، ولا أسلوبا مهذباً من أساليب الهرب. قررت أن أتقاعد مع المحافظة الكاملة على الالتزام والخدمة والاستعداد للتضحية، إنما بأشكال عديدة، تتناسب والظروف الجديدة، الجسدية والمعنوية) (ص 474).

وأنيس صايغ الذي عاهد الحياة أن يموت واقفاً، كان تلميذاً متفوقاً في المدرسة الابتدائية، حيث كان يحتل دائماً المرتبة الأولى لمدة سبع سنوات على التوالي. ونقل عن مدير مدرسته قوله: (كان أنيس الوحيد في فلسطين الذي حقق هذا الانجاز) (ص 114).

وكما في المدرسة، كذلك في الحياة، كان أنيس صايغ المناضل والمؤرخ والباحث والمعلم، متفوقاً بامتياز. انه واحد من بين عشرين كاتباً عربياً أثروا الثقافة العربية في الخمسين سنة الماضية. وهو الفلسطيني الوحيد بين هؤلاء. جاء ذلك في التكريم الذي أقامه الاتحاد العام للكتّاب والأدباء العرب لمناسبة العيد الخمسين لتأسيسه.

هذا وكانت صحيفة خليجية قد كرمته باختياره واحداً من ابرز مائة مثقف عربي في القرن العشرين في آخر العام 1999. (ص 507).

ومنذ زمن تحاول بعض المؤسسات العربية أن تكرم الدكتور صايغ. إلا انه يرفض إقامة أي احتفال تكريمي له. معللا ذلك بقوله: (ما من فلسطيني، أو حتى عربي، يستحق أن يكرم وفلسطين ما زالت ترزح تحت نير الاحتلال) (ص 506).

و يتابع إنه يقبل التكريم بعد العودة إلى فلسطين. وينهي كتابه بحلم العودة إلى طبريا، مسقط رأسه، وبأمانة ننقل ما جاء في آخر سطور من كتابه:

(كما قلت سابقاً، ما من فلسطيني، ولا عربي يستأهل التكريم ما دامت فلسطين لا تزال تخضع لحكم الغاصب المحتل. وعندما يحوّل أنيس صايغ تلة أم قيس، شرقي نهر الأردن، من شرفة يطل منها على طبريا السليبة يروي برؤياها غليل الشوق إلى محطة متقدمة على درب النضال نحو طبريا. آنذاك يحق لصدره أن يحمل وساماً. إن أكاليل الغار من حق المنتصرين فقط، العائدين فعلاً إلى المنابت التي حرروها ليمارسوا فيها حرياتهم).

المؤلفات:

عالج الدكتور أنيس صايغ بقلم التجرد والإنصاف موضوعات قومية حساسة إيمانا منه بان من حق وطنه العربي الكبير عليه أن يكشف الحقائق، ويوضح خفايا وملابسات لصقت ببعض القضايا العربية حتى أصبحت جزءا منها. ومن الكتب التي صنفها وخرجت في عدة طبعات:
 [1]


[1

1. لبنان الطائفي، بيروت 1955. دار الصراع الفكري، بيروت، 1957.
2. الأسطول الحربي الأموي في المتوسط، بيروت، 1956
3. جدار العار، بيروت، 1957.
4. سوريا في الأدب المصري القديم، بيروت، 1958.
5. الفكرة العربية في مصر، بيروت، 1959.
6. تطور المفهوم القومي عند العرب، دار الطليعة، بيروت، 1961.
7. في مفهوم الزعامة السياسية: من فيصل الأول الى جمال عبد الناصر،المكتبة العصرية، بيروت 1965.
8. الهاشميون والثورة العربية الكبرى، دار الطليعة، بيروت 1966.
9. الهاشميون وقضية فلسطين، المكتبة العصرية، بيروت 1966.
10. فلسطين والقومية العربية، مركز الأبحاث الفلسطيني، بيروت 1967.
11. بلدانية فلسطين المحتلة، مركز الأبحاث الفلسطيني، بيروت 1967.
12. المستعمرات الإسرائيلية منذ 67، مركز الأبحاث الفلسطيني، بيروت، 1969.
13. ميزان القوى العسكري بين العرب واسرائيل، مركز الأبحاث الفلسطيني، بيروت 1969.
14. الجهل بالقضية الفلسطينية، مركز الأبحاث الفلسطيني، بيروت، 1970.
15. رجال الساسة الإسرائيليون، بيروت 1970.
16. أيلول الخطأ والصواب ذكريات العام 2000، دار بيسان، بيروت، 1994.
17. المثقف العربي.. همومه وعطاؤه، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 1995
18. قسطنطين زريق: 65 عاما من العطاء (تحرير) دار بيسان، بيروت، 1996.
19. الوصايا العشر للحركة الصهيونية، مركز الإسراء للدراسات، بيروت، 1998.
20. أنيس صايغ عن أنيس صايغ، رياض الريس للكتب والنشر" في بيروت،2006
21. نصف قرن من الأوهام
ترجمة:
1. فن الصحافة، بيروت 1958.
2. قمح الشتاء، بيروت 1958.
3. مقالات في القضية الفلسطينية، بيروت 1956.
4. المؤسسات والنظم الأمريكية،بيروت 1964.
شارك في تحرير العديد من القواميس والموسوعات والكتب منها:
1. الموسوعة العربية الميسرة، مؤسسة فرانكلين، القاهرة 1965
2. قاموس الكتاب المقدس، مركز الأبحاث الفلسطيني، بيروت، 1967،
3. دراسات فلسطينية، (بالألمانية)، مركز الأبحاث الفلسطيني، بيروت، 1967
4. يوميات هرتزل، مركز الأبحاث الفلسطيني، بيروت، 1967،
5. من الفكر الصهيوني، مركز الأبحاث الفلسطيني، بيروت، 1968،
6. فلسطينيات ج1،ج2، مركز الأبحاث الفلسطيني، بيروت، سنة 1968-1969،
7. الفكرة الصهيونية-النصوص الأساسية، مركز الأبحاث الفلسطيني، بيروت، 1970
8. العمليات الفدائية خارج فلسطين المحتلة، مركز الأبحاث الفلسطيني، بيروت، 1970. رئاسة تحرير:
1. مجلة العلية، بيروت، 1956-1959.
2. سلسلة اليوميات الفلسطينية، من المجلد 2- 11، مركز الأبحاث الفلسطيني، بيروت،1966-1970.
الجوائز:
• وسام الاستحقاق السوري بمناسبة صدور مذكراته: أنيس صايغ عن أنيس صايغ، 2006.
• درع معرض المعارف للكتاب العربي والدولي، في بيروت، تقديراً لعطائه الفكري والثقافي، والتزامه بالقضايا الوطنيّة والقوميّة، وما رفد به ثقافة المقاومة.
• سيف فلسطين رمزاً للصمود، من الاتحاد العام للكتاب الفلسطينيين في دمشق 2006..

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى