الاثنين ٢٩ آذار (مارس) ٢٠١٠
بقلم محمد محمد علي جنيدي

مجرد حلم

أخيراً مات بعد طول صبر وانتظار ولكن أهكذا يكون موت الملوك والعظماء! فعندما يموت إنسان بسيط لا يشعر به أحد اللهم إلا ذويه وسائر المقربين له على أقصى تقدير، على كل حال الَََّذي مات اليوم هو الملك (صاحب العصمة) وقد غربت الشمس عن سماحة محياه وتهاوى التاج من فوق رأسه المباركة!! نعم – تهاوى التَّاج و كلُّ شيء - وهاهو الآن تتلقَّفه وتتخطَّفه أيادي الراغبين في الحكم والملك، لا بأس، فلكلِّ أجل كتاب، المهم أنَّ الرجل الكبير قد مات فعلاً، ومن المهم عندي أيضاً هذا الَّذي تُخبئه خزائنه الذهبيَّة - أو هكذا - حدَّثتني نفسي، لأنني كنت قد سمعت كثيراً ومنذ زمن بعيد بأنهم سوف يتحفَّظون على معظم تركته ليُنفقونه على روحه الطَّاهرة،.. لعلّ وعسى أن ينتفع به في عالمه الجديد!! - ولكن - الَّذي أصابني بالأسى هو هذا البيان الَّذي تلاه كبير وزراءه على شاشات التلفاز عقب وفاته مباشرة وبعد أيَّتها الرَّعيَّة: إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون.

أقول لكم ولكلِّ من تصوَّر أن خزائن الملك فيها ما فيها فهو واهم واهم، ذلك لأن صاحب العصمة رحمه الله كان قد أوصى في مرض وفاته الأخير بأن ننفق كلَّ ما في خزائنه على شعبه ورعيته وهو على قيد الحياة وأن تُصفَّى أرصدته بالبنوك وتُعطى إلى فقراء وطنه الكبير ولقد تم تنفيذ جميع ما جاء بوصيته في حياة عظمته بالفعل، كما إنَّكم وكما تعلمون عنه كم كان الراحل العظيم حريصاً كلَّ الحرص بألَََّا يمتلك أي أصول ثابتة مما تعلمون، ذلك ليَلقى ربَّه ومولاه وهو - نظيف اليد.. جميل العمل.. أبيض القلب، وهذا هو عهده بكم دائماً، اللهم ارحمه لصبره على مرضه الََّذي ألَمَّ به وطال وصبر عليه كثيراً وقَدِّسْ يا ربَّنا روحه الطَّاهرة الشَّريفة واجعل مثواه الأخير الفردوس الأعلى)) انتهي البيان. 

 فإذا بي أجدُني أنهض مُسرعاً وأُغلق التلفاز لكي لا أسمع مزيداً من هذا الهراء، وقلت في نفسي أهو مزح أم عبث؟! أم هم دائماً كعادتهم يستخفُّون بنا وبعقولنا؟!.

آهٍ.. كم كنت أنتظر هذه اللحظة بفارغ الصَّبر وأنا لست فرحاً بموت عظمته بقدر ما فيه من حلول لمشاكلي، كم كنت أحلم بإنجاز المطلوب منِّي وإتمام مسؤوليتي من أثاث ومنقولات والحصول على مسكن الزوجية، كم كنت أودُّ أن أترحَّم عليك يا رجل!! ما هذا كلُّه !.. أوَ هكذا أنت أيها الملك حَيّاً كنتَ أو مَيِّتاً؟!، ثم تلفظت غاضباً تارة وبكلمات غير مسموعة تارة أخرى – وما هي إلّا لحظات قليلة – وقد رُدَّ لي عقلي ثُمّ هدأتُ وأنا أتوجَّس خيفة!! وإذا بي أدعو الله: يا ربِّ.. يا ربَّ: ها أنا أدعوك تضرُّعاً و بشيء أنت تعلمه في نفسي – ويا لأعماق نفس يعقوب فكم أسرَّت إليك بالكثير الكثير ولكن.. (المفاجأة) الَّتي كانت تنتظرني وأنا على هذا النحو من الحسرة إذا بآذانِ الفجر ينساب إلى أذني المسافرة ويستنهض جوارحي الراقدة ويستفيق وعيي المستريح فعلمت وأدركت أن خبر وفاة الملك وبيان كبير وزراءه واختلاط شعور الفرح والحزن بنفسي وغمامة الإحباط التي أحاطت بي وحتَّى ما أسررت وتضرَّعت به إلى الله – قد كان هذا كلّه - بستر الله وبحمده.. مجرد حلم!!.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى