الاثنين ١٩ نيسان (أبريل) ٢٠١٠
بقلم فلاح جاسم

قانون الحمير 

 
أطلق سعيد النار على حمار الجيران، عندما قام ذلك الحمار بإغتصاب حمارتهم على مرأى من جميع أهل بيته، حيث كانت فضيحتهم كبيرة ؛ ووجود أخواله كضيوف عندهم. ما دفعه لإطلاق النار فأردى ذلك الحمار الذكر قتيلاً عقاباً له على فعلته التي «سودت وجوههم»، تنادى جميع أهل القرية فعلم أهل الحمار ما حلّ به، فثارت ثائرتهم، وقد نيل من كرامتهم بقتل حمارهم، فأطلقوا النار بشكل عشوائي ما أدى إلى مقتل أبي سعيد وأحد أنسبائه الضيوف. 

أُجلي أصحاب الحمار عن القرية من قبل بعض الجيران حقناً لدماء الناس والحمير على حدٍ سواء، وتكفل البعض بجمع المحصول لهم حيث كان الوقت أوائل شهر أيار ؛ وقت الحصاد، بما أنهم لا يستطيعون البقاء في القرية، رأى أخوال سعيد توكيل محامٍ «شاطر» بدل الأخذ بالثأر وكان هذا رأي خاله (مطلق ) الذي يعمل مهندساً معمارياً، وفعلاً تــمّ توكيل القضية لمحامٍ معروف بذكائه وبأنه " واصل " أيضاً ومن عشيرة معروفة، يعني سيكسب القضية كما قال لهم: (بفلوس، بدبوس) مهما كلّف الثمن. 

حضر الخصوم الجلسة الأولى، والكل يترقب في قاعة المحكمة والشرطة مدججة بالسلاح خشية أن يتشاجر الطرفان في المحكمة، حيث جرى تفتيش جميع من حضر تفتيشاً دقيقاً، ومُنعت الحمير من حضور تلك الجلسة.

عند افتتاح الجلسة طلب القاضي من محامي الإدعاء الكلام أولاً، حيث ابتدأ كلامه: سيدي الرئيس، حضرات السادة المستشارين، إنه بالقطع أن ذلك الحمار متهور ومدسوس من قِــبَـل أصحابه لكسر " شوكة " عائلة موكلي والنيل من تاريخهم العريق العريض الطويل، وذلك بإغتصاب حمارتهم، إذ أنه من غير المعقول أن يقوم بفعلته في غير موسم التلاقح بين الحمير، حسب جميع السلالات.. فإزداد اللغط في القاعة، فأسكتهم القاضي بقوله: هدوء.. هدوء.. من فضلكم، ثم طلب رفع الجلسة مباشرة بغية استشارة أطباء بيطريين من دول أوروبية لديهم خبرة في سلوك الحمير المقارن وتفكيرها ومواسم تلاقحها، وعند عقد الجلسة التالية سيطلعهم على النتيجة وعلى ضوئها سيُقرر الحكم. احتج المحامي الموكل من قِـبَـل أسرة سعيد بأن الأمر تمييع للمسألة برمتها وتضييع للحقوق، شأنها شأن جميع المحاكم الدولية والأدلة المتصلة بها. 

في الجلسة المقررة بعد شهر واحد، وقد تفاجأ الحضور من سرعة الحصول على النتيجة، وبأن الحمير قد أنشأت منظمة دولية لها، ترعى شؤونها، بأن لا تزيد حمولة الحمار البالغ عن خمسين كيلو جراماً، ويُصرف له على الأقل ثلاثة كيلو جرامات من الشعير يومياً، وله الحق في التلاقح مرة في السنة إبتداءاً من أخر شهر شباط وحتى أخر شهر أيار أي بداية من انتهاء موسم تلاقح القطط كي لا تشتهي بعض القطط الزائغة عيونها بعض الحمير ذات الوسامة والعيون الكبيرة. 

ومنذ ذلك الوقت تمنى جميع العرب أن تكون لهم منظمة تدافع عنهم بهذه الصلابة ولا تنبطح أمام أي «لوبي» مهما كان مؤثراً في الرأي العام العالمي.. ومنذ ذلك الوقت أصبح نعت (حمار) يدل على الأنَفة والرِفعة والشرف وعدم ضياع الحقوق. 


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى