الأربعاء ١٩ أيار (مايو) ٢٠١٠
بقلم زياد الجيوسي

أأنتِ «امرأة في بلاد الحريم »؟

وحقيقة احترت في مفهوم المرأة، ومفهوم الحب وماذا تريدين؟ فأنا الذي عشق بصمت وألم عبر عصور ولم افعل إلا أن (عتقت روحي كي تفر إلى دمك)، وجلت العالم والمرافئ أبحث عنك (أنثر بذار الخيل)، لا لشيء إلا أن (أجنيها معك)، حلمت بلقاء يجمعنا معاً، نتوحد أرضاً ووطناً، وحلمت أن (أجراس نهديكِ مدائن قد غفا فيها الحمام)، فانتظرت يوماً يجمعنا بأرضٍ أنت وأنا (وشفاهك الحيرى بنار رحيقها)، كي نشعل الحب من جديد بركاناً، فلم أجد إلا رفضاً كأنه وفاءً (لأحلام الطغاة)، الذين اغتصبوا براعم الياسمين (منذ صار الشرق عصفوراً) لأحلامهم وطغيانهم، فذبل الياسمين على الشواطئ المغتصبة (فعرائس البحر استقالت)، ووجدت نفسي وحيداً مع (ثلوج دمعكِ التي عبأتها في قوارير الصلاة).

أغادر المكان إلى المكان، أنتظر همساتك أن تطل بكلمة من بين (شفاهك التي أجلت قبلاتها)، لأعود وأضمك وأحتضن روحك (وخصركِ الذي يغيب في ثلوج نارك)، واركض وإياك عبر المسافات حتى يتصبب العرق منا، فارتشفه من بين طيات سهوبك وتلالك، فليس لي إلاك من قصة عشق، وأنت (كقطة مشاغبة) تجتاحك شطحات الجنون، فتجعلين من روحك وروحي (غرباء في صمتنا المملوء بالكلام)، وتتركين قلبي (وحده معلقُ على النوى)، فهل يمكن للمكان أن يجمعنا وترفضين الحب؟ ألم تدركي بعد أن لقاءنا الذي كنا نحلم ليس إلا (عشقنا نلمه تفاحةً بريةً، ومن شفاهه الحياة نرتشف)، وانك كنتِ في سنوات عمري وستبقين ضوء قمر، وأني قضيت العمر أحلم (أن أنام في محارةِ الكلام قصيدة وعرسها انتظار).

تعالي وكوني معي فأنا (أريد أن أقول للعبيد أن لي قصائدي)، وان المدينة لي ورام الله لي وفيها (أراقص الغيوم في كفيكِ)، وفيها (أنام في القصيدة التي نكتبها بصمتنا)، فدعي حبك لي، قلبك لي، جسدك لي، كي (أطير من جديد)، فأنا لم أعتد أن أكون في المساء (كقطة متعبةٍ ألملم بعض النهارِ لأفرد بعضي)، فمنذ عشقتك أسطورة أنثى ووطناً وأنا (قابض على جدائل النارِ)، وكنت أرى فيكِ وحدكِ من تبتسم (وتغطي دمعَ النشوةِ برموشِ ظفائرها)، وتحلمين رغم البعاد باللقاء وأن (دم العاشق ممزوج ببياض الوقتِ)، وأنا أحلم بك وأتابع الخطى وأتساءل عن (خطوات العاشقِ كيف أخبئها؟)، فأسير إليك وإلى لقاء يمازجنا، يصهرنا، و(يفضحني المطر المتعمشق حبات العينِ).

من لي غيرك والأرض من معشوق أبذل له الروح فرحاً، فتعالي من جديد لنرقص رغم (أن الراقصين مضوا)، وأنتِ ما زلت رغم القسوة التي تنثريها في فضائي (طفلة تلهو بأشواك الثلج)، وأنا ما زلت (ألهو مع الأحلام في حديقة البراءة)، وما زلت أعشقك تربة خصبة تمنح الحب وأراك (مدينة من النساء في دمي تموج)، وأحتمل كل النار التي تشتعل ما بين الضلوع فما زلت (أنا طريد النارِ، أهوى ألم النار بين أصابعي)، وما زلتِ أنت فيء زيتونة تمتد من الناقورة لرفح، وستبقين رغم كل البعاد (قصيدتي التي..، حبيبتي التي خبأت فيها الحزن.. خبأت العسل)، وكانت روحك وما تزال (تهزني كالنار إذ تهز خصرها الثلوج، فبردها مدينتي ونارها ولوج).

تجول في فضاءك خفافيش العتمة التي استولت عليكِ بورقة وقرار، فأرادت أن تحيلك حارس الليل لدفن أحلامي، أما أنا فما زلت أرى (شفاهها مدينة يشتاقها العسل)، وأنك ستعودين من جديد (كقطة برية تخرمش الأشياء)، وأنك ستبقين أبداً (خريطة قصائدي) وأطيافي المتمردة، وأنك وحدك من بين المدائن من (تكسر المصباح كي ترى ضفيرة النهار)، وأنك لن تكوني أبداً امرأة (في بلاد الحريم)، حيث هناك (كل شيء مباح، الهوى والخديعة ُ النّوى والجراح)، وأنا أبحث عن وطن (أعتلي سيوفه لأشتري العذاب)، وأبقى أحلم بك حباً أزلياً لأن (شفتاي من عطش تجيء)، وأنا وحدي من يمتلك (الأبيض المسروق من شفةِ الندى)، ولن أتوقف عن الحب ولن أتخلى عن فيء الزيتون والصبّار الذي يحلم أن يصبح شقائق نعمان، وسيبقى (اللازورد مدينتي إن هزني بعض التعب)، ولن يصبح أبداً (تفاح قلبي يابس مما اعتراه).

أعدك أني لن أموت، وسأبقى أنا في جراحي (ساكن سفينة الرؤى يتأمل صمت المدينة)، وأنت رغم كل الجراح ستبقين (غزال قرناه قلب المدينةِ) وسيبقى بيننا (الهوى نافر كالجديلة)، وسأبقى في مدينتي (تؤويه ويسقيها ويعتب أن مضى زمنُ بغير مجيئه فيها)، وسأبقى أجول الحب والمدينة (غزالُ قد من غسقٍ)، وتبقى روحك رغم العتمة (هي العتباتُ يدخلها) حبي (فتنفتحُ وتنغلق)، فهل يمكن لروحك أن لا تضمني وهي تراني وتراه قلبي (تراه إذا ينحني للتراب الذي ينجرف).

* كل ما هو بين أقواس للشاعر جهاد أبو حشيش من ديوانه امرأة في بلاد الحريم الصادر عن دار فضاءات- عمّان 2007


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى