الخميس ١٠ حزيران (يونيو) ٢٠١٠
بقلم محمد عبد العزيز السقا

أنا .. وزوجتي.. والسمك البارد!!

لم أكن أعرف أن أخطاء زوجتي التي كنت أحسبها كبيرة لا تساوي شيئاً بل هي ليست أخطاء في الواقع، لم أكن لأعرف ذلك حتى أجرب أخطاء غيرها، طبعا أنا لا أقصد بكلمة (غيرها) زوجة غيرها حتى لا يفهم كلامي بطريقة خاطئة، فأنا ومثلي كثيرون لا يمكنني التفكير في تلك الفعلة التي تعتبرها زوجتي (جناية) تستوجب القصاص، وأنا أيضا لا أنوي فعل ذلك أبداً، فأنا أحب زوجتي وحياتي ولله الحمد، ولكن قصدي هنا بـ(أخطاء غيرها) أقصد أخطاءي أنا. فقد شاءت الأقدار أن تحمل زوجتي وأن يكون في حملها ضرورة تستلزم راحتها التامة، وبالتالي كان الواجب يناديني لأتحمل أعباء المنزل قليلاً، وكانت المفاجأة: ليس الأمر سهلا كما كنت أتصور، إن مهمات الزوجة في المنزل بالغة الصعوبة، تلك المهمات التي كنت أظن أنها بسيطة، وأنه يمكنني القيام بها في أسرع وقت، وكنت لا أغفر أي خطأ، بل كنت أتفنن في استخراج الأخطاء والعيوب في الطعام وفي شتى الأمور، وكنت أظن أن تحضير وجبة الغذاء مثلاً: لا يستغرق أكثر من عشر دقائق، خاصة إذا كنت أنا قد قمت بعمل بطولي خارق -من وجهة نظري- واشتريت لها السمك من السوق، بل وقد قمت بشوية أيضا في المحل، وبالتالي فليس عليها سوى إعداد الأرز، والسلطة، والخضار، وتجهيز المائدة، وتمليح السمك في الماء الساخن مع الملح والثوم والبهارات اللذيذة، فقط هذا هو دورها البسيط.

اليوم قررت مساعدتها. فقمت بتمليح سمك إضافي غير الذي قامت هي بتمليحه. كان السمك محفوظاً منذ الأمس بالثلاجة، وبعد أن قمت بالعمل الجبار في تمليح السمك جلسنا على المائدة تناولتُ سمكةً من تلك التي قمت أنا بتمليحها، وتناولت هي سمكة من تلك التي أعدتها هي، بدأت في الأكل وكانت هي مستمتعة في حين كنت أنا ألاقي الأمرين في مضغ قطعة السمك التي في فمي فقد كانت لاتزال (باردة كما هي) فتمليحي لها لم يكن جيداً .. سرحت بخيالي أتذكر عشرات المرات التي أكلت فيها السمك ساخناً وشهياً وليس بارداً كهذه المرة، وأخذت أفكر: كيف نكون ظالمين نوعاً ما في نظرتنا لزوجاتنا وفي مطالبنا التي لا تنتهي، بل والأغرب في جفاءنا معهن وعدم شكرهن على ما يفعلن، جهلاً منا بقيمة ما يقمن به، مع أن الواحدة منهن تهتم حتى بأدق التفاصيل، في حين يكون الواحد منا مستلقياً على ظهره يشاهد التلفاز، أو يقلب صفحات الإنترنت، مكتفين نحن بتوجيه النقد لأداءها في الطعام وكأننا قد تخرجنا للتو من مدرسة الطهو الفرنسية في حين أننا لا نحسن حتى تمليح السمك البارد..!!

انتبهت من سرحاني على صوت زوجتي وهي تقول "مالك حبيبي؟" قلت لها:"لاشيئ .. لاشيئ نهائياً" قلتها وأنا أكمل تناول سمكتي الباردة لأخفي معالم جريمتي وأخفي معها وللأبد نقدي اللاذع لزوجتي التي تفني حياتها في خدمة هذا البيت الصغير.

وبالهنا والشفا...،


مشاركة منتدى

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى