الثلاثاء ١ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠٠٥
في مسابقة القطان
بقلم إمتياز المغربي

فخ السرد السياسي و الكليشيهات طغت على غالبية النصوص المطروحة

أضاف برنامج الثقافة والعلوم التابع لمؤسسة عبد المحسن القطان هذا العام، حقل الكتابة المسرحية إلى هذه المسابقة من أجل تشجيع الكتابة للمسرح، كجنس أدبي مسهوٍّ عنه في المشهد الأدبي الفلسطيني، وللمساهمة في خلق جيل من الكتاب المسرحيين القادرين على رفد الحركة المسرحية بنصوص محلية.

وقد حقق البرنامج في سنته الأخيرة تزايداً واضحاً في نشاطاته كيفاً وكماً، وإنعكس ذلك من خلال موازنته التي بلغت 345 ألف دولار، فقد استحدث البرنامج بعض المنح والحقول مثل منحة دعم العروض المسرحية، وجائزة النص المسرحي ضمن مسابقة الكاتب الشاب، وجائزة توم هارندال للصورة الصحافية. كما قررت إدارة البرنامج مؤخراً أن تؤسس جائزة خاصة تحمل اسم "جائزة القطان التقديرية لعمل ثقافي مميز" تمنحها المؤسسة لعمل ترى أن له أثراً واضحاً على المشهد الثقافي أو الفني في فلسطين، وذلك كخطوة إضافية لتشجيع العمل والأداء المتميز الذي من شأنه أن يشكل علامة فارقة في الساحة الثقافية الفلسطينية.

وفي الوقت الذي رغبت فيه اللجنة، التي ضمت في عضويتها كلاً من الكاتبة الروائية هدى بركات (لبنان)، والمخرج والكاتب المسرحي جواد الأسدي (العراق)، والمخرجة والكاتبة المسرحية سوسن دروزة (الأردن)، والكاتب الروائي د. أحمد حرب (فلسطين) - الإشادةَ بالجهد الذي بذله المشاركون في إنجاز نصوصهم التي تقدموا بها إلى هذه المسابقة، فإن اللجنة وجدت أن مستوى هذه النصوص لا يعبر عن توقعاتها، حيث كادت المسابقة تخلو من أية نصوص، سواء في حقل الرواية أم المسرحية، ملفتة وناجحة فنياً لدرجة تؤهلها لاستحقاق جائزة الكاتب الشاب بجدارة. كما وجدت اللجنة أنه هناك ضعفاً في المستوى العام لهذه النصوص، على المستوى الثقافي والبنيوي واللغوي. كما افتقرت النصوص، بشكل عام، إلى الفنتازيا والتركيب الجماعي المكثف، وبناء واقع فني ذي منحى جمالي عالٍ، وعانت من إشكاليات في البذرات البنائية للشخصيات، ووقعت في فخ السطح السياسي والاجتماعي البدائي.

ومن اجل المحافظة على القيمة المعنوية للجائزة أو المنحة حجب برنامج الثقافة والعلوم التابع لمؤسسة عبد المحسن القطان في بيان خاص بالمناسبة جائزة الكاتب الشاب للعام 2005 وذلك لان الهدف من الجائزة أن تشكل معيارا للإبداع و الجودة و التجديد من جهة ، و محفزا للمبدعين الشباب تساعدهم على شق طريقهم الأدبي ،و تطوير أدواتهم و خبراتهم في مجال اهتمامهم .

وكذلك حجبت اللجنة الجائزة الأولى في كل من حقلي الكتابة الروائية و المسرحية ،لكي تبقي على سقف الجائزة عاليا ، ولكي تحافظ على القيمة المعنوية للجائزة و هي تأمل من خلال ذلك أن تبقى الجائزة محفزة للذين سيشاركون في السنوات القادمة على بذل المزيد من الجهد ،و العمل اكثر على تطوير أدواتهم الفنية ، و تعميق ثقافتهم و معرفتهم من اجل إنتاج نصوص اكثر نضوجا و نجاحا في المستقبل.

و بالرغم من أن اللجنة حجبت جائزة المسابقة ،فإنها أشادت ببعض النصوص ،و أوصت بتقديم جوائز تشجيعية قيمة الواحدة منها ألف دولار لثلاث نصوص وهي ،النص الروائي" جابر البركة " للمشارك محمود الحوراني ،و النص الرروائي "امرأة واحدة لزمنين" للمشارك عبد الفتاح شحادة ،و النص المسرحي "حيضستان" للمشارك علاء حليحل .

ففي حين عبرت النصوص المسرحية عن الواقع الفلسطيني بكتابة فوتوغرافية، نمطيّة، حيث وقع معظمها في فخ السرد السياسي الفج، وبدت النصوص في مجملها خالية من البناء الإنساني للشخصيات، ولم تستطع أن تحدد لنفسها مسارات واضحة للنزاع، وبناء الحالات الإنسانية المتضادة، المتحولة، إنما بقيت في مجملها ساكنة، أولية، تعتمد اللقطة العابرة، والشخصيات السردية البسيطة - فإن الأمر على صعيد الرواية بدا متقارباً مع معضلة المسرح، حيث طغت الرغبة في التعبير السياسي وتصوير الاحتلال بطريقة قريبة من (الكليشيه)، إذ افتقدت النصوص الروائية إلى الكثافة في تصوير الشخصيات، ووقعت في كثير من الأحيان بمباشرة فجة، وبدا السرد في أغلب الروايات أقرب إلى الهذر، وإن سلمت بعض الأعمال القليلة من الكثير من هذه الإشكاليات.

كما أوصت اللجنة بأن تقوم مؤسسة عبد المحسن القطان بتنظيم ورش عمل في مجال الكتابة الإبداعية المختلفة، تهدف إلى تمكين الكتاب الشباب من صقل أدواتهم الفنية.

جائزة القطَّان للصحافة 2005

من ناحيتها،حققت جائزة القطان للصحافة 2005 في دورتها الثانية تقدماً كبيراً من حيث حجم المشاركة قياساً للتجربة الماضية، كما تميزت بإضافة حقل جديد ومهم إلى حقول المسابقة الماضية تمثل بالصورة الصحافية. ومن الجدير ملاحظته تشابه تجربة هذا العام مع سابقتها بطغيان المشاركة في حقل الريبورتاج على حساب الحقول الأخرى، ويمكن تبرير ذلك، على غرار ما جاء في بيان لجنة تحكيم مسابقة العام 2003، لاستمرارية سخونة الظرف السياسي، ونزوع القسم الأكبر من الصحافيين الشباب لتغطية الأحداث المتعاقبة، في حين أن التحليل أو المقال الصحافي أو التحقيق الصحافي تحتاج إلى تجربة وممارسة وعمق ثقافي، هذا إضافة إلى حداثة التجربة المهنية للمتسابقين، الذين تتراوح أعمارهم ما بين 22- 35 عاماً.

من جهتها نظرت لجنة تحكيم مختصة تشكلت من إلياس نصر الله كاتب وصحافي (لندن)، بيتر دامان مصور صحافي (ألمانيا)، سلمان ناطور كاتب وصحافي (حيفا)، صبحي الزبيدي مخرج وناقد سينمائي (رام الله)، عارف حجَّاوي إعلامي ومحاضر في معهد الإعلام في جامعة بيرزيت (رام الله). واقتصرت مشاركة كل من صبحي الزبيدي وبيتر دامان على تحكيم الصورة الصحافية إلى جانب أعضاء اللجنة الآخرين الذين قاموا بتحكيم حقول الجائزة الثلاثة.

ولاحظت اللجنة أنه، بشكل عام، هناك قدرات صحافية جادة وواعدة وتستحق الرعاية والتشجيع، ولكن هذه القدرات تتفاوت من شخص إلى آخر، ومن حقل إلى غيره. وكانت المشاركات في مجال القصة الصحافية أو الريبورتاج إجمالاً على مستوى جيد جداً. وإن وجد أعضاء اللجنة في كثير من الحالات أن هناك مشاركات مواضيعها على درجة كبيرة من الأهمية، لكنها للأسف لم ترقَ إلى المستوى المطلوب مهنياً. فمن المشاركين من يستولي على كتابته الإنشاء، كما جاءت بعض المواد بعيدة عن العمل الصحافي المهني، وأن الكاتب أقحم رأيه فيها مراراً وتكراراً ليبعدها كلياً عن مجال القصة الصحافية ويضعها في إطار شبيه بأسلوب المقال الصحافي أو الأدب التسجيلي. وعليه، ترى اللجنة أن بعض الصحافيين عليهم الاعتناء بتوفر قواعد أولية لدى كتابتهم للريبورتاج؛ مثل نقل الحقيقة، والابتعاد عن الإنشاء اللغوي، وتقديم المواقف والمواقف المغايرة احتراماً لوعي القارئ. ومن الملفت أن المشاركة النسوية، وكان عددها 4 مشاركات، قد اقتصرت على حقل الريبورتاج ولم تكن هناك أية مشاركة نسوية في حقلي المقالة الصحافية أو الصورة الصحافية، كما تميزت مشاركة الصحافيات بأن معظمها يتناول مواضيع نسوية، وأن بعض هذه المشاركات جاءت ملفتة أحياناً في مضمونها وتستحق الثناء.

منحت لجنة التحكيم جائزة الريبورتاج أو القصة الصحافية وقدرها ألفا دولار للمشاركة نائلة خليل (رام الله) ،ومنحت جائزة المقالة الصحافية وقدرها ألفا دولار للمشاركة التي تقدم بها هشام نفاع (حيفا)،أما جائزة الصورة الصحافية وقدرها أيضاً ألفا دولار، فتمنح للمشاركة التي تقدم بها علاء الدين بدارنة (نابلس).

وخلال الأعوام المقضية قام البرنامج بدعم أكثر من أربعين عرضاً مسرحياً في مناطق مختلفة من فلسطين. وفي مجال الموسيقى قدم البرنامج هذا العام تسع منح لدراسة الموسيقى، وقدم منحة لمعهد إدوار سعيد للموسيقى موجهة لأوركسترا فلسطين للشباب.أما في مجال المسابقات فقد تم تنظيم مسابقة الكاتب الشاب في حقلي الرواية والكتابة المسرحية، ومسابقة القطان للصحافة في حقول القصة الصحفية أو الريبورتاج، والصورة الصحافية، والمقالة الصحافية.

كما أصدر البرنامج ثلاثة كتب منها الكتابان الفائزان بمسابقة الكاتب الشاب للعام 2004، وكتاب "لقطات مغايرة: التصوير المحلي المبكر في فلسطين" وسوف يصدر قريباً عن البرنامج ثلاثة كتب أخرى وهي كتاب "حسن في كل مكان" وكتاب مسابقة الفنان الشاب 2004، وكتاب "أصوات نساء في الانتفاضة" وهو مشترك مع مؤسسة هاينريش بول. ودعم البرنامج إصدار الطبعة الثانية من كتاب "يافا بيارة العطر والشعر" للباحث سمير فوزي الحاج، ومذكرات خليل السكاكيني والتي تم نشر 4 أجزاء منها حتى الآن. وقد عمل البرنامج مع قطاع واسع من الأفراد والمؤسسات الثقافية محلياً وعربياً ودولياً لتنفيذ نشاطاته المختلفة.

وعلى الرغم من أهمية ما يقوم به برنامج الثقافة والعلوم إلا أن المؤسسة ستقوم خلال الدورة الحالية بتقييم عمل البرنامج، والأثر الذي تركه خلال السنوات الماضية، وتقييم أداء العاملين به، وذلك بقصد تطوير استراتيجيات عمله، وآليات تنفيذه، وكان من المفترض إنجاز التقييم السنة الماضية لكن الظروف حالت دون ذلك، ولعل استحداث بعض البرامج التي تقارب في عملها برنامج الثقافة والعلوم سواء محلياً مثل المنحة الثقافية الفلسطينية التي تديرها وزارة الثقافة بتمويل من الحكومة النرويجية، أو إقليمياً مثل ما تقوم به مؤسسة المورد الثقافي في مصر عوامل إضافية تستوجب على العاملين في هذا القطاع التنسيق والتخطيط من أجل عمل ثقافي تكاملي.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى