الخميس ١ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠٠٥
بسم الله الرحمن الرحيم
بقلم حسام الرحال

إلــى أمــي

في سكون الليل الجميل.. في ثنايا هجوع الزمن.. في طيات نسيم الربيع .. في زقزقة العصافير.. في تغريد العنادل.. في حفيف السنابل.. في شدو البلابل .. في صفحة الجداول .. في ضوء القنادل .. في سلسبيل الخمائل .. في أشعة الشمس الخجلى.. في أكمام الزهر.. في صفاء السماء .. في زرقة البحر .. في وجه القمر .. في صورة الشمس .. في جمال الربيع .. في خضرة الشجر .. في قطرات المطر .. في كلمات الزجل .. في قوافي الشعر .. في سجع القصيد والنثر .... في قلبي .. في كل أشكال الجمال في الوجود ترتسم صورتك .. أرى طيفك .. أرى بهاء مُحَيّاك.. أرى نور وجهك

أُماه .. يا لحناً عزفته على قيثارة قلبي فأشجى الوجود..عجزت البلابل على ترتيل لحن كلحن الحب الذي عزفته لك. لو نثرت لؤلؤ حبك في ظلام الليل لأحاله نهاراً ساطع نوره

أماه .. حياتي بخور سأحرقه على مجمرة طاعتك .. ليفوح بعطر برك .. لأحظى بجميل دعائك .. روحي شمعة أحرق! ها لتضئ دربك

أماه .. يا نور المآقي .. يا سحر الوجود .. يا ظبية الجبال .. يا ريم الفلا .. يا حسنة الشمائل .. يا صفرة السنابل .. يا حمرة السائل والقائل .. يا قافية أشعاري .. يا قيثارة ألحاني .. يا ساكنة جَناني .. وملاك جِناني .. يا روح كلماتي .. يا عطر أغنياتي .. يا نفحة وجودي .. يا وجودي .. يا كياني

يا أجمل أجمل ألحاني ..سأقول أحبك ..أماه ..يا أغلى البشر ..يا نور عين القمر .. لعينيك أطيل السهر .. أرفع أكفي الى السماء ساعة السحر .. داعيا يا رب إحفظ زينة البشر ..أماه .. سأنثر فراشات حبي على ورود طاعتك .. سأبث نحلات قلبي على أزهار روضة البر لتمتص رحيق البر وتحيله عسل الطاعة فأسكبه في آنية الخشوع والخضوع بين يديك الطاهرتين

أماه .. سأجمع لك زهور التلال والجبال.. سأجمع زهور الروض في جُنبات الأرض قاطبة.. سأجمع زهور المروج .. سألملم زهور الجمال .. لأحيكها وشاحاً تزينيه بلمسات أناملك النرجسيه

أماه ..يا كوثر العطاء.. يا هبة السماء .. يا نبع الحنان الثر الذي لا ينضب .. يا معين الصفاء
أماه .. في كل آيات الجمال في هذا الوجود أرى جمالك .. أماه .. كل حرف من حروفك مُعلّقة تزدحم فيها الأفكار والأشعار..

كل حرف من حروفك وحي إلهام .. كل حرف من حروفك بحر هيام .. كل حرف من حروفك ..أنشودة غرام .. كل حرف من حروفك أهزوجة تردد صداها الأيام .. كل حرف من حروفك كتاب صفحاته قلوب .. أسطره حب .. كلماته عشق .. كل حرف من حروفك شمس تشع في مخيلتي .. لينعكس على السطور كلؤلؤ منثور .. يبوح بأسرار حبك ..أماه..

كل حرف من حروفك مملكة تتربعين على عرشها .. كل حرف من حروفك يراع يخط الأقاصيد في فضلك وحبك .. كل حرف من حروفك نغم ينبثق من سويداء قلبي .. لتغرده شفتاي..

أماه .. وماذا عساه أقول في حسنك ؟! أماه.. هربت مني المعاني والكلمات .. استعصت علي الجمل والعبارت .. استصرخت القلم أناشده عله يسعفني ..استصرخت الشعر أستنجده وكذا القصيد والنثر .. فاعتكفت في محراب الخيال والروح مبتهلاً الى خا! لق الخيال .. الى خالق الروح .. الى خالق المعاني .. ليمدني بمداد أخط به ما يجول في مخيلتي .. بين جوانحي .. بين أضلعي وثنايا قلبي .. فسرى في اليراع طيف وروح انبلج من قلبي .. من مهجتي .. من أعماق أعماق فؤادي .. فتحرك اليراع لا باليد إنما بالقلب .. تحركت أنامل القلب .. تحرك يراع حبي .. وخط بمداد النور والحب .. خط لؤلؤة تشع فتهب الوجود روحه ورياحينه .. فكتب معتذرا اليك يا بلسم الجراح .. يا نجمة الصباح .. يا عطر الأقاح ..فقال:

الأم .. عندما تنساب هذه الكلمة من بين الشفاه .. تركع قوافي الشعر عاجزة .. مرتبكة .. يجف قرائح الشعراء .. يضطرب المفوهون والخطباء .. يسجد القصيد والنثر أمام عظمة هذه الكلمة تائه لا يعرف ما يحيك .. تتيه الحروف والكلمات كيف ترتب الجمل والعبارات .. ويشل البنان .. يرتجف اليراع كأنه جاهل يغلبه النسيان .. وبرجفة الخشوع والاجلال .. يخط اليراع ليسطر بمداد النور ..كلمة هي ولك! نها أعظم من كل مخطوطات البشر ..يخط أمي .. التي تخرج من القلب لتطبع على السطور دون المرور على الشفاه ..

أماه .. لصوتك في البال وقع المطر على الزرع حين ينام البشر .. تمرين غيمة عشق مطير فينهمر على تربة روحي الخصبة المعطاء وابل الخواطر والفكر .. فربت وتفتقت في روحي براعم الشعر .. وتدفق سيل النثر .. فتهافتت الكلمات والأشعار ..

أماه ..لعينيك أكتب ملاحم تلخص تاريخ عشق البشر .. وأخيراً وليس آخراًً ..

أرفع أكف الضراعة الى جمال الوجود .. وموجد كل موجود .. متوسلا .. سائلا المولى الكريم ..اللهم احفظ زينة البشر .. وأدخلها فسيح جنانك ذات الظل الممدود تدانت قطوفها ,ثمارها لا ممنوعة ولا مقطوعة,آخر دعواهم فيها أن الحمد لله رب العالمين..

وفي الختام يا مسك الختام أبث روحي إليك لتلثم يداك وتمطر وجنتاك بوابل القبلات .. ولنحني الهامات اجلالا لك .. ولو كان البحر مدادا ليراع يسطر في ! فضلك لجف البحر قبل أ ن تتم كتابة حروفك ..أماه .. ولو جئت بمثله مددا.

هذه كلمات حيية انبعثت من القلب لتحفز سيالة.. فتنبه المخيلة .. فتأمر اليراع .. فيخط خجلا .. حيياً .. فلا يكاد يجيد ما يكتب .. يتلعثم ويرتجف من عظمة من له يكتب .. وكأن عنكبوت الجهل قد أعمل أيديه فيه فأحاطه بخيوط شبكة الوهن .. فخط ما سلف .. وهي غيض من فيض .. وجزء يسير من بحر فضل الأم

بقلم م. حسام الرحال طالب ما جستير في هندسة الحاسبات جامعة القاهرة


مشاركة منتدى

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى