الأحد ١ كانون الثاني (يناير) ٢٠٠٦
قصة قصيرة
بقلم صبيحة شبر

الــــطــــاعـــــون

الجدار عال, أحاول أن أصل إلى منتصفه لأكتب قصائدي, أقف على رؤوس أصابعي وأحاول ولكن عبثا, فإن قامتي تقصر عن إرادتي, وأفشل في القيام بما أزمع القيام به, أراك واقفا, والبدر يرسل أشعته الفضية وينير طريقي, أكرر المحاولة وأتعثر, وأنت تبتسم.

 تسلقي كتفي, واكتبي ما تريدين.
يطربني اقتراحك, أنفذه في اللحظة, ينتفض جسدي, أشعر بسيول تجتاحني.
تسير معي وتبادلني الحديث وكأني أعرفك مند الأزل.
مصافحتك عناق, تطير بي إلى أجواء من البهجة, حديثك نهر يجرفني, يبدد ترددي ويمنحني جرأة كنت أظنها بعيدة عني.

 أريد طفلا جميلا منك.
تتوهج عيناك ويسعد فؤادي فأخبأك بين النهدين, تولع سيجارتك وتطفئ لهيب الولاعة, فمن يطفئ لهيبي, أسير نشوى, وكأن العالم في قبضتي, كفانا يعزفان نشيدا قدسيا, يتناجيان, يترنمان, تبتسم أنت, أضمك بين ضلوعي, إنني مأخوذة بمزاياك, أتحدث وأتحدث, عسى أن أنقل إليك حياتي كلها في لحظتنا هده, أي قدرة لديك على الإنصات, لم ألف هده الطاقة, عيناك ماستان تهدهدان الطفلة التي في داخلي, عرفتك مند البداية, وكبر ولعي بشخصك إني متيمة بك يا رفيقي, نقرر أن نحيا معا في بيت صغير يضمنا ويحمي عواطفنا وآمالنا.

 سيداتي, آنساتي, سادتي, نخبركم بأن موجة عاتية من الطاعون قادمة إلى ربوعنا, نهيب بكم أن تكونوا على استعداد لصدها.
تكبر ابتسامتك, تخبرني أننا لو كنا معا ومع الآخرين الطيبين لن يتمكن الطاعون من اجتياح أرضنا.
يدانا متعانقتان, ونحن نرسم طريقنا ومادا نشاء في مستقبل حياتنا, وأنت تحب الناس, تعشقهم تود أن تساعدهم, تحمل عنهم أعباءهم تدلل لهم العقبات. وأنا الهشة أتقوى بك, ثباتك يشد أزري.

 أيها المواطنون, الطاعون قريب منا, تأهبوا لمقاومته.
تسرع خطواتنا, نهرع لمقابلة أصدقائنا وإخواننا ونحثهم على مقارعة العدو.
أتشبث بك, أستمد قوتي منك, أتغلب على ضعفي, أواجه خنوعي, وأنت تقرأني, حالما أفكر في شيء حتى تسارع إلى إجابتي, تكبر أنت وتكبر, وتغدو نخلة باسقة تعانق السماء جدورك عميقة في تربتي وأنا سعفة أرتوي بمائك.
فجأة تغيب, يخبو الضوء من حياتي ويتضاءل, وأنا أتعثر في طريقي, فقد غاب مصدر قوتي ويطول غيابك, وأنا أتقهقر, وكأني لم أعد المرأة التي تعرفها, فكم تغيرنا الطرق وتعرجاتها.

 أيها الأصدقاء, دخل الطاعون إلى بيوتنا, وربح الجولة الأولى, كونوا مهيئين لدحره.

أشل أنا, قدماي تخونانني وإرادتي عاجزة, ولساني يأبى التحرك, فمتى تعود يا حبيبي.
 الطاعون في كل مكان, أفرد جناحيه, وحط في ربوعنا, فأين المفر يا أصدقائي؟


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى