الأحد ١٢ حزيران (يونيو) ٢٠١١
بقلم فيروز شحرور

جوع

لدي ولدان بالأصل، وأنا حبلى..لم يعاشرني زوجي منذ سنتين، أو بضع سنين. لم أعاشر غيره بالطبع، ولكني حبلى.. أشعر بذلك. يفاجئني إعيائي صباحا، يقتلني التفاف الأرض حولي.. أحشائي تتلوى وتغص. 

** 
أنا لم أقل لزوجي إنني حبلى..وكيف لي ذلك؟؟ فهو لم يعاشرني!! ولم يجثو فوق الوقت الميت بزفراته الساخنه..كيف أبرر له رطوبتي الفجائية وهو الماء.. جافة.. ذابلة.. مرتعشة.. عطشى أنا.

** 
.. أذهب لطبيب نسائي ذات يوم، قدماي تتدليان كسيقان ذرة في يوم حار.. أرتعش خوفا ورغبة " هل أنا حقا حبلى".. ؟؟!!

يربكني صوت تمتماته، واتساع عينيه في الأفق
" هنا تدخل الحياة..هنا تخرج الحياة".

ويقف..يوليني ابتسامة صفراء ويمضي نحو عرشه.
.." البرودة في نصف جسدك ليس إلا، ابحثي عما يلهب اللهيب، أنت لست بحبلى. . ينقصك هو.!!!! "


قسوة بلا قاع

من مروري اليومي والاضطراري أمام ذلك البيت المستقل الذي يبعد عن بنايتنا بضع بيوت وحديقة فارغة.. توصلت لمرحلة أتنبأ بها أو أعتقد على الأقل أن هذا البيت يلد حياة، كلما استطاعت بضع صرخات خجولة تصادف مروري أن تنساب من فتحات البيت.
رغم أنني لم أر أو أصادف مطلقا أنفاس الحياة تلعب الباربي على إحدى شرفات البيت، أو تتسكع بشكل شيطاني صبياني وهي تمتطي " السكوتر" وتهرس أقدام الجيران في الشارع.. ولربما من أوصلني لذلك التنبؤ أو ذاك الاعتقاد بان هذا البيت يلد الحياة، الكورسات الكثيفة حول التفكير الإيجابي والطاقة الإيجابية التي تكسبك هالة روحية نفسية من أجل درء ما طريقه سلبي.. كل تلك الكورسات إنحشت في بعناية تربوية تلقينية جديرة بالتقدير لسلوكي الإيجابي بعد ذلك.

في يوم ما، عند مروري اليومي والاضطراري أمام ذلك البيت.. في عودتي، انبجست صرخة واحدة متوحدة بليغة من الأحشاء.. صفعني الذعر وتبدد اعتقادي وتنبئي..
" أهكذا الحياة تولد"؟!!

تآكلت خطواتي إلى ذاك البيت، فاقتربت أكثر لأرى وجهي قبالة النافذة، وعيناي تطلان نحو الداخل..فجأة، امتشقت الحياة مني من احتدام المشهد.. امرأة عشرينية ملقاة بوسط الصالون، ودم يانع يغرغر في فمها، متراشق عشوائيا على أطرف الكنبة والبلاط، ورجل هو زوجها يقف وراءها متجمدا يحاول التقاط أنفاسه المتناثرة من حماسه المفرط بضربها.. يرفع رأسه.. يقع الحزام الجلدي من يده.. وتذري اللحظة بريستيجه " الرجل المحترم في الحارة"!! ويتبدد اعتقادي أو تنبؤي، فقد رآني من وراء النافذة.. أراه.

حقيقتي السرمدية

يبكي على وجهي
طيف حمامة
ويداي أكلهما دمعي
***
 
تبكي عليَ الطرقات
أتنقل
أحمل امتعتي
ادوُر
يقول لي المؤجرون: لم يتبقى غير هذي الشرفة، ومنظرٌ للغروب.
عبثا أبحث عن خيط شمس
يلج صباحا تحت غطاءي
يمسح عيني،
***
 
تبكي علي الحياة
فأنا لا ألدها
***
 
تسأمني هذه الورقة
اللغة التي احيكها لا تروقها
ولا لون المعنى
وحقيقة مخيلتي
***
 
يبكيني رجل
لأن قلبيَ عقيم
يقول: عليكِ ان تكوني الأرض
دون أن يكون سماءي
***
 
في الحقيقة
لا يبكي على وجهي
إلا أنـــــا
وابتسامة لم تلبث تهجعني.
 

ترنو إلي

 
اليوم،
تصحو الديدان في قلبها
والعين لن توشم بثقب
البحيرة جانب دارها تجف
ثمة عزلة أكلت المنبع.
 
غدا،
تصير الوردة جلادا
والشياطين تعبدها
الإزدواجية، نظام حياة
المبدأ، رصيف مكتظ
الحاشية قلــب الموضــوع
 
من اليوم،
لن تخشى عذرية عطرها يفترشه جسد الرجال
ولن تنصت بذهول للآدميين:
السماء معبد الطاهرين، الأرض زينة للفواحش.
منبه الرب لن ينيم يقظتها
هي كلاهما معا
السماء و الأرض.
 
الماضي،
يصير لها فتات خبز للحمام
والقصيدة إحساس لغوي
ينقصه بعد حين المفعول به.
بعد عقد أو أقل
سينجب الرجال اطفالا مشوهين
لأن النساء كفت عن أمنيات الأمومة
 
اليوم، وغدا، وكل يوم
لن تهاب الدم في كفها
ولن يخيفها صرصار الحائط
وإن جف ماء الجسد
وإن عفن الخبز
صارت يدا جدتها خيوط عنكبوت
هي كأي عاقل
سعيدة لنبض ديدان في قلبها.

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى