الاثنين ١١ تموز (يوليو) ٢٠١١
بقلم ذكرى لعيبي

جميلة ....

كم كان وجهها يبدو شبيها ً بالوصف الذي تقدمه عن مدورة الجنة؟ كنت أمازحها ،حين نلعب فنتعب فنجوع، فأطلب منها قطعة من وجهها، لأنه يشبه حينذاك قرص الخبز الأبيض الساخن، تضحك وتمسح العرق السارح على خديها فيتوهجان بالحمرة، كنت أحلق بخيالي وأحاول أن أطبق دائرة وجهها على قرص وهمي أتخيله أنا الأخرى أرض الجنة، فتشرق روحي بشيء لم أدرك كنهه حتى كبرت وعلمت إنه الإيمان كم آمنت بجنتها وشمسها ومدورة خيالها الرائعة، وقرص الخبز الشهي..أيضا ً.

تلك هي جميلة،، أم الصبر

كنت أذهب إلى السوق معها، واستظل بسياج الطين الطويل المديد كي أتقي حرارة الشمس في ظل فيئه، كانت أمي تقول، إن الله خلق الشمس كي تنير لنا الدرب، وخلق الفيء كي يبرد عظامنا حين نطيل اللعب حتى الظهيرة .!

كانت تقسّم الدقيق الذي تحصل عليه من قسيمة (الحصة التموينية) إلى قسمين، الأول تسّدُ به جوعنا والآخر تخبزه وتبيعه بالسوق لشراء علبة دواء لأختي الصغرى ،،
(القصّاب) يتابعها بنظراتهِ أينما حلّت:

 جميلة!

 هلا خوية

 لا، أقول أنتِ فعلا جميلة.

تخجل وتلفلف نفسها بالعباءة، دمعة ساخنة، ربما حارقة وحزينة وعاتبة تتدحرج لتسقط على آخر رغيف خبز لم يباع.

تلّف الرغيف بقطعة جريدة متهالكة منذ خبر تفجير قريب، تضعه تحت عباءتها ،، وتنهض ..
 جميلة!

 أنتِ تحتاجين هذه الدنانير .. وأنا أحتاجكِ لليلة ..!!

تتعثر بخطواتها وتسقط، لكنها تسمو بشرفها (تجوع الحرّة ولا تأكل بثدييها) جميلة نهضت من كبوة الزمن ،ليجثوا الفقر راكعاً أمام عفّتها.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى