الأحد ٧ آب (أغسطس) ٢٠١١
بقلم أسامة عبد المالك عثمان

فراغٌ صاخب

«فراغٌ أنا، وأهوائي معلَّقةٌ، بين الحنين، وبين الأرْحب القاسي»

ملآنة أوقاتنا، وفارغة..، تصطخب بالأحداث الجسام الثقال، وتَفْرُغ من المعنى، تتطاول فيها الآمال، متعجلةً، تستشرفُ أمنياتٍ بات ظلُّها ينسحب، ونخشى أن تفوتنا، وأن نقضي قبل أن تولينا وجهَها المشرق... ها قد نجح التوانسة في استرداد روح تونس، وأرواحَنا التَّواقة، ها قد هبت مصرُ إلى مجدها المتوَّج في قلوبنا، عروسا تستعيد وهْجَها، وأَلَقَ الفتاة، ها قد سَرَتْ تلك الروح في صُلْب الجسد، وفي أطرافه، في سورية، الشام، وفي يمن اليُمن، وفي ليبيا المختار...

تتعالى الأصواتُ، تُعانق في القلوبِ أصواتَها، تريدها اللحظةَ الموعودة، والمشتهاة، تريدها لحظاتِ كرامةٍ تُولَد، وفقرا ينزوي، بعدما تربَّع في السهول ، وفي القفار، تريدها وحدة في الوجدان، بعد أن حفر أزلامُ النُّظم، وسدنتُها المشوِّهون، خنادقَ الإحَن، والضغينة بين شعب واحد، بعد أن أوهموا فئاتٍ من الناس أن معاركهم الخاصة، هي معاركُ الشعوب...، بعد أن كادت لعبة كرة بين فريقين تثير داحس والغبراء؛ فيا لثارات العرب!

ها هي تلك النبتةُ الشيطانيةُ ترتجف أوراقُها الصفراء، ترْقُب بِعينِ الذئب شبابا فوَّارا بالعزم، كأنْ لم يتجرع في حياته هزيمة، ولم تخب آمالُه في زعيم، يوما.

ها هي رؤوسُ الفساد تنكفىء إلى الأرض، وترتكس، وها هي الشاشاتُ، وفضاء الإعلام ينفتح عن وجوه غُيِّبت، وأبعادٍ في المشهد عُتِّمت، إلا من حركات بهلوانية يؤديها الحاكمُ على خشبة المسرح، وعندما يتعب يترك ظلَّه، يناور، ويشوش؛ لكي لا يقتلَ الصمتُ آذانا تقتاتُ هذا الضجيج!

ها هي البصائرُ تَصَّاعدُّ، حتى تبلغَ البصرَ، وبخارُ الأمل ، يتكاثفُ؛ لينطلقَ القطارُ، ولكن السكةَّ مقطوعةٌ، والأرض رَخْوة...تدور العجلات؛ بِزَخَم الأمنيات، وتصطدم بالخطى المتقاطعة، يسير القطار، إلى الأمام خطوة، لكن التَّلفتَ يكبحُ سيره...

تعود القلوبُ وَجِلة، تتساءل: أنفتح للمجهول بابَه الأوسع، أم نثوبُ إلى ما تيسر لنا؟! ثمة أمنياتٌ لم تنضَج ظروفُها، وأحلامٌ أكبر من سعة الوقت، ثمة برق خُلَّبٌ، وربيعٌ لا يصدق!

لكن الوطن قد استحال كائنا بوجهين: وجهٌ يقوده إلى الأمام، ووجه يرده إلى الوراء، وبعد ذلك وجوه تغطي بعضَها، انقسم الوجه الأول وجوها: وجه يدور نحو اليمين تارة، ونحو اليسار، ووجه نحو اليسار، أولا، ثم نحو اليمين، ووجوه تدور حول ذواتها، وأخرى حائرة!


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى