الأحد ١ كانون الثاني (يناير) ٢٠٠٦
قصة قصيرة
بقلم ماجدولين الرفاعي

قبلات على الجانب الآخر

كانت ضاحكة ومن فورها اقتربت من زوجي ضمته واغتصبت قبلة من فمه.

الغيرة من أصعب الأحاسيس التي يمكنها أن تنتاب امرأة.

فقد تعودت على التواجد معه في محله ومتابعة جميع الداخلين والخارجين لشراء مواد التجميل من محل زوجي في محاولة للتواصل الدائم معه ..

واشعر أحيانا بالقلق حين أراه يتابع النساء الأمريكيات الجميلات بعيونه النهمة التي أحسها ستلتهم ما ظهر من أجسادهن التي لم يتعبن أنفسهن لستر ماظهر منها من المفاتن الجميلة التي تبدو الحياة في أمريكا وخصوصا في فلوريدا متحررة وسهلة جدا يمارس المواطنون حياتهم كما يحلو لهم.

كنت مضطرة للاعتناء بمظهري بشكل يومي للالتقاء بزوجي في مكان عمله في الساعة السابعة مساء من كل يوم وهذا الاعتناء أتعبني كثيرا لا ن أي إهمال بالشكل قد يجعل زوجي قلقا ويتساءل عما حل بي ويتعجب من اصفرار لون وجهي.

وكثير ما كنت اخفي عنه همومي ومشاكلي وحتى أعراض المرض بطلاء وجهي بالماكياج أريده أن يراني بابها حلة وأجمل صورة لكي لا تتفوق علي الأمريكيات ذوات القوام الجميل ..

لم يكن زوجي يتوانى عن التغزل بي ومدح جمالي وأناقتي ويعرب عن حبه الكبير لي وخاصة حين يلاحظ اهتمامي وتقيدي بالمواعيد.

لكن القلق والشك تسللا الى قلبي منذ اللحظة الأولى التي دخلت بها جيسكا محل زوجي لباس فاضح جدا ولها جسد مثير بصدر ضخم ينام على المنضدة كلما اقتربت منه لتجريب قطع من الماكياج كنت أنظر بحياد وحكمة الى حركة عينيهما في ذروة وفاق حلقا فيهما وهما يلتهمان لذة النظرات الحارقة , أنكسر في سري وأهتف في داخلي لماذا يتعرى الإنسان كالمرايا حين تنهش جسده الرغبة دون خجل ولا يردعه الحياء؟

تبتسم له بخبث وتسخر من زمن لا يشبه بقية الأزمنة. زمن يختلط في الطهر بالعهر والضوء بالعتمة والنبيذ بصدأ الأقداح.

كل شيء قربه يحلق معه راقصا ويملأ سقف المكان ينتبه احيانا لوجود فيعدل من حمق اندفاعه.. أصطلي في داخلي لكني أتمالك نفسي متجرعة سعير اللهب النازف من الحلق يمر الوقت عنيفا في بطء الحركة وثقلها وعيناي تفترشان كل مساحات وجهيهما والاطراف والفضاء .. أراه يتبادل معها النظرات ثم يتيهان في لجج العيون يهبطان الى الشفاه ويختبئان في طلاسم الرعشة.

قشعريرة غيرة ورعشة لم تفارقني وأنا أخفي دموعي بين جدران الحجرة التي رصعت ستارتها الوحيدة بأزرار أرجوانية واهتفت من القلب "تبا لك أيتها الحمقاء" الغيرة تتخلل مساماتي.. أبحث عن فنار ينتشلني من هذه العتمة التي أتوه في طلاسمها..

كان زوجي ينسى وجودي وأني أشاهده فيعريها بنظراته الشبقة ويتابع دقائق جسدها.

في البداية لم اعلق على وجودها لكي لا يتهمني بالشك به أنا التي اعتدت على منحه ثقتي المطلقة كنت غارقة في ضباب الأحداق .أحاول كسر الحروف عساها تصيب شغاف قلبي لأفهم كيف ستكون النهاية ومن أجل من؟

جسدي التائه يحتمي بقناع الزيف .. العرق يتصبب من جسدي، ربما يسامرني أو يمحو أسمي من لائحة التضاريس والاحداث؟

ظلت عيناي تلاحقان ذلك المشهد العجيب والنار تستعر في داخلي يصحبها لحن جنائزي يندلق من فج عميق ..

ولكنني حين كررت جيسكا زياراتها دون سبب مقنع غضبت بشدة وحذرت زوجي منها ومن الاقتراب منها والا فإنني سأطالب بالطلاق حتما.

وعدني بلطف انه سيحاول طردها من حياته رويدا رويدا من اجل مصلحة المحل لكي لا تكتشف انه يطردها.

لكن الأمور تدهورت تماما مما جعلني اطلب الطلاق بإلحاح فقد وصلت جيسكا الى المحل بينما أتابع أحاديثي مع زوجي عن دراسة الأولاد وأقساط المدرسة.

كانت ضاحكة ومن فورها اقتربت من زوجي ضمته واغتصبت قبلة من فمه.

المفاجأة جعلت زوجي يطفيء الويب كام عن جهازه وبسرعة خارقة لتختفي الصورة عن كومبيوتري تماما ليترك لخيالي العنان في التفكير بما يحصل في تلك اللحظة بينه وبين جيسكا والتي كانت السبب المباشر في عودة زوجي من أمريكا والإقامة بيننا بشكل دائم والاستغناء عن أحاديث الانترنت والمسنجر.


مشاركة منتدى

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى