السبت ١٧ أيلول (سبتمبر) ٢٠١١
بقلم نور الدين علوش

حوار مع د. حسـن المصدق

شكلت الثورات العربية منعطفا تاريخيا بكل المقاييس , في نظركم ما هي المقاربات الناجعة لقراءة هذا الحدث التاريخي؟.*

إن سيناريو تونس ومصر وليبيا وسوريا واليمن.. صعب الإدراك والتحليل ويفرض انكباب مختصين من كافة المجالات المعرفية، وليس بإمكان فرد أ ومقاربة أحادية أن يشرح ما يجري مهما بلغ من قوة إدراك وتحليل. فالفرضيات كثيرة ومتشعبة يختلط فيها الداخلي بالخارجي، المحلي والدولي: عوامل ذاتية وموضوعية... إن الأنظمة العربية التي سقطت كانت تمتلك في نظر الكثيرين مقومات الصلابة والمناعة والديمومة والصمود في وجه العواصف قبل أن يتضح أنّ قاعدتها من خزف وطين بعد أن أودت بها رياح التغيير في حين... ومن ثم السؤال كيف تفوقت عناصر التغيير والخلخلة على عناصر النظام والجمود، انتقل معه المجتمع من حالة استقرار إلى عدم توازن، ومن عدم توازن إلى حالة أزمة، ومن أزمة عاصفة إلى ثورة هادرة، والأمل كل الأمل أن لا تتحول الثورة إلى كارثة.

لذلك، إن استعمال مفاهيم جاهزة و إطلاق أحكام حتمية تصور على غراره ما يجري في الواقع العربي تقابلا بين مكونات اجتماعية وسياسية متناحرة تمارس فيما بينها صراعا طبقيا ضاريا، ثبت عدم صحته وعدم نضج تحليله، بخاصة إن العديد من القوى ( علمانية / إسلامية، اشتراكية/ ليبرالية... مثلا) التحمت والتقت في مسرح الواقع الثوري ضدا على أبجدية منطقها السياسي الخاص بكل طرف، فضلا عن حوارات تتم وتجري أمام أعيننا، لم تكن واردة سابقا بين القوى الإسلامية والعديد من القوى الأخرى اليسارية والليبرالية وبين هذه الحركة والولايات المتحدة الأمريكية...

وإذا كانت الثورة كناية عن تغيير من حالة إلى حالة أخرى، فإن الثورة العربية إن تخلصت من أنظمة مستبدة بالسلطة، فتحت المجال واسعا أمام كم هائل من المطالب الفئوية والاجتماعية وحتى الثقافية واللغوية لفئات مهمشة عانت الإقصاء طويلا، يصعب في القوت الراهن تلبيتها والاستجابة لكل مطالبها، مما قد يفتح المجال أمام احتمال ظهور أسراب من <<البجع السوداء>> السيئة والمؤثرة سلبا على أولويات <<الثورة>> أو الإجراءات الإصلاحية التي تم تبنيها في بعض الأنظمة الملكية العربية.

وبالتالي يصعب حصر كافة السيناريوهات المتوقعة أو إلغاء إمكانية تطورها في اتجاهات مجهولة، ومن ثم ليس مهمة المحلل وقف مفاجآت المستقبل أو الوقوف في وجه تطلعات سلمية للتغيير والإصلاح، بل توفير الاستراتيجيات القمينة لتحقيق تحولات آمنة متفق عليها ومتوافق عليها بين جميع الأطراف والفاعلين، تستطيع أوسع الفئات الاجتماعية الاستفادة منها وتساعد على تلافي التداعيات الخطرة والمصاحبة لها.

الكثير من المحللين اعتبروا تلك الثورات فريدة في نوعها باعتبراها ثورات بدون قيادات وبدون اديولوجيات؛ فهل نحن امام قيادة ريزومية بالمعنى الذي يعطيه الفيلسوف الفرنسي دولوز؟

إذا حاولت الاجتهاد والإجابة من منظور الراحل جيل دولوز ما دمت قد وضعت الإطار المنهجي الذي يمكن أن أعالج منه ما حدث، فإن ما جرى يمكن فهمه وتأويله بأن الثورة المصرية والتونسية تعبير عن ثورة الشباب ضد النظام الأبوي السائد الذي يدافع عن خضوع الأبناء للآباء وخضوع هؤلاء إلى الحاكم السياسي الذي يعتبر نفسه أب الجميع، حيث نجد مثلا عن هذا التصدع والثورة على حالة الخضوع والهيمنة في جميع مناحي المجتمع العربي.

وهذا ما لم تسلم منه جميع التيارات السياسية، خذ مثلا ما حدث عند جماعة الإخوان المسلمين وما يجسد من ثورة الشباب على قياداتهم من انتكاس ونقد صريح وجريئ لسلطة الأب الرمزية التي يجسدها الشيوخ على الشباب، وهي تماثل تلك الثورة التي وقعت على تلك السلطة التي يجسدها الحاكم المستبد في أذهان الناس، فهذه الجماعة التي لم تسلم هي الأخرى من ثورة شباب الإخوان المسلمين على قياداتهم، حيث نشاهد حركة تجديدية يقودها شباب يسعون لنشر ثقافة ديموقراطية، يكون فيها لمجلس الشورى سلطات حقيقية تشمل مراقبة أداء مكتب الإرشاد، وهو ما أدى إلى تضارب المواقف بشأن موقفها من المشاركة في جمعة الغضب الثانية. وهو نفس ما وقع في الكنيسة القبطية من شد وجذب بين شباب الكنيسة وقياداتهم الدينية.

إجمالا، إن النظام الأبوي العربي وما تفرع عنه من نظام سياسي، وقف مسنودا على ثقافة الخوف، الخوف من الأب وسلطته الرمزية والمادية ، ومن ثم من سلطة الزعيم الذي اقترن بسلطة الأب في أذهان الناس، أي أنه من دون الخضوع الحاكم، الذي يضع نفسه في مرتبة أب المجتمع، ليس هناك أسرة ولا مجتمع ولا دولة، وهو ما يظهر من خلال الابتزاز الذي خضع له المجتمع المصري والتونسي قاطبة، حين تم سحب جميع وحدات الشرطة من الشارع العمومي، أي أن الأمن الذي يجب أن ينعموا به، يجب أن يدفعوا ثمنه عبوديتهم وولائهم التام للحاكم. لكن هذه الحيلة التي التجأ إليها وزيري الداخلية في مصر وتونس أيضا ارتدت إلى نحرهما، وعمد الشباب إلى تكوين لجان شعبية للدفاع عن أحيائهم وبيوتهم، من دون سابق إعداد أو هياكل موجودة سلفا. وهي تجربة عملية تعبر عن إمكانية الحياة والأمن والحماية في غياب الدولة، وهو نوع من ممارسة السيادة الشعبية وتفوقها على سيادة النظام الحاكم.

أما عن الجذمور، فهو كما يقول دولوز وغاتاري بمثابة ساق نباتية، تحت أرضية مختلفة تماما عن الجذور والجذيرات وفروع الشجرة، حيث يمكن أن يتشعب الجذمور في اتجاهات مختلفة، يميزها التنافر والترابط، بالإضافة إلى التعددية، وهي من سماتها الأساسية. لكن ما يميز الجذمور كونك تستطيع أن تجد فيه الأفضل كالبطاطس بوصفها خضروات تحت الأرض والسيئ كحشائش وأعشاب ضارة فوق السطح. إنه تركيب.

فهو من هذا المنظور، لا يبدأ ولا ينتهي، هو موجود دائما في الوسط، بين الأشياء، وبالتالي هو نسيج بمعنى روابط وعطف... لكن إذا أردت أن توظف هذا المفهوم في حالة ثورة الربيع العربي، يمكن أن نصف ما جرى كالتالي: وقع عطب هائل في التواصل الأفقي والعمودي لدى فئات المجتمع العربي وتعطل الحوار بين من هم في أعلى الشجرة ومن هم في جذورها، حيث بدأت الأغلبية تشعر بالاختناق وفقدان التوازن والضياع وانسداد الأفق من جراء تعسف الأقلية (حكم نخبة فاسدة ومستبدة).

لذا أمام حالة الأزمة والضيق والخوف من الضياع، حاولت القوى المتضررة والمثقلة بأوجاع البؤس والعطب التمدد تحت الأرض لرفع البيت وهدمه واقتلاع الشر من جذوره، بمعنى البحث عن مخرج جديد وبوسائل جديدة خارج معايير وقوانين النظام السائد، فاتجه الشباب خاصة إلى المنطق الدائري والشبكي لتكسير حالة الحصار السياسي والتهميش الاقتصادي.

بإيجاز شديد، يخالف منطق التنظيم الشبكي الذي يقوم على الاتصال الدائري ومبدأ التنافر والترابط ( من الفرد إلى فرد آخر ( التعددية)... إلى ما لا نهاية، فهو مفتوح وغير محدود في الزمان والمكان) كثير من الأشكال التنظيمية التقليدية كشبكات المساجد وشبكات العمليات الخيرية وخلايا العمل الحزبي وحلقاته...

إنه الجيل الذي استطاع أن يوظف الثورة المعلوماتية لكي يقطع مع موانع وحواجز وحسيب ورقيب<< الدولة البوليسية>>، كما حاول هؤلاء الشباب في ذات الوقت أن يقطعوا مع الرؤية الواحدة والفكرة الواحدة والزعيم الأوحد، مما اقتضى جدلا معه العمل وفق منطق قيادات غير مركزية ـ جماعية ـ متصلة بلجانها وشبكاتها وتياراتها عبر وجوه مترابطة ومتنافرة يميزها التعدد، لكن ليست هي قيادات مركزية بالمعنى الحرفي للكلمة، حيث جعلوا من مطلب الحرية والديموقراطية مطالب أساسية تقطع مع منطق الزعامة أو ما جرى من فوضى في الثورات الشعبية والانقلابات العسكرية في الخمسينات.

هل تتفقون مع الباحثين الذين يقولون بان المستفيد الوحيد من هذه الثورات هم الاسلاميون؟

قد أتفق معك بأن هناك قوى متضررة تكمن في تلك التي خسرت السلطة والنفوذ وتلك القوى الطفيلية التي كانت تعيش على موائد الأنظمة ومرتبطة بها، فهذه خسرت الشيء الكثير وهي مستعدة أن تقلب الطاولة بما فيها إذا استطاعت إلى ذلك سبيلا، أما القوى الأخرى ومن بينها القوى الإسلامية، لا يمكن أن نطبق في مرحلة انتقالية كهاته حساب الربح والخسارة عليها، فهي مرحلة مفتوحة على كافة الاحتمالات والتوقعات. إن القوى الصاعدة في مرحلة كهاته تلملم تحركاتها وتعيد تنظيم نفسها وتحاول الدفع في اتجاه مرحلة جديدة تفتح قطار التحولات في اتجاه سليم. لكن يجب أن نتريث في فهم سير التحول الجاري وتداعياته، فالتاريخ علمنا أن كثيرا ما تأكل الثورات أبناءها...!

هل من سيناريوهات لما بعد الثورات العربية؟

إذا كان معروفا أن الثورتين المصرية والتونسية استطاعت قد قطعت رأس الأفعى وتخلصت منها، فإن ما نلاحظه من نتائج أعقبت الثورتين يفرض علينا التساؤل: هل كانت النتيجة المتوخاة من هذه التضحيات الجسام، هو أن نجد في النهاية المارشال محمد حسين طنطاوي في كرسي السلطة مصر، وهو من أبرز رموز النظام السابق. فضلا عن ذلك، هل كانت نتيجة الثورة في تونس أن يستمر محمد الغنوشي وزيرا أول لأسابيع، وهو الذي قضى كل حياته في خدمة نظام بن علي وأن يصمد في وجه تعديلين وزاريين، قبل أن يترك مكانه مرغما للقايد محمد السبسي الذي يبلغ من العمر 85 سنة، ثم هل كانت << الجنة الموعودة>> هو أن يمثل شيوخ النظام البائد شباب الفيسبوك في كراسي السلطة ؟ وهل يمكن أن تكون هذه نتيجة كهاته عنوانا ل<< ثورة>>؟ بمعنى هل تمخض الجبل فولد فأرا؟

إجمالا، إننا أمام مسرح سياسي عربي متحرك يبدو أكثر تعقيدا، ولا يمكن رصد مسار مشاهد تطوراته بدقة ولا معرفة سلوكيات فاعليه أو حصر تحولاته على وجه التنبؤ في عجالة، وهو الأمر الذي يفرض الانتباه إلى الصدف والعوارض ودراسة كافة الاحتمالات العشوائية منها أو غير المتأكد منها. هذا فضلا عن تداخل العوامل الداخلية والخارجية في ربيع الثورات العربية. أما إذا كان سؤالك يعني أن التحولات الجارية أو المنتظرة من المنتظر أن يكون لها انعكاسات سلبية في العالم العربي، فلا يمكن الجزم بذلك، لكن يمكن على نفس المنوال الذي يمكن استحضار تحولات إيجابية في شكل ظهور <<بجع بيضاء>>، يمكن أن تؤدي أيضا التفاعلات الاجتماعية والسياسية المتحركة بين مكونات الثورة والتغيير العربي إلى ظهور <<بجع سوداء>> قد يكون لها ردود وتداعيات بالغة التعقيد وشديدة الوقع أو التطرف في هذا البلد أو ذاك، حيث لا يمكن بالضرورة التكهن بمسارها أو الوجهة التي ستستقر عليها كتفشي حالة الفوضى والانفلات الأمني والتطاحن العرقي والقبلي أو الديني، لم يكن أصحاب التغيير يأملون أو يتوقعون ظهورها.

ويجب التذكير هنا، إن المجتمع في العالم العربي أصبح لا يخشى الدولة، بالمقابل ينتاب العديد من النخب الحاكمة الكثير من التوجس والقلق من قوى المجتمع الحية في صورتها الجديدة. ومن ثم تطرح كيف المصالحة بين النخب الحاكمة والجماهير. زد على ذلك إن حالة الاعتصام المستمرة والاحتجاجات المنظمة وغير المنظمة التي انطلقت من قمقمها في بعض البلدان العربية الأخرى التي نجحت في رسم مسار إصلاحي يتفاوت في صلاحيته وأهميته ( المغرب، الأردن) يمكن أن تكشف على أحداث وتطورات جديدة، قد نرى اليوم أنها غريبة ولا يمكن وقوعها، لكن لا يمكن نفي وقوعها مستقبلا بالقطع.

بالإضافة، تطرح التحولات الجارية بذل جهد مضاعف في فهم الأسئلة التالية: هل سنشهد إعادة خلط أوراق جديدة بعد عجز الشباب عن خلق جبهة واحدة نظرا لضعف الخبرة وانعدام وجود تراكم سياسي يضيئ الطريق أمامها؟ ثم هل تمتلك الحركات الشبابية الثائرة مقومات البقاء والنمو المطرد والاستمرار أم أنها ستختفي من الساحة رويدا رويدا ويتم امتصاص تحركاتها تدريجيا من طرف القوى التقليدية؟ ثم ماذا عن دور العسكر وقوى الأمن في تطورات الوضع لاحقا في مصر وتونس...؟ ثم ماذا عن دور القوى الخارجية في التأثير على المشهد الداخلي العربي؟ ثم هل سنشهد خروج المجموعات الشبابية من الثورة بخفي حنين أم أنها ستؤكد حضورها السياسي في المؤسسات الجديدة؟ وهل من سبيل لعقد صفقة تاريخية بين الحركات الإسلامية والقوى النافذة في الدولة للتحكم في مسار ما بعد الثورة؟ ثم كيف يمكن الاحتماء من <البجع السوداء>> في حالة الثورة الراهنة عندما تفسح المجال لحرب أهلية أو انهيار دولة أو تدخل أجنبي أو للفوضى العارمة.

الكثير من الباحثين يعتبرون ان المغرب يعرف ثورة هادئة فهل نحن فعلا نشكل استثناءا عربيا؟

ليست هناك <<ثورة>> هادئة في التاريخ على حد علمي! والمغرب ليس حالة استثنائية بالقياس إلى الوضعية المعروفة في العالم العربي، بالرغم من كونه يعرف انفراجا سياسيا وحرية نسبية تميزه إلى حد ما.

إن معالم هذه الوضعية التي انفجرت في العالم العربي ولم يكن يتوقعها أحد، تفرض إصلاحات جوهرية لتفادي انفجارات وانكسارات قد تدفع في اتجاه المجهول. وهنا يمكن الانطلاق من معالجة العوامل المسببة في إشعال فتيل الثورات العربية:

فقدان قطاعات واسعة الثقة في النخب الحاكمة والسياسية كما يُعرفها باريتو (Pareto) المفكر الاقتصادي، نظرا لاحتكارها الكلي أو الشبه الكلي للسوق الاقتصادية والسياسية ( مزايا احتكارية، إعفاءات ضريبية، تفويت أراضي وأملاك عمومية واستغلال إمكانيات الدولة المتاحة بدون حسيب أو رقيب، ممارسة الأعمال الاقتصادية والتجارية ذوات القيمة المضافة، احتكارها الكثير من القطاعات المربحة) بشكل يعود عليها بالنفع المادي المباشر والثراء غير المشروع وتحقيق منافع تتنافى مع القواعد القانونية والقيم الاجتماعية للمجتمع، فضلا عن انتفاء أي حضور لسيادة القانون وأدوات الرقابة والمساءلة.

وهو الأمر الذي انعكس عنه تشوهات هيكلية أعاقت التنمية وتحقيق توازن اجتماعي عادل، بالإضافة إلى ارتفاع اللجوء إلى وسائل الإكراه والعنف والتحايل من طرف النخب الحاكمة التي حاولت السيطرة كليا على المشهد الثقافي والإعلامي والسياسي والاجتماعي، مما فاقم من شدة التباين الاجتماعي وأضعف استقرار المجتمع وأصاب طموحاته في الصميم، وهو ما يمكن تلخيصه كالتالي: << أموال منهوبة وقوارب موت>> بالجملة والتقسيط، تجد له بصورة عامة سندا في الاستعمال غير المشروع للسلطة واستغلال النفوذ وخطاب إعلامي وثقافي استهلاكي لم يستطع التنفيس عن الكبت السياسي والاقصاء الاقتصادي والتهميش الاجتماعي.

ناهيك إن ارتفاع المديونية الداخلية والخارجية وتبديد الموارد والتخلص من الشركات الوطنية والملك العام في ظل وجود إدارة فاسدة همها الأساسي تحقيق اغتناء فوري مهما كانت الوسائل والسبل، وغير مهتمة بالمصالح الوطنية العليا، سهَّل ارتماء مُسيِّريها في مسلسل النهب وقبضة الشركات الدولية والمجهولة أو إلى تحولها إلى مافيا نهب مدمرة للاقتصاد الوطني، وهو الذي كان له وقع كبير في إنهاك خزينة الدولة على إثر ارتفاع معدلات القروض وارتفاع نسبة عجز الموازنة للناتج المحلي الإجمالي واختلال ميزان المدفوعات التجاري لصالح مؤسسات التمويل الدولية التي فرضت منطقها في الأخير، تنازلت الدولة بموجبه في الأخير عن استقلالها الاقتصادي بوقوع قطاعات اقتصادية حيوية في الأيدي الأجنبية.

إجمالا، دفعت هذه الوضعية المتفشية وهذا العنوان العريض لكافة بلدان العالم العربي إلى الثورة في مناطق معينة وكانت السبب في القيام بإصلاحات سياسية جديدة في بلدان عربية أخرى، حماية للمجتمع من المجهول وتكلفة الثورات الباهضة.

لذا كان الإعلان عن روزنامة من الإصلاحات السياسية في المغرب خطوة أساسية و إيجابية في مسلسل الإصلاح والانفتاح الذي يعرفه منذ أمد. وهذا ما جنبه في نظري الدخول في متاهات لا يمكن التوقع بمسارها. لكن مسار الإصلاح هذا متوقف نجاحه على معالجة آفاته وعلله التي تحدثت عنها, وهي موجودة في المغرب وجميع بلدان العالم العربي بدون استثناء.
إن تطبيق الديموقراطية والحكامة والاحتكام للقانون وحفظ الحريات وصون الكرامة الإنسانية ضروري لاسترجاع الثقة وجبر الهوة السحيقة الموجودة بين النخب الحاكمة والجماهير الواسعة، ومن ثم يمكن كسب رهان الديموقراطية والتحديث وتحقيق الرفاهية، بتعميق هذا المسلسل الإصلاحي وإشراك الجميع في قاطرته.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى