الثلاثاء ٢٢ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠١١
بقلم بوعزة التايك

بكاء في محله

الشاعر لا يبكي يا ولدي. عندما يكون حزينا، يجلس تحت الأغصان ثم ينهمك في قطع جلده إرباً إرباً لكنه لا يبكي أبداً. عندما يصله خبر حزين لا يفكر بتاتاً في البكاء بل يتسلق شجرة.. وحينما يصل إلى عش الغراب فإنه يعانقه ثم ينخرط في الحديث معه حول عالم الدموع.

الشاعر لا يبكي يا ولدي، لا يذرف وله شبه دمعة ولا يظهر أية إشارة أو علامة على أنه يريد البكاء. عندما يحس بالظلم، عندما تنهره الفراشة وتصفعه الزهرة وتهجره النحلة يتمدد على الرمال تحت أشعة الشمس ثم يطلب من السحابة بكل أدب أن تبكي.

نعم يا ولدي لقد صدق من قال إن الشاعر لا يبكي لأنه لو بكى فماذا سيفعل البلبل والناي والعود؟ لا وقت لديه للبكاء فهو دائما مشغول بإزالة الرصاصة من قلبه وظهره وورقته، دائما مشغول بتضميد جراح العنادل والترفيه عن الأزهار التي لم تصلها هدايا الأمطار. وقته يقضيه بين أحضان الأغصان الوحيدة والأنهار اليتيمة والحقول المنسية.

مرة واحدة يخذله قلبه وتخذله عيناه وروحه فيبكي بشكل غريب عندما يكون وحيداً في أعماق الكهف المظلم وينادي على القصيدة فلا تجيبه كعادتها: ها أنا ذي!


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى