الثلاثاء ٢٩ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠١١
بقلم بوعزة التايك

حب الوطن

حب الوطن من الإيمان. حب الوطن من الإيمان بكل شيء. حب الوطن من الإيمان ببيعه قطعة قطعة لكل سمسار لا يؤمن إلا بنفسه. حب الوطن من الإيمان بأن من ضيع فرصة ولم يغتن في زمن قياسي سيتهم بالتقصير في حب البلد. حب الوطن من الإيمان بأن الحكومة لها الحق في كل ما تفعله وتريده وتقوله. حب الوطن من الإيمان بأن الانتخابات إذا لم تكن مزورة فهي غير صالحة وناقصة عقل ودين. حب الوطن من الإيمان بأن كل شيء يباع ويشترى أو يعطى مجانا للأصدقاء والأشقاء. حب الوطن من الإيمان بأن توزيع الثروات يضر بوحدة البلاد لأنه يخلق وهما واقتناعا بأن المجتمع فيه طبقات عليا وطبقات سفلى وأخرى تحت الأرض.

حب الوطن من الإيمان بأن العدل أساس كل المصائب لأنه إذا أصبح الكل على قدم المساواة فسيصيب الكسل العباد وتنعدم إذاك روح المنافسة بين المواطنين. حب الوطن من الإيمان بأن الدولة ليست ملزمة بتوفير الشغل، بل على العاطلين أن يجوعوا ويعطشوا ويموتوا قهرا كي يتعلموا من تجارب الحياة وقسوتها وهذا وحده كاف لأن يصبحوا آدميين. حب الوطن من الإيمان بأن الديمقراطية وحرية التعبير وحقوق الإنسان ما هي إلا مصطلحات دخيلة على مجتمعنا الذي يؤمن بأن خلاصنا في تراثنا المتجسد في عصا قائد المقاطعة وركلات "مقدم " الحي والحاسوب رقم 99.99% الذي دوخ كل العقول في الشرق والغرب. حب الوطن من الإيمان بأن أحسن حل لمشكل المتقاعدين هو تقاعدهم عن الحياة بشكل نهائي.

حب الوطن من الإيمان بأن وسائل الإعلام عليها ألا تقول الحقيقة كاملة أبدا كي يتمكن المواطنون من الاجتهاد للحصول على أجر أو أجرين. حب الوطن من الإيمان بأن من أحب لأخيه ما يحب لنفسه سيجري طرده من الوطن بتهمة الشذوذ الجنسي لأن الشيء الطبيعي هو أن يجب الإنسان لجارته وزوجته صديقه ما يحب لنفسه. حب الوطن من الإيمان بأن أضعف الإيمان أن يهدي المواطن عروقه للسماسرة كي يمتصوها عن آخرها ويتعلم هو بذلك الصبر من أجل إسعاد أنبل وأطهر مواطنين بالوطن.

وأخيرا، الإيمان الصحيح هو أن يتحمل المواطن الشتم وارتفاع الأسعار والتصويت دائما بنعم ولو بتحريك الرأس والتصفيق لكل مبادرة من الحكومة وتقبل كل ما تقوله وسائل الإعلام الرسمية وقبول أن تبقى وزارة الداخلية وصية علينا حتى ونحن في الدار الآخرة لمساعدة الملائكة على قراءة سجلاتنا وإحصاء حسناتنا وسيئاتنا. هذا هو الإيمان، ومن لم يقم بهذه الواجبات فإيمانه ناقص وحبه لوطنه ناقص وعمره سينقص ويتقلص أكثر إن هو صاح أن هذا الإيمان لا علاقة له بإيمانه الذي تعلمه بفضل دروس الأخلاق التي كانت المدارس الوطنية تلقنها للأجيال الصاعدة في الأيام الغابرة.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى