السبت ١٤ كانون الثاني (يناير) ٢٠٠٦

عبد الوهاب البياتي

غادرنا عشية الألف الثالثة الشاعر العراقي الكبير عبد الوهاب البياتي عن عمر ثلاثة وسبعين عامًا قضى أغلبها في المنافي. وكان البياتي قد ولد في ريف عراقي عام 1926، ثم انتقل وهو صبي إلى بغداد حيث عاش طفولته في حيّ باب الشيخ، وهي منطقة شعبيّة فقيرة تلتئمُ حول ضريح الشيخ عبد القادر الجَيلاني حيث الأجواء الدينية وفرق المتصوفة.

وعبد الوهاب البياتي شاعرٌ مؤسسٌ في حركة شعرنا المعاصر أسهم، منذُ بواكير انطلاقةِ ما يعرف بـ (الحداثة الشعرية) اليوم، في فتح النصّ الشعري على آفاق أوسع مدًى وأكثر احتواءً لمضامين الفكر والتراث والأسطورة. أصدر عام 1950 ديوانه الأول (ملائكة وشياطين). تَبِعَهُ عام 1954 بـ (أباريقَ مهشمة) الذي وسم حضوره الشعري وفرض اسمه كشاعر متميز، بين الروّاد الأوائل الذين خرجوا على (الشعر العمودي) وكتبوا ما عُرف فيما بعد بـ (الشعر الحر). وترك عبد الوهاب البياتي في حاضرتنا الشعرية ألوان منافيه ورموز التُراث والأساطير فاتحًا القصيدة العربية الحديثة على ألوان وأصقاع لم تَعرفها من قبل.

تَنقَّل بين موسكو حيث أقام بين عامي 1959 و 1964، وإسبانيا حيث عمل في المركز الثقافي العراقي في مدريد في سنوات الثمانينات، مُرورًا بالقاهرة والرباط وعمّان والعديد من العواصم العربية، عاد خلالها فترة وجيزة إلى بغداد، ثم استقرَّ في الأشهر الأخيرة من حياته في دمشق، ليموت فيها ويُدفن حسب وصيته في ضريح الشيخ مُحيي الدين بن عربي، وذلك في 3 آب / أغسطس 1999.

يمتاز شعر عبد الوهاب البياتي بنزوعه نحو عالمية معاصرة مُتأنية من حياته الموزعة في عواصم مُتعددة وعلاقاته الواسعة مع أدباء وشعراء العالم الكبار، مثل الشاعر التركي ناظم حكمت والشاعر الإسباني رفائيل ألبرتي والشاعر الروسي يفتشنكو، وكذلك بامتزاجه مع التُراث والرموز الصوفية والأسطورية التي شكلت إحدى الملامح الأهمّ في حضوره الشعري وحداثته.

صدر للشاعر عبد الوهاب البياتي العديد من الدواوين أولها (ملائكة وشياطين) (1950)، (أباريق مهشمة) (1954)، (عشرون قصيدة من برلين) (1959)، (كلمات لا تموت) (1960)، (النار والكلمات) (1964)، (سفر الفقر والثورة) (1965)، (الذي يأتي ولا يأتي) (1966)، (عيون الكلاب الميتة) (1969)، (الموت في الحياة) (1986)، (الكتابة على الطين) (1970)، (يوميات سياسي محترف) (1970)، (قصائد حب على بوابات العالم السبع) (1971)، (كتاب البحر) (1972)، (سيرة ذاتية لسارق النار) (1974)، (قمر شيراز) (1975)، (مملكة السنبلة) (1979)، (بستان عائشة)(1989)، (كتاب المراثي) (1995)، (البحر البعيد أسمعه يتنهد) (1998)، ثم أصدر آخر دواوينه عن دار المدى في دمشق بعنوان (نصوص شرقية). وقد تُرجم شعر البياتي إلى لغات عديدة منها الإسبانية والروسية والفرنسية والإنكليزية.

أوصى البياتي قبل وفاته باختيار ديوانه (قمر شيراز) ليكون العمل الممثل له في إصدارات (كتاب في جريدة)، وكان الشاعر -حتى وفاته- عضوًا في هيئته الاستشارية.
الصفحة الأولي الصفحة السابقة الصفحة الرئيسية الصفحة التالية


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى