الأربعاء ١٠ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠١٢
بقلم مصطفى أدمين

الفتوى التكوينية

يقول «بغلول الجزار»: «عندما هبط آدم وحواء إلى الأرض، وجداها آهلة ً بالأشجار والحيوانات ومنها القردة». نفهم من هذا القول أن الأرض كانت ستسير لحالها في اتجاه غير ما هي عليه الآن، ذلك لأنّ آدم وذرِّيتـَه غيّروها أيّما تغيير. وأضاف ذلك العالم:«... وعليه، فإنّ نظرية داروين القائلة بتطور الأنواع الحيوانية والنباتية صحيحة من المنظور العلم، كما هي صحيحة نظرية خلق الإنسان في عالم الغيب حسب ما جاءت به الكتب المقدسة». نفهم من هذا القول أنّ الإنسان لا يمُتُّ بصلة مع الحيوان على الرغم من التشابه المورفولوجي والتشريحي والسلوكي بينهما.

أنا الشيخ القردوح أنفي هذا القول وأتـّهـِم «البغلول» بمجانبة الصواب، وبتعريض الكتاب المقدّس إلى خطر النقصان ومناقضة العلم، كما أتـّهمُه بقصر النظر وباستسهال مهمّة الدفاع عن الحقائق الدينية؛ وأقول بوجوب إيقاف هذا الرجل لأنّ عقله مريض ولأنّه أصبح نجما من نجوم القنوات الفضائية يجني العلاقات والشهرة والأموال مقابل شطحات لا هي من العلم ولا هي من الدين.

فكّرتُ وفكّرتُ، وانشغلتُ كثيرا بهذا السؤال:«لماذا أعطانا الخالقُ دماغاً مثل نصف كـُرَة مقسومة إلى نصفين؟» وفي إحدى ليالي تعبّـُدي، صليتُ صلاة الاستخارة، وفي ما أنا نائم؛ جاءني الجوابُ في شكل حلم.

حلمتُ بامرأة في مثل بهاء القمر، لابسة ً قفطاناً وردياً مغربيا شفّافاً مُطرّزاً بخيوط من الذهب الأحمر. وقالت لي:«لو أعطيتـُك حماراً عليه خـَرْجان وقنطاراً من القلب وقنطاراً من المخ، وطلبتُ منك نقل القنطارين إلى مقام بعيد جدّا؛ هل كنتَ لتضعهما في نفس الخـَرْج؟»

بعد أن صحوت وتوضأت وصليت، شرعتُ في تأويل حلمي: هناك ناس يضعون الدين في نصفيْ الكـُرة المُخّـِية، إنّهم أصحاب الميمنة أهل الجنّة، وهناك ناسٌ يضعون العقل في نصفيْ دماغهم، وهم أصحاب الميْسرة أهل جهنّم والعياذ ُ بالله، وهنالك ناسُ يضعون الدين في نصف والعلم في نصف، وهم الحائرون الذين يتمنّون الجنّة فلا يجدونها ويتمنون جهنـّم فلا يجدونها.

لذا أقول بأنّ «البغلول» لا يفقه في الفقه سورة، وبأنّه كافر يُشوِّشُ على الفقهاء أمثالي، والصوابُ عندي هو أن الخالقَ خلقَ أبانا آدم وأمّـَنا حوّاء في عالمِه الغيبي، وعندما عَصِيا أمرَه السامي الآمر بعدم التهام فاكهة المعرفة من الجنّة التي كانتْ بأشجار ووديان وسهول وجبال ووديان وأسماك وأوكسجين وآزوت وثاني أكسيد الكربون... عندما انساق آدم وزوجته إلى نصائح إبليس الكافر بالخالق (على الرغم من أنّه يراه)، غضب الخالقُ وأصدر أمره المُطاع بنفي أحسن خلقِه إلى كوكب الأرض الذي لم يكن فيه لا أشجار ولا قردة ولا بحار ولا أسماك. أتصوّر أنّ هبوط آدم وحرمُه كان على متن سفينة أعظم من سفينة سيدنا نوح، ولعلّها كانت بعظمة كوكب الأرض نفسِه.

أيها الناس، هل تعتقدون أن القادر على خلق آدم ومن ضلعِه الأيسر حواء غير قادر على خلق القردة في عالمه السماوي؟ ألا تشير النصوص المقدّسة ـ صراحة ـ إلى وجود الأشجار والثعابين والوديان في ذلك العالم؟ إن ما يقوله ذلك المُدّعي «بغلول الجزار» نفاق ٌ فِسقٌ إفكٌ حَرامٌ كـَذِبٌ زندقة ٌ كُفرٌ شِرْكٌ يستوجبُ الحدّ. وأنا ـ في هذه الفتوى التكوينية ـ أفتي بإهدار دمـِه، وعلى من قام أو سيقوم بمهمّة قتل ذلك المجرم أن يتّصل بنا لينال أجرَه في الدنيا قبل الآخرة، وعليكم السلام.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى