السبت ١٧ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠١٢
بقلم فراس حج محمد

ماذا نقول

كلمات خجولة في وداع الطفلة جنى عرفات

هل من كلام سيقال بعد هذا المنظر؟ وأي منطق سيفلسف الخراب واغتيال الطفولة والبراءة؟ وأي تبرير لحرب تأكل جسد الحياة قطعةً قطعة، فتذوب الشرنقات الحريرية وتتبخر في جحيم اللهيب المر؟ وأي قوة ستعيد البهاء والرونق لذلك الجمال المتفحم على وقع الموت في ظل غياب من يكبح جماح الغول المتمدد في أجسادنا، أي قصيدة شعر؟ وأي زنبقة ستكون إكليلا لقبر ضم ذلك الوجه الملائكي والعيون المفتوحة على أمل المستقبل المقتول؟

لن يجد القلب ضالته في كلام يوازي حجم الدمار والفحم البشري الناتج عن الجنون الخارج من قمقم العصور الحجرية على أيدي النازيين المحترفين، نازيون حتى النخاع يأكلون صحائف التاريخ ويلوكونها ناسين أن الليل لن يطول إلا على أوهامهم، وبأن الزنابق المهروسة تحت وقع الصواريخ ستنبت من جديد سلاحا جبارا مقاوما لأنات الوجع.

ماذا بوسع الحروف المتجمدة في رقدتها أن تقول وإن صرخت من قحف الرأس؟ ستظل صدى إن لم تجد فارسا مغوارا يحملها على أسنة الليلك ليفني آليات الهباء والغبار المتجمع في حلوقنا.

لن يطول انتظارنا أيها الخور، لن يطول نومنا أيها الجبن، لن تطول أحلامنا القاسية وهواجسنا وكوابيسنا، إننا لها بالمرصاد، نتوعدها بالحمم الملتهبة لتشتعل الرواية من جديد تحدث عن صنيع الفجر المعانق للورد في عز الندى المختال على وقع انتصار الحياة في بادية النهار ورابعة الشمس التي تعد زينتها لعرائس المروج في حيفا ويافا والنقب المقهور.

ستحدث الأرض حديثها، وتكتب آيات سفرها وقد تعامدت على خط الاستواء، ليبدأ من هناك تاريخ جديد لأمة نفضت أتربة الموت، وحرقت أكفان الذل، عهدا ووعدا صادقا فالخيول ضامرة والسيوف صقيلة باترة والفرسان مشتاقون لأكل اللحم نيّا في معارك الحق والبطولة والفخار، انتقاما لكل من نثر لحوم أطفالنا على جدران الخرائط التي تغربت عن جغرافيتها وتاريخها.
إننا مع موعد الفجر قادمون والبيارق عالية، منتظرون مجدنا وانتصارنا وأنتم منتظرون موتكم وتقليم أظافر الغول الناشبة في حقبة من زمن خؤون، قسا علينا فيه صناع التاريخ بما فيه الكفاية، فلا تلومونا ولوموا أنفسكم، فقد قيل "يداك أوكتا وفوك نفخ"، والريح الطهور قد هبت لقلع خيام الشر ولتزرع بذور الحرية لتتلاقح وطلع النخيل في أرضنا المقدسة المباركة، فلسنا متعجلين لأننا مدركون حتمية التاريخ، وبأن الدائرة على الباغي تدور، والظلم مرتعه وخيم.

كلمات خجولة في وداع الطفلة جنى عرفات

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى