الأربعاء ٢٨ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠١٢
بقلم الشربيني المهندس

كامب كايرو وغـزة

يذكرنا العنوان بكامب ديفيد ومعاهدة السلام بين مصر وإسرائيل برعاية أمريكية حافظت علي منع الحرب بين طرفي الصراع أكثر من ثلاثين عاما ولتصبح إسرائيل القوة العسكرية الأولي بالمنطقة .. فهل تتشابه الهدنة بين غزة بفرعيها حماس والجهاد وإسرائيل من جانب آخر وحرب الأيام الثمانية في نوفمبر 2012 حرب اكتوبر1973 والمنعقدة بكامب كايرو هذه المره.

في كل الأحوال كانت أمريكا الشريك الأساسي للتسويات بالشرق وما زالت.. منذ أكتوبر 73 جرت مياه كثيرة في المنطقة وصولا إلي ما يسمي بالشرق الأوسط الكبير وكان تأثير نتائج الحرب العربية الإسرائيلية واضحا.. يومها بدأت الحرب بأكثر من خدعة مصرية منها توقيت بدء المعركة الساعة الثانية ظهرا يوم سبت وصيام رمضان خلاف ما خططت إسرائيل.. وفي حرب غزة كانت المفاجأة في ظل مساعي الهدنة التي تحاول مصر عقدها بين إسرائيل وغزة وعودة إطلاق الصواريخ من غزة وتهديدات إسرائيلية بالرد.. وتدهور العلاقة بين عباس رئيس السلطة في الضفة وإسرائيل ومحاولته الحصول علي اعتراف الأمم المتحدة بدولة فلسطينية.. سبق هذه الحرب موقعة الرصاص المصبوب 2008 التي دمرت فيها إسرائيل غزة لحساب عباس كما يعتقد البعض وربما لتغطية آثار الحرب مع حزب اللـه وأداؤه غير المتوقع الذي أحرج إسرائيل فكانت غزة ميدان ضرب النار الجديد .. وهنا يبدو التشابه حيث قررت إسرائيل تجربة نظام القبة الحديدية لصد الصواريخ وأيضا قدرة الطيران الإسرائيلي علي سيادة الجو وسبقتها عملية ضرب مصنع اليرموك بالسودان بحجة وجود أسلحة إيرانية لتبدو السماء ملك للطيران الإسرائيلي..

المفاجأة جاءت من جانب غزة هذه المرة بعدد الصواريخ التي أطلقتها علي مدن إسرائيل ومداها لتتفوق علي عمليات حزب اللـه وان كان مصدر الصواريخ واحد وهو إيران.. هكذا تغيرت أشكال القوة بالمنطقة من جديد فبعد ظهور قوة الصواريخ المصرية المضادة لسلاح الجو والمدرعات الإسرائيلية عام 73 جاءت الصواريخ الإيرانية لتقول كلمتها في حرب 2012 ولأول مرة يطلق علي معركة عربية اسم حركي وهو طير الأبابيل وهو اسم من القرآن الكريم من جانب غزة مقابل عامود السحاب من التوراة جانب إسرائيل .. أيضا كان شهداء غزة 2008 يبلغ 1400 شهيد وانخفض العدد إلي حوالي 170 شهيد والأهم أن إسرائيل لم تماطل في تنفيذ الهدنة كثيرا بخلاف حرب 73 حيث أعلن السادات عرضه للسلام ومازال الرصاص في الميدان وانفتحت الثغرة الشهيرة لتغير نتائج المعركة الأولية التي كانت لصالح العرب..

وعودة إلي خريطة الشرق الحالية وقد تغير موقع حماس غزة من منظمة إرهابية إلي طرف معترف بوجوده في عملية التسوية وقد اعلن خالد مشعل رئيس المنظمة قبوله لحدود عام 1967 لأول مرة بين إسرائيل والعرب واعتراف بدور سياسي بديل للمقاومة أو بجانبها، بينما تراجع موقف عباس والسلطة ليبدو فشل حل السلام الاقتصادي يلوح في الأفق.. ودعما للسلام فإن الجديد أيضا إنه قد تشكل محور سياسي في المنطقة من مصر وتركيا وقطر ليديروا الشرق الأوسط ومشاكله.. فقد كانت اللجنة الرباعية من مصر وتركيا وقطر والسعودية مجتمعة بالقاهرة لإيجاد حل للمشكلة السورية وقت حرب الأيام الثمانية لتعاود جهودها لإحلال هدنة وليس اتفاق بين غزة وإسرائيل برعاية الجانب الأمريكي من القاهرة أيضا ولكن بدون السعودية.. وإذا كانت تركيا قوة اقتصادية وقطر قوة مالية وإسرائيل قوة عسكرية واقتصادية ونموذج ديمقراطي فماذا عن مصر صاحبة تجربة تأمين حدود إسرائيل المشتركة وبدايات ديمقراطية..؟

الأصابع الإيرانية الممتدة حول إسرائيل في سوريا ولبنان حزب اللـه وغزة أثبتت فاعليتها وتحريك العرائس حال وجود أخطار تهدد إيران أو ملفها النووي وإشارة واضحة لأمريكا وإسرائيل .. الفوضى الخلاقة مع اختفاء نظام الديكتاتوريات العربية فالرئيس المصري مبارك في السجن وقتل القذافي الليبي وزين العابدين التونسي في المنفي .. وعلي الساحة احتل الأخوان المسلمون هذه المواقع بمشاكلها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وسبقهم إخوان غزة وكذلك السودان فهل سيكون للإسلام السياسي ممثلا في مصر دوره لحماية الحدود مع الاحتراس مما حدث للسودان وليبرر بقوة وجود الدولة الدينية القوية إسرائيل لقيادة المنطقة وتبقي المواجهة الأخيرة بين إيران وإسرائيل ..؟


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى