الثلاثاء ١١ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠١٢
بقلم بوعزة التايك

تجاعيد الأيام

شاخت الشجرة ونهشت جذورها الفئران ورفضت حتى السحابة العجوز زيارتها. شاخ العندليب وشاخت عذراء الوادي السعيد والنحلة لم تعد قادرة على صنع العسل الحر. شاخت النجمة وشاخ حتى القمر فكيف تريدون من الشاعر أن يكتب شعراً؟

شاخت الشجرة وشاخ قوس قزح وشاخت حتى قطرات المطر بل شاخ حتى لون السماء. شاخت الواحات التي كانت ملجأً لأولئك التائهين الذين رفض الجميع استقبالهم وتريدون من الفاكهة أن تبقى موردة الوجنتين؟

شاخت الشجرة وشاخ حتى العاشقون الذين أحبوا وحلموا تحت أغصانها وتريدون من الحمامة أن تبقى حمامة تطير من غصن إلى آخر لتبديد الوحدة عن الشعراء المقهورين؟

شاخت الشجرة وشاخت أحلام الطالب اليساري المعروف بعطائه وتهوره وعشقه لعرق وسواعد العمال. شاخت الشجرة وشاخ معها المداد الذي يكتب به المحب رسالته الدافئة إلى محبوبته وقضاتكم يستعدون لمحاكمة العندليب بتهمة ترديد لحن العجائز؟

شاخت الشجرة وبنت الجيران التي كانت تستحوذ على عقولكم فلم تحاكمون شيخ الحي لأنه بال أمام الجميع خلال تجمع حول القيم الحضارية للبلد؟

شاخت حيطان منازلكم وتحاكمون أنتم شيخاً بنى لنفسه بيتا من طين لحماية أبنائه وأحفاده من لهيب قلوب النار؟

شاخت الشجرة وستشيخ حتى الشمس فماذا ستقولون للسنبلة حينما ستشكو لكم برودة الزمن القاتل؟

شاخت الشجرة والزهرة والفراشة والسحابة وضفاف الأنهار وعصا الجلاد لن تشيخ بل لن يشيخ حتى الجلاد. سيبقى دائماً شاباً طويل القامة عريض الكتفين عضلاته تخيف حتى ابنته الصغرى.

سيبقى هو هو وسيعيش طويلا للتفرج على الشجرة التي قالت له ذات يوم وهو يعذبها ويحرق أوراقها: لن أشيخ و لن أموت لكنها شاخت وماتت وماتت معها عنادل الأحلام.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى