الجمعة ٣ آذار (مارس) ٢٠٠٦
قصة قصيرة
بقلم أسماء غريب

جحيم النساء

إهداء إلى كل الصبايا

قفزت برشاقة من سرير حبهما و كلها انتشاء و حب....مازال طعم شفتيه عالقا بشفتيها...ألقت نظرة عميقة على مرآة غرفة لقاءاتهما السرية ...عيناها كان يشع منهما وهج رائع ...أضائت
وجهها الجميل بابتسامة أجمل ثم قالت له في غنج:

ـ آآه ياحبيبي ...لا أدري ما الذي سأفعله بنفسي بعد غيابك عني مرة أخرى...أنت ستعود إلى عملك و أنا سأعود لبيت الأسرة...و من يدري متى سنلتقي مرة أخرى ...أو متى ستستطيع الحصول من عملك على إجازة أخرى...ألم تتعب حبيبي من حياتنا هاته...لم لا نتزوج ما الذي ينقصنا؟...أنت تشتغل و أنا أيضا...ألم تتعب من لقاءاتنا السرية هاته في بيوت من هب و دب من أصدقائنا و كأننا نسرق شيئا ليس من حقنا...؟

نظر إليها بعمق وابتسم جارا إياها نحوه من جديد، قبلها بشدة...وقال لها:
ـ شغلنا ليس بكاف يا عمري...الزواج مسؤولية كبرى و لها مستلزمات أنت أدرى بها مني يا حبيبتي...أم أنك تريدين أن تهدي صرح هذا الحب الجميل الذي بنيناه طيلة هاته السنين...؟
ـ لا يا حبيبي و لكني أخشى أن يكون قد حان الوقت لزواج أكيد..
ـ أكيد ؟؟ و ما الذي يجعله أكيدا؟؟
ـ كنت أتمنى لو كان قرار زواجنا مسألة بديهية نختارها بكل اقتناع و حب و لكن يبدو أنه علينا أن نعجل بالأمر و أن تأتي لخطبتي من والدي و إلا ضاع كل شيء...
ـ ولم العجلة؟ هل تقدم لخطبتك من جديد أحدهم من معارف الأسرة أو من وجهاء حيكم؟..ارفضي طبعا عزيزتي كما فعلت دائما لن تنقصك الوسيلة و الأعذار...افعلي هذا من أجل حبنا.
ـ لا ليس ثمة خطيب و لا غيره.. أنا حامل و منذ اسبوعين يا أيمن.
نزلت كلماتها كالصاعقة في فضاء الغرفة و فاحت لشحناتها الكهربائية من جسديهما رائحة دخان احتراق الأفكار و المخاوف بدواخلهما ..أما هو فامتقع لونه و جحظت عيناه و جف حلقه ثم أردف يقول بصوت مبحوح:
ـ ماذا؟ حامل؟ كيف أقصد متى؟ و لم لم تنطقي بهذا أول ما دخلنا الغرفة...؟ ....؟...؟
ـ كيف كيف؟ و متى؟ أجننت يا أيمن؟ من يأكل الخبز يا عزيزي يسقط من بين أصابعه الفتات، ونحن يا أيمن من الخبز أكلنا الكثير...
بحركة آلية أبعدها عن جسده و قال:
ـ أرجوك يا سعاد غطي جسدك أو البسي ثيابك و لا تحدثيني بالإيحاء، عن أي خبز و فتات تتحدثين؟ ...اسمعي أرجوك ...يجب أن تتخلصي من الجنين...أنت ربما لا تقدرين مدى خطورة ما تفوهت به...ثم تعالي هنا، أقلت أنك حامل منذ أسبوعين و لم تخبريني..؟

حملقت فيه بغضب و هالها تغير سحنته المفاجئ و اندثار كل كلام الحب الذي كان يحقن به عروق سذاجتها في كل لقاءاتهما :

ـ و كيف أخبرك بالأمر و أنت بعيد عني في مدينة أخرى، ثم أنك تعلم جيدا أن مثل هاته الأشياء لا تحكى في رسالات و لا في هواتف ...ثم أني كنت أنتظر قدومك، هذا كل ما في الأمر
ولكن ليس هذا هو المهم ياأيمن، المهم هو ما تلفظت به من خبيث القول يا خبيث، يا نذل، أتريدني أن أجهض، ألا تخجل من نفسك ؟ ألا تخاف الله يا عديم الإيمان؟

ـ الله؟ ...اتركي الله جانبا من فضلك ...أين كان الله حينما كنت تأتين للقائي ؟ أين كان الله حينما سلمت لي نفسك..ثم من يدريني إذا كنت أول من سلمت له جسدك قبل الآن...؟
ـ اسكت من فضلك ، ولاكلمة زيادة، لاتخطئ في حقي أكثر من هذا..يكفي إهانات...و لاتبحث عني مرة أخرى ...سأختفي عنك و إلى الأبد و يكفي أنني خدعت فيك طيلة كل هاته السنين.
أمسك بيدها ...ضمها إليه و قال:
ـ أرجوك يا سعاد، فكري بعقلك..أنا لم أخدعك...لا تخشي شيئا...سأتكفل أنا بمصاريف الإجهاض، لا تخشين شيئا... و سيولي هذا الكابوس لحاله...وسنعود كما كنا، أحبة رائعين و أكثر.

نظرت إليه حاقدة، رفعت يدها وصفعته بكل قوتها، أخذت حقيبتها اليدوية و خرجت بدون رجعة حيث الجحيم الذي كان ينتظرها في الخارج، جحيم كل النساء المغبونات و المخدوعات الذي لم تكن تعرف عنه شيئا سوى ما كتب بقصاصات الجرائد أو بأوراق الروايات.

إهداء إلى كل الصبايا

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى