الاثنين ٧ كانون الثاني (يناير) ٢٠١٣
بقلم مجدي شلبي

اللحظة الفارقة

اعتصره الخوف والألم وهو عائد لتوه من تشييع جنازة أحد أصدقائه وزملاء دربه، ودار بينه وبين نفسه حوار كشفت عن تفاصيله الدقيقة عيون لا تعرف الكذب:

ـ يا الله... هكذا رحل غريب، آخر رفقائى... منذ ساعات كان يملأ الدنيا بصوته وابتساماته بل وبقهقهاته المتفائلة

ـ كان يسخر منك، عندما يراك مهموماً، "فكها بقى يا فؤاد، أنت غاوى نكد"!

ـ إي والله، بالأمس فقط كان يحدثنى عن خطته التى سيبدأ فى تنفيذها بعد أن خرج إلى المعاش

ـ هل تتذكر ما قاله لك؟

ـ عنفنى كثيراً على إحساسى الدائم باليأس والتشاؤم، "لا يأس مع الحياة" هكذا كان يردد، وهو يشرح لى تفاصيل مشروعه الصغير: مكتبة وآلة تصوير مستندات... لكنه رحل قبل أن يحقق حلمه... إنه لشىء محزن

ـ لا لا لا، حزنك ليس عليه، ولكن على نفسك التى حرمها بفراقة ممن كان يسليك بكلماته، ويسرى عنك بتفاؤله، ويضحكك بنكاته... فرحيلهم مقدمة لرحيلك

ـ مؤلم جداً أن أعيش منتظراً هذه اللحظة، بعد تلك الإشارات المتكررة: رحيل علاء بدر، وأحمد محمود، وحمدى رمضان، ومؤنس ضاحى، وشريف حسن، ورأفت صلاح، وأخيراً غريب فضل
ـ لم يتبق منهم أحداً إلا أنت

ظل هذا الهاجس يسيطر عليه: (لم يتبق إلا أنت) طيلة ثلاثين عاماً، قضاها فى هم الترقب وقسوة الانتظار، حتى جاءت اللحظة الفارقة.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى