الثلاثاء ١٤ آذار (مارس) ٢٠٠٦
بقلم خالد المنتصر

موانع الحمل والجنس

خريطة موانع الحمل خريطة متسعة الحدود ومتشعبة المسالك ومضطربة الملامح ففيها الهضاب والوديان وفيها أيضاً الجبال والصحارى والغابات، والرحالة الذين ينقبون في دروب هذه التضاريس متعددو الصفات والميول، فمنهم رجال الدين، ومنهم رجال طب النساء والولادة، ومنهم أيضاً علماء الأدوية والتشريح ووظائف الأعضاء، كل هؤلاء نزلوا بقواربهم للإبحار في هذا العالم الغامض وحملوا معهم أدواتهم ودوسيهاتهم وأحلامهم وأيضاً إحباطاتهم ولم يكن يخطر على بالهم على الإطلاق أن يبحر معهم علماء الجنس SEXOLOGY !!

فعلماء الجنس دائماً متهمون بأنهم يحشرون أنوفهم في ما لا يعنيهم ولكن علماء الجنس عندهم دائما الإجابة الحاضرة "الجنس هو الحياة ولذلك فلا أبواب مغلقة أمام أبحاثنا" وانطلاقاً من هذه الإجابة وضع هؤلاء العلماء الجنس على مائدة التشريح وتساءلوا هل من الممكن أن تؤثر موانع الحمل على الأداء الجنسي وعلى إيقاعه وعلى كم الإستمتاع فيه؟ وبدأ البحث وكانت الحصيلة هي هذه الإجابات.

البداية هي حبوب منع الحمل، وقد تعددت الآراء وتضاربت في مدى تأثير هذه الحبوب على الممارسة الجنسية، فالأبحاث القديمة نوعاً ما مثل الأبحاث التي أجريت بواسطة العالمين ماسترز وجونسون في بداية السبعينات لاحظت نتائجاً سلبية على الجنس، ولكن في نهاية السبعينات عارضهما عالم آخر هو جامبريل وأكد على عدم صحة هذا الفرض، ولكن الآن وحلاً لهذا التضارب وبقراءة ملفات النساء المترددات على العيادة الجنسية إضطر العلماء لتصنيف التأثيرات الجنسية تبعاً لتأثيرات حبوب منع الحمل كل على حده، فمثلاً في بعض الأحيان يزيد معدل الإلتهابات المهبلية مما ينشأ عنه بعض المشاكل أثناء الممارسة الجنسية، وعلى العكس فتأثير الحبوب الذي يهدئ ويثبط متاعب ما قبل الدورة الشهرية وتقلصاتها من الممكن أن يجعل الجنس أكثر متعة والمرأة أكثر إستجابة، وتتدخل العوامل النفسية في بعض الأحيان ويسيطر شعور الإحساس بالذنب على من تتناول أو تتعاطى الحبوب فينعكس ذلك بالتالي على درجة الإستمتاع والنشوة، وفى أحيان أخرى وطبقاً للقاعدة التي تقرر أنه لا يوجد إستمتاع مع خوف، فإن زوال الرعب من حدوث حمل يجعل المرأة أكثر إستمتاعاً وتركيزاً نتيجة للأمان الذي تضفيه هذه الحبوب على الجنس، ومن أهم صفات الحبوب التي تجعلها غير معوقة للعملية الجنسية أن تناولها غير مرتبط بوقت الأداء الجنسي نفسه ولذلك فهي لا تسبب أي نوع من أنواع التشتت أو الإضطراب أثناء الجماع.

أما اللولب والذي يستخدم هو الآخر على نطاق واسع كوسيلة سهلة لمنع الحمل ولكنها أقل أماناً وفاعليه من الحبوب فقد وضع هو الآخر تحت ميكروسكوب الدراسة والبحث، وقد زاد إنتشار اللولب بصورة كبيره حتى بلغ عدد النساء اللاتي يستخدمنه حالياً أكثر من ستين مليون إمرأة على مستوى العالم، وهو رقم ضخم بالمقارنة لمنتصف الثمانينات والتي شهدت إنخفاضاً شديداً نتيجة لسحبه من السوق الأمريكية حين إكتشف العلماء أن أنواعه القديمة تسببت فى إلتهابات شديدة في قنوات فالوب مما قد يسبب عقماً دائماً فضلاً عن زيادة إحتمالات الحمل خارج الرحم ولكن منذ أوائل التسعينات ونتيجة للتقدم الهائل في صناعته أصبح أكثر أماناً، وكما ذكرنا من قبل في حديثنا عن أقراص منع الحمل فاللولب لا يتسبب في إعاقة الأداء الجنسي اللهم إلا إذا كان موضوعاً بطريقة خاطئة ومصحوباً ببعض الإلتهابات المهملة من المرأة، هنا فقط من الممكن أن يسبب ألماً أثناء الجماع أما بالنسبة للرجل فمن الممكن أيضاً أن يشعر بألم هو الآخر نتيجة للخيط أو الذيل المتدلي من اللولب داخل المهبل وفى أكثر من 10% من السيدات اللاتي يستعملن اللولب فإن المغص الشديد أو النزيف المستمر يفقدهن الرغبة في الممارسة الجنسية.

نأتي إلى الـ DIAPHRAGM أو الحاجز المهبلي والذي يعمل كحاجز ميكانيكي يغلق عنق الرحم ويمنع الحيوانات المنوية من الوصول إليه ولمزيد من الإحتياط والأمان يضاف إليه مواد كيماوية قاتلة للحيوانات المنوية لجعله أكثر فعالية، والعيب الأساسي في هذه الوسيلة هو الإزعاج الذي يصاحب وضعها لأنها لابد من أن توضع والزوج والزوجة يتهيئان للقاء الجنسي مما يخفض درجة الرغبة والإستمتاع بالإضافة إلى أن بعض الرجال ينزعجون من المواد الكيماوية المضافة للحاجز ويذكر ماسترز وجونسون من واقع ملفات مرضاهما أن الحاجز المهبلي إذا كان كبيراً فإنه يسبب ألماً أثناء الجماع.

وكما ذكرنا الإزعاج في الحاجز المهبلي فإننا سنضطر لذكره أيضاً في الواقي الذكرى والذي من الممكن أن يقطع حبل الخيال والنشوة، إلا إذا اعتبره الطرفان وجعلا من ارتدائه نوعاً من المداعبات ما قبل العملية نفسها، والكثير من الرجال اشتكى من أن إحساسه الجنسي قد انخفض عندما ارتدى الواقي الذكرى وعلى حد تعبير أحد المرضى "إنه يشبه اللعب على البيانو وأنت ترتدى قفازاً"، والبعض يشكو أيضاً من أنه لا يستطيع أن يحافظ على درجة انتصابه أثناء ارتدائه الواقي الذكرى لأنه يزيد مما نسميه في علم الجنس قلق الأداء المصحوب بمراقبة الذات، ولأن الجنس لا يراقب ومن الأفضل أن يتم أتوماتيكياً كنبض القلب من الممكن أن يعوق اللولب المتعة الجنسية، ولكن ماسترز وجونسون يذكران أنه في أحيان كثيرة يساعد الواقي الذكرى على الإثارة الجنسية خاصة في السن الكبير، وعندما يتقدم العمر بالمرأة وتفقد البلل المهبلي الذي يصاحب الإثارة هنا يجعلها الواقي أسهل، وهما يذكران أيضاً أنه قد ساعدهما في علاج حالات كثيرة للقذف السريع عند الرجل.

إنه البحث العلمي الذي يصر على أن ينظر من ثقب الباب وأن ينقل غرف النوم إلى الشارع وأن يرصد بكاميرته الزووم القبلة واللفتة وحتى التنهيدة، إنه البحث الذي جعل حتى من المتعة علماً يدرس ومن الجنس سلوكاً يبعث على الاحترام.

نقلاً عن موقع إيلاف


مشاركة منتدى

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى