الأربعاء ١٣ شباط (فبراير) ٢٠١٣
بقلم إبراهيم خليل إبراهيم

بلسم الحياة وصانع الأمجاد

في الرابع عشر من شهر فبراير تحتفل دول العالم المتحضر بيوم الحب أو يوم القديس فالنتين بعد أن كان الاحتفال مقصورا على الدول الناطقة باللغة الإنجليزية وفالنتين كان قسيساً يعيش في روما وتم قتله عام 269 بعد الميلاد تقريبا ودفن رفاته في كنيسة سانت براكسيد الموجودة في روما وهناك فالنتين أخر وهو قديس عاش في مدينة تورني وفي عام 197 بعد الميلاد أصبح أسقفًاً للمدينة وقيل أنه قُتل أثناء فترة الاضطهاد التي تعرض لها المسيحيون في عهد الامبراطورأوريليان.

في مصر يتم الاحتفال بيوم الحب في 14 فبراير و4 نوفمبر ونسجل هنا أن أستاذي الكاتب الصحفي الكبير مصطفى أمين (رحمه الله) صاحب فكرة يوم الحب في مصر وجاءت فكرته عندما خرج من السجن وشاهد في حي السيدة زينب نعشاً وراءه ثلاثة رجال فقط فتعجب!! لأنه يعلم أن هذا الحي يتميز بالتآخي والترابط فسأل أحد المارة عن الرجل المتوفى؟ فقال له: رجل عجوز بلغ من العمر 70 عاما فتنهد الكاتب الصحفي الكبير مصطفى أمين تنهيده طويلة وقال في نفسه: أيصل الرجل إلى سن السبعين ويخرج من الدنيا هكذا؟! ثم تذكر يوم كان مع توأمه على أمين في مظاهرة شعبية تنادي بسقوط الملك فؤاد ووزارة محمد محمود وتم القبض عليهما ودخلا السجن وكان عمرهما في ذلك الوقت لم يتجاوز 14 سنة ثم نُودىَّ عليهما فخرجا من زنزانة السجن وأعتقدا أنهما سيفرج عنهما ولكنهما فوجئا بأن الحارس يقدم لهما الطعام والخبز مع بطانيتين من الصوف فسألا عمن أحضر كل هذا ؟ فقال لهما الحارس: التي أحضرت هذا سيدة تقيم في الحي أتت بكل هذا وقالت: إنها شاهدت غلامين يدخلان السجن ولم يخرجا والبرد قارس وإنها لن تنام وأسرتها وأنتما في السجن مع الجوع والبرد.

أخذ الكاتب الصحفي مصطفى أمين على عاتقه الدعوة لتخصيص يوماً للحب يراجع فيه كل إنسان حساباته ويقف مع نفسه وفي البداية لم تقابل دعوته بالحماس لأن المعارضين توهموا أن مصطفى أمين يدعو إلى العشق والغرام وغاب عنهم أن كاتبنا الكبير يقصد بيوم الحب.. حب الوطن والعمل والحق والخير والرحمة والحنان والتسامح وفتح باب الأمل لمن أُغلقت في وجوههم الأبواب وعندما عرفوا كل هذا كتبوا عنه وشجعوه وحاول الكاتب الصحفي الكبير وأستاذي مصطفى أمين أختيار اليوم المناسب للاحتفاء بالحب ولم يجد شهراً يخلو من الاحتفالات والاعياد إلا شهر نوفمبر وأجرى استفتاء لاختيار اليوم المناسب وأستقر الرأي على أن يكون يوم الحب هو الرابع من شهر نوفمبر،

نقول هنا : الحب كلمة من حرفين (حاء) و (باء) صنعت أمجاد أفراد وجماعات وأمم وشعوب وتهاوت هامات عمالقة.. الحب في اللغة يعني البياض والصفاء ونزوع للطاعة وإرضاء المحبوب أما الكراهية فتعني العصيان والإيذاء والمتأمل للأدب الإنسانى عبر الحضارات يجد أن فكرته الرئيسية تمثلت فى التعبير عن الحب بمعناه العام فتارة نجد الحب بمعناه الإنسانى العام وتارة نجده يتحول إلى فعل إيجابى وتارة أخرى نجد الحب بين الإنسان والإنسان وبين الإنسان والمجتمع وبين الإنسان والوطن وتارة نجد من وهب حبه للمرأة أو السلطة أو الحرية أو للعقيدة.

الحب هو بلسم الحياة هو كلمة واحدة من حروف قليلة ولكن لا شئ يشغل العالم كله ويستغرق تفكيره ونشاطه كهذه الكلمة.. ففى هذه الكلمة الصغيرة عالم ضخم من المعانى والمشاعر الإنسانية وغير الإنسانية.. فهناك حب الأم وحب الأب وحب الأطفال وحب الذات وهناك الحب الأخوى وحب الإنسان لبيته ووطنه والحب يشمل هذه المعانى جميعا إن الحب عاطفة إيجابية وتوسيع لآفاق الحياة وثروة لا غنى عنها إنه يدفعنا إلى الأمام لنحقق كل شئ كبير وهو يقضى على الحقد والكراهية وكل نزعة إلى التخريب والهدم ولكى نحب لابد أن نكره.. أى: إننا لكى نحب الجمال فلابد أن نكره القبح أولا ولكى نحب العدل لابد أن نكره الظلم ولكى نحب الإخلاص لابد أن نكره النفاق والرياء وإذا كان الكُره أبغض ما فى قواميس اللغة من ألفاظ فإن الحب أسمى ما فى الوجود من معان والشاعر الإنجليزي وليام شيكسبير استخدم كلمة الحب في مسرحياته واشعاره 2271 مرة وقال إيليا أبو ماضي:

إنَّ نفساً لم يشرق الحب فيها...
هي نفسٌ لم تدري ما معناها
أنا بالحب قد وصلتُ إلى نفسي...
وبـالـحـبِّ قـدْ عـرفـتُ الـلـه.

وقال الفنان الصحفي حسين بيكار:

ضحى إبراهيم بإبنه عشان رضا مولاه
وكان فؤاده مطهره بحب الإله وملاه
عشان كده سماه خليل وف أعلى مقام علاه
والطاعة رمز الحب وأجمل حب.. حب الله.

نحن في مسيس الحاجة أن يشملنا الحب ويطرز حياتنا في البيت والمصنع والعمل والشارع والكلام والحديث والحوار.. هيا نحب وطننا بالعمل والإنتاج والحفاظ على المرافق والمنشآت.. هيا نحب أنفسنا وننكر ذواتنا ونسمو فوق الصغائر والكبائر والضغائن فمصر تحتاج لكل المخلصين الشرفاء وقبل أن نفترق أردد مع المبدعة ميرفت السنوسي قولها: أيها الحب: مني إليك دوما نداء ومن نبض النبض كل الرجاء.. ألا تتخلى عني.. ألا تتركني أقاوم وحدي.. أيها الحب: كن لي الطريق والزاد في رحلتي.. كن هاديا لي في حيرتي.. كن رفيقي في غربتي وصديقا في وحدتي.. كن أنيسي في وحشتي وفي المحن كن العزاء.. كن الدفء في صقيع الحياة وفي لهيبها كن مظلتي.. أيها الحب: في الربيع كن زهرتي.. وفي خريف العمر هدأتي.. وفي كل العمر على السطور كلمتي.. وتحت خط القلم عندما يتراقص أنت صفحتي.. أنت المرسى لسفينتي بل أنت كل الحياة.. وحينما يخبو ضوئي تظل أنت بريقي.. سيكون بك بعد الموت بعثي وفيك يحيا بعد الفناء نبضي.. نعم.. كل هذا لك ياأيها الحب.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى