الثلاثاء ٥ آذار (مارس) ٢٠١٣
بقلم فراس حج محمد

زرعت لك اليوم نرجسة!!

ما نفع تلك النرجسة التي زرعتها لك يوما؟ أدركت الآن، ولكنك أدركتِ قبلي، أنها كانت تحمل نبوءتها القاسية بأن عمر علاقتنا قصير يساوي عمر نرجسة مزروعة هناك تشقى بالزمن وتصارعه لتتفتح قدر غيمة صيف لا مطر فيها قبل أن ترحل، ولكن لماذا لا نتدبر أنا وأنت أن أصول تلك النرجسة باقية حيث زرعتها متمسكة بأرضها لا تريد الموت، إنه اختباء مؤقت لتعاود تجددها كل موسم، إنه تجدد العلاقة العاطفية التي تأبى أن تموت وإن توارت في الظلال، هكذا همست بأذني تلك النرجسة عندما صافحها القلب والها حزينا ومشتاقا.
زرعت لك نرجسة، وجعلتها على مرأى البصر صباحا ومساء ليعانق ظلها ظلي الباهت المنسحب بكل تثاقل كلما مررت عنها، لأراك في كل غدوة ورواح، زرعتها بيدي التي أتعبتها حروف الانتظار والشوق، حجّرتها بدوائر من وله وأمنيات، وحرّصت عليها، لأهديك وردتها وعطر أنوثتها، وشهي منظرها وهي سامقة تتهفهف مع نسائم الصباح المحملة بالأغاني، لتتحدث عنك، فتنفتح شهية الكلام على مصراعيها وصراعها وحنينها، تناجيك حيث تكونين، فأنت نرجستي كنتِ ولم تزلِ، وأنت هي وهي أنتِ، وستكبران معا مسرعتين نحو شواطئ الحلم البهيّ المنتظر.

اختبأت في أرض أحلامي، ولم تغيبي عن البال، واختبأتُ في بوحك الممنوع من الوصول، لم أغب عن بالك، وهل من كان مثلك ينسى مثلي؟ فماذا الذي يبعدك غير معمعة العمل التي أتعبت الأجسام القلقة على مستقبل ورودها؟ كم تمنيتُ لو شاركتك بعض ذلك التعب فأريحك من غبار التعاسة التي أهالت رمادها فحجبت الرؤيا وسارت تموج في الضباب، تماما كتلك النرجسة التي أتعبها الانتظار فاختبأت في أحشاء الأرض لتعود بثوبها القشيب في موسم آخر.

أستميحك عذرا أيتها الغادية في سحائب المروج، الساكنة في أعصاب الروح، لا تكفي عن العطر، إن قلبي بات بلا بوصلة، لم يعد له سواك غانية وفاتنة وأمينة، استبقي الذاكرة مائجة على سطوح الغيم، لعلها تمطر نرجسا فواحا فتنعم العين بمرآك بهية يا عيون النرجس، فالقلب يقول ولا أصدق من قوله: "الأحلام وجه آخر للحقيقة". فاستعدي لنكون معا في حقول الياسمين.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى