الأربعاء ١٧ نيسان (أبريل) ٢٠١٣
بقلم إبراهيم خليل إبراهيم

طريق النور

العلم هو طريق التقدم الأفراد والأمم والشعوب،وهو النور الذي يضيىء ظلمات الجهل،وقد حث ديننا الإسلامي على طلب العلم،وجعل العلماء ورثة الأنبياء ليس في الممتلكات والأموال بل في العلم النافع والأعمال الصالحة وهداية البشرية،فالقرآن الكريم الكتاب المنزل على رسول الله صل الله عليه وسلم ومعجزته الخالدة أورد العديد من الآيات التي تحثنا على قيمة العلم والعلماء ففي الأية 11 من سورة المجادلة قال تعالى:﴿ َرْفَعْ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ وقال تعالى في الآية 28 من سورة فاطر:(إِنَّما يَخشى اللهَ من عبادِه العلماءُ) أي:أن العلماء أكثر العباد خشية لله تعالى،وقال الله تعالى لنبيه ورسولنا محمد صل الله عليه وسلم:(وقُلْ رَبِّ زِدْني عِلما) سورة طه الأية 114،أيضا المتأمل لكتاب الله .. القرآن الكريم ..يجد أن لفظ العلم ورد بتصريفاته المختلفة فيما يزيد عن 750 مرة مشفوعاً معظمها بالدعوى إلى التدبر في آيات الله المسطورة ومع أننا نجد دلالات محددة وفقا لسياق الأية ففي الأية 148 من سورة الأنعام ورد بمعنى الدليل والحجة قال تعالى:(قل هل عندكم من علم فتخرجوه) وفي الأية 78 من سورة القصص ورد بمعنى الفضل قال تعالى:(قال إنما أوتيته على علم عندي) وفي الأيتين 166 و 167 من سورة آل عمران ورد بمعنى التمييز قال تعالى: (وليعلم المؤمنين وليعلم الذين نافقوا) ولكن لاتعارض ولاتنافر بل المحصلة ترجع إلى المعنى الرئيسي من لفظ العلم وهو معرفة الشيء على ما هو عليه.

كما أوردت السنة النبوية المطهرة عدة أحاديث في فضل العلم والعلماء كما حثنا السلف الصالح على ذلك،عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:قال رسول الله صل الله عليه وسلم (من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهّل له به طريقاً إلى الجنة) رواه مسلم ، وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال:قال رسول الله (لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه مالاً فسلّطه على هلكته في الحق ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها) متفق عليه،وقال صل اللهعليه وسلَّم:(من يرد الله به خيراً يفقه في الدين) رواه أحمد والطبراني،وقال صل اله عليه وسلم:(من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة) رواه مسلم،وقال صل الله عليه وسلم:(من خرج في طلب العلم فهو في سبيل الله حتى يرجع) رواه الترمذي،وقال صل الله عليه وسلم:(طلب العلم فريضة على كل مسلم) أخرجه ابن ماجه وابن عدي وابن عبد البر وغيرهم،وقال صل الله عليه وسلم : (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له) رواه مسلم،وعن معاذ بن جبل رضي الله قال:(تعلموا العلم فإن تعلُّمه لله خشية،وطلبه عبادة،ومدارسته تسبيح،والبحث عنه جهاد،وتعليمه صدقة،وبذله لأهله قربة وهو الأنيس في الوحدة، والصاحب في الخلوة،والدليل على الدين،والنصير في السرَّاء والضراء،والوزير عند الإخلاء،والقريـب عند القرباء،هو منـار سبيل الجنة،يرفـع الله به أقواماً يجعلهم في الخير قادة وسادة،يُقتدى بهم،يدل على الخير،وتقتفى به آثاره،يجعلك مع الملائكة والمُقَرَّبين، يسبِّح لك كل رَطْبٍ ويابس،تستغفر لك حتى الحيتان في البحر،وهوامُّ السِباع في البَر،به يطاع الله عزَّ وجل وبه يُعْبَد الله عزَّ وجل،وبه يوحَّد الله عزَّ وجل،وبه يُمَجَّد الله عزَّ وجل،وبه يتورَّع الإنسان وبه توصل الأرحام،وبه يُعرف الحلال والحرام هو إمام العمل يلهمه السُعداء ويحرم منه الأشقياء) وقال الإمام على بن ابى طالب كرم الله وجهه:(العلم خير من المال ..لأن المال يحرسه والعلم يحرسك،المال تفنيه النفقة والعلم يزكو على الإنفاق،العلم حاكم والمال محكوم عليه،مات خازنو المال وهم أحياء،والعلماء باقون مابقي الدهر،أعبائهم مفقودة وآثارهم في القلب موجودة).

أيضا يوصينا الإمام على بعدم مصاحبة الجاهل،ويؤكد على الاهتمام بحسن اختيار الصاحب الصالح العارف،والعالم والعامل بتعاليم ديننا الحنيف فالصحبة الصالحة خير من العزلة،وفى نفس الوقت فإن العزلة خير من صحبة السوء كما يدعونا إلى القلوب الطيبة النقية وعدم الانخداع برتوش الوشوش الصفراء:

لا تصحب أخا الجهل
وإيـاك وإيـاه
فكم من جاهل أردى
حليما حين أخاه
يقاس المرء بالمرء
إذا ما المرء ماشاه
وللشىء من الشىء
مقاييس وأشباه
وللقلب على القلب
دليل حين يلقاه.

أيضا تأملوا هذه الأبيات التي خالدها التاريخ للإمام على رضى الله عنه والمتضمنة كنوز الحكم النفيسة:

النــــاس من جهة التمثال أكفــــاء
أبـــــوهم آدم والأم حــــــواء
وإنما أمهــــــــات الناس أوعية
مستودعات وللأحســاب آبـــاء
فإن يكن لهم من أصلهــــــم شرف
يفاخـــــرون به فالطين والمــــــاء
مــالفضل إلا لأهل العلـــــم إنهـــم
على الهــــــدى لمن استهــــدى أدلاء
وقيمة المرء مـــاقد كــــان يحسنه
والجاهلون لأهــــــل العــــلم أعــــداء
فقم بعـــــلم ولا تطلب بــــــه بدلا
فالناس موتى وأهل العــــلم أحيـــــاء

عن فضل العلم أيضا قال الإمام الشافعي رضى الله عنه:

رأيت العلم صاحبه كريم
ولو ولدته آباء لئام
وليس يزال يرفعه إلى أن
يعظم أمره القوم الكرام
ويتبعونه في كل حال
كراعي الضأن تتبعه السوام
فلولا العلم ماسعدت رجال
ولا عرف الحلال ولا الحرام

علينا التمسك بطرق العلم النافع الذي يخدم الإنسانية والوطن،وعلينا أيضا محاربة الجهل ذلك الداء العضال الذي يفتك بالأمم والشعوب فالأمة التي ترضى بالجهل سوف تجني العواقب الوخيمة في المجالات الإجتماعية والإقتصادية والحضارية والأخلاقية فشر المصائب الجهل،وفي الختام نردد مع الشاعر قوله:

العلم يرفع بيتا لا عماد له ... والجهل يهدم بيت العز والشرف.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى