الجمعة ١٢ تموز (يوليو) ٢٠١٣
بقلم فوزيّة الشّطّي

إلَى رُوحٍ شَقِـيق

الإهداء: إلى من سخرتْ به الحياةُ، فسَخِر بها موتا فاجعا
إلى روحٍ شقيقٍ ودّع عام ألفين خليدا في قاع بئر
إلى من طعن حرْفِي وأفحمَ كلماتِـي دهْرا.
 
كُنتَ أصْغرَ ما يَكونْ
لَمَّا اكْتوَيتَ بظُلمةِ الجوْفِ السَّحيقْ
كُنتَ أصْغرَ مِن صغِيرْ
لا أنيسَ، لا جَلِيسَ، لا رَفيقْ
لا طريقْ... إليْكَ فِي حَرَمِ القبُور الموصَدهْ
ذَرّةٌ تكْفِي لِتقْصِمَ قلبَكَ الدّامِي الغَريقْ
ليتَ ما انتحَبتْ سَماءٌ، ما ابْتلَّ رِيقْ
ليتَ ما حَلَّ الظّلامُ
يَجلُدُ الجسدَ المثلَّجَ... لا يُفيقْ
الماءُ حوْلكَ لا يُبِينُ ما حَواهْ
لا يُحدِّثُ، لا يَشِفُّ، لا يَلِينْ
طَعنُوكَ في كلِّ الْمَقاتِلْ
ذبَّحُوا الطِّفلَ الغَرِيرْ
سَلخُوا طرِيَّ الجلْدِ حتَّى
جَفَّ فيكَ الحسُّ... ما انْبعثَ الأنينْ
وضَحِكتَ مِن عَبثِ الكِبارْ
وضَحِكتَ مِن عُقَدِ الكِبارْ
وضَحِكتَ مِن عقْلٍ صَفيقْ
ظَلْتَ أصْغرَ مِنْ صَغِيرْ
ما زِلتُ أُنصِتُ، يَطرقُ سَمعِي الشّهِيقْ
وأراكَ تَمشِي مِشيةً عَجْلَى
لا الْتفاتَ، تُسابِقُ الظّلَّ الرّشِيقْ
تَدُكُّ الأرضَ تَرْجُوها احْتِضانا
يا فتِيّا هَدَّه رُعْبُ المصِيرْ
ما زِلتُ أُبصِرُ رُعبَكَ الدّامِي المرِيرْ
في هَدْأةِ الجوْفِ السّحِيقْ
يا كَسِيرَ الطَّرْفِ، يا خَجِلَ الْخُطَى
يا رُوحا وَئِيدْ
مَنْ أماتَك، يا خَلِيدُ؟
مِن سَوادِ العينِ مَنْ سَلَّ لَمّاعَ البرِيقْ،
مَنْ سبَى وَهَجَ الفُتوّةِ والأخوَّةِ والأُبُوّةِ
مَنْ... تُرَى، والكوْنُ عِيدُ؟
مَلَكُ الصِّبا أنَّ في الدّرَجِ العتِيقْ:
«بِربِّكَ، لا تَغِبْ في عتْمةِ الجوْفِ السّحيقْ»
مَلَكٌ يَئِنُّ مِن صَدإٍ مَكِينْ
لا بابَ أطرُقُ لوحَه التَّرِبَ الْمُعفَّرْ
نَزلَ السِّتارُ، وارتدَّ رُكحٌ مِن جُنُوحٍ مِن جُنونْ
أوّاهُ مِن سَكَنِ القُبُورِ الْمُوصَدَهْ!
يَبقَى لِي حَقُّ البُكاء على ضُلوعِكْ
يبقَى لِي نَبْشُ التُّرابِ الْمُرِّ
شَرَفُ التّمرُّغِ في الثّرَى
يبقَى لِي رَجْعُ الصّدَى... وَالكونُ عِيدُ
كَمْ تَجلَّى موتُكَ الدّامِي الْمُخاتِلْ
في رؤايَ الْمُسْتنِيرهْ!
كمْ تَجلَّى شاهِرا بَرْدَ اليقِينْ،
كاتِمًا بُرْدَ الْمُقاتِلْ!

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى