الخميس ٢٥ تموز (يوليو) ٢٠١٣
بقلم بلقاسم بن عبد الله

مفلاح وحصاد السنين

ولماذا نفضل تكريم وتمجيد الراقدين تحت التراب على حساب الأحياء الفاعلين الذين يبدعون ويصنعون النبوغ الجزائري في دنيا الأدب والفكر والصحافة والإبداع؟. لماذا لا نكتب عن أقرب الأدباء إلينا؟.. أم نكتفي بالكتابة فقط عن أسماء نقرأ لها ولا نعرفها؟..تساؤلات مثيرة للجدل رافقتني من جديد بعد قراءة الحوار المطول مع الأديب المعروف محمد مفلاح من طرف الصحفي المتميز صالح رويبي والمنشور بملحق النادي الأدبي لجريدة الجمهورية بتاريخ 8 جويلية الجاري.

جمعني مع صاحبنا مفلاح منذ أسبوعين بالجزائر العاصمة ملتقى وطني عن الشاعر مفدي زكريا ، وسرعان ما عاد به شريط الذكريات إلى بداية كتاباته الأولى سنة 1973، عندما كان يبعث لي بقصصه ومقالاته لتنشر بصحيفة الشعب الثقافي التي تشرفت بالعمل ضمن هيئة تحريرها إلى جانب الأديب اللامع الطاهر وطار، وقد صدر منها 42 عددا خلال الفترة الواقعة ما بين جوان 1972 ومارس 1974.

وأذكر أول مقالة أدبية وصلتني من صديقنا مفلاح عن رواية ريح الجنوب للأديب عبد الحميد بن هدوقة رشحتها لتنشر بملحق الشعب الثقافي بتاريخ 5 أوت 1973 وتوالت مقالاته لتظهر تباعا وهي قراءات في أعمال أدبية منها مسرحية الهارب للطاهر وطار، و بحيرة الزيتون القصصية للدكتور أبو العيد دودو، وبراعم الشعرية للمذيعة المتألقة مبروكة بوساحة، الأرواح الشاغرة للأديب عبد الحميد بن هدوقة.

ومازلت أحتفظ حتى الآن ضمن وثائقي الخاصة بنسخة أصلية من مقالته عن بحيرة الزيتون القصصية للأديب الدكتور أبو العيد دودو، كتبها يومئذ وهو لم يكتمل عمره العشرين ، حيث يشير إلى تاريخ 22 جويلية 1973 واستهلها بقوله: الواقع هو المصدر الأول والمحور الأساسي لكل فن عظيم. فحياة المجتمع الجزائري أثناء الثورة الكبرى، كانت الشغل الشاغل لكل فنان تربطه صلة بوطنه في آلامه وأفراحه.

وتوالت كتابات مفلاح بعد ذلك في صحف ومجلات وطنية، منها على وجه الخصوص: آمال، الجزائرية، الوحدة. لتستقر معظم قصصه القصيرة بملحق النادي الأدبي لجريدة الجمهورية خلال الفترة الواقعة ما بين 1978 و1988 وقد اختار نماذج من تلك القصص ليطبعها ضمن مجموعته الأولى التي تحمل عنوان: السائق.

وكثيرا ما كانت قصصه المنشورة بهذا الملحق الأدبي الأسبوعي تثير شهية واهتمام القراء، فكانت تلحق عادة بقراءات ومتابعات نقدية من طرف أقلامنا البارزة.

وأولى النادي الأدبي اهتماما متزايدا لكتابات مفلاح و خصص صفحة كاملة لمحاورته تحت عنوان كبير: المبدع في انتظار غودو النقد، أجرى الحوار الصحفي الإذاعي عابد زقاي، ونشر بالعدد 444 بتاريخ 14 ديسمبر 1986 ويقول في إجابته عن سؤال مطروح : إن صدور أعمالي الأدبية تمنحني لحظات من الفرح، لأنها ستكون في متناول كل القراء الذين سيطلعون على أدبي، فيحكمون له أو عليه.

وتوالت اللقاءات بيننا أثناء دورات المجلس الوطني لاتحاد الكتاب و الملتقيات الثقافية والمهرجانات الأدبية، وخاصة القصة القصيرة بسعيدة، النقد الأدبي بوهران، الرواية بقسنطينة، ثم ملتقيات أخرى بكل من مدينة معسكر وجامعة وهران وأخيرا بالجزائر العاصمة منذ أسبوعين خلال مساهمتنا في ملتقى وطني قدم محاضرته بعنوان :الرؤية الإسلامية في إلياذة الجزائر، تزامنا مع تخليد عيد الإستقلال والشباب .

وجاءت الفرصة مواتية للحديث عن مجموع أعماله الأدبية والتاريخية و قد ناهزت الثلاثين، ومع هذا لم تنل حقها الطبيعي الشرعي من الدراسة والنقد من طرف المختصين والمهتمين سواء على مستوى الجامعة أو المنابر الأدبية بصحفنا الوطنية.


مشاركة منتدى

  • شكرا لك أخي الأستاذ بلقاسم بن عبدالله على هذه الشهادة الرائعة التي شرفتني بها في هذا الموقع المحترم.
    وأعترف بهذه المناسبة، أنك كرمتني مرارا بمقالاتك الجميلة عن كتاباتي وأبحاثي، كما شجعتني طوال سنوات على مواصلة الكتابة وذلك بنشر مقالاتي ونصوصي في ملحق ""الشعب الثقافي" ثم منبر "النادي الأدبي".
    ولا أنسى أيام الماضي الجميل التي جمعتنا بمقر جريدة "الجمهورية"، أو في أجواء الندوات والملتقيات والمؤتمرات الثقافية، وكنتَ دائما الإنسان المتواضع الحكيم الذي ينصت بأدب جم إلى أحاديثنا عن مشاريعنا الأديبة وهمومنا الثقافية.
    وفي اليوم الدارسي حول مفدي زكريا ليوم 2 جويلية 2013 وبعد مرور أربعين سنة على تعارفنا من خلال المنابر الإعلامية أو أثناء لقاءاتنا المباشرة، اكتشفتُ أن أخي العزيز بلقاسم مازال مصرا على الكتابة، والبحث، والنشاط الثقافي، وبحماسة ومحبة.
    تحياتي وصح فطورك.. ودمت عزيزي بلقاسم كاتبا مبدعا وإعلاميا متألقا.
    ورحم الله أستاذي الروائي الكبير عمي الطاهر وطار.

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى