الاثنين ٦ كانون الثاني (يناير) ٢٠١٤
بقلم
حائطيات طالب المقعد الأخير 10
الوطن الذي نام في القفص صار وحشاً مفترساًكان العدو كالذباب يأكل يدي الصباحأتذكرين يا جدتي حين كنا نلم الخبيز قلتِ ليإن هذا الورد الذي نزرعه تمرُّ عليه أبقار العدووبدلاً من الحليب يبيعوننا الرصاصكان الصيف حاراً، لم نشترِ مروحة ولا فتحنا النوافذمرّت حافلات قريتنا تحمل سلال عرقنافي الصباح حين يبدو الذباب مزعجاً كانوا يغسلون بها أرصفة المدنأفكرُ كثيراً ..أصمتُ كثيراً ..وحين يجافيني النوم أعدّ أسماء الذين رحلواوأشنق كوابيسي على حبال البامية التي كانت تعلقها جدتي على عتبة البيتأجلس كثيراً ..وأعيد حياكة الأمل كلما انفتق ثوب الوطن***لا في الصيف ولا في الشتاءولا في الأيام التي تكون مدفأة الدكان خاوية من الحطبتصبح الأمطار يقيناً حين تجري في الأنهارإن الثياب التي تغسلها الشمس كثيراً تصبح باليةلم أعد أشتري الأحلام ولا أبيعهاأقواس القزح التي ألبستني أحلاماً بكل الألوانلم تخبئ جرّات الذهب خلفهاوحاجب القصر الذي راقب الحشد كتب روايات الفرسان والأبطالكان يقودنا بمراكب القمر البعيدة إلى أن يصفعنا النهاروعدنا لا نحمل هدية واحدة طاف بنا العالمولا آثار قبلة حمراء على الخدّأخاف الكلمات حين تسكن الورق وأخاف الأحلاممنذ أن رسمت ذات مساء حالم حلماً بحجم صخرة «الروشة»كسرت نوافذ دكان أحلامي***بائع المظلات والزقاق الذي غاب عنه المطرالشوارع التي مرت كئيبة في وجههكأنشوطة حمراء مرمية على الطريقكانت تقيس خطواته التي أصبحت أصغر مما كانت عليهالنوافذ المغلقة والشرفات التي غابت عنها الستائر تجعل الشوارع ضيقةطارت الهدايا والذكرىوالريح مقتل المظلاتفي ذلك الليل الجالس على قلبهغابت الكراسي الخشبية ودكاكين الألبسة الصيفيةكان يروي أسرار مدينة تفقد مفاتيحهاوكم كان يشتهي الملح في مواسم السكر حين كان لص اللوزفي تلك القرية التي أصبحت قامة العشب فيها طويلةبائع المظلات الحزينيبيع البالون ويكتب عليه رسائله في مدينة لا أطفال فيها***أثناء الشجار الذي حدث خارجاً ثقب أذنيه بأقلام الرصاصذاك الذي وضع فراشه في المراعي كان يجمع المطر وبعض الغجرياتمدّ بأصابعه الناعمة دلواً إلى البئر كي يروي قبور الذين ماتوا من العطشكان الهروب بعضاً من رسائل المللوبعضاً من الغابة التي تحولت إلى خيمة إسمنتيةلم يعد يستطيع دق صدره كما يفعل طرزانترك غرفته التي نمت منها الوجوه والأيديلم يكُ لورق الجدران الأجنبي ذاكرة تنسيه حائطه القديم***أخبريني أما زالَ كل شيء بخيرلي الكثير لأقوله عندما يغلي الليل مع شاي المساءحيث يشتد صوت الأغاني القديمة أكتب على جدران الغرفةالجدران المؤدبة أكثر من اللزوم أريد أن أرجع طفلاًعلى اليمين كانت لي الكثير من الأبواب والياقات البيضاءوسجادة حمراءاللص الذي كان يحمل كيساً كبيراً على ظهرهكيساً بحجم بطيخة صيفيةكانت قبعته طويلة وكان القمر كُرتَه التي مشى عليهاحين تنام النوافذ اقفز إلى شبّاك حبيبتك وقلبك يرتجف من عيون البوماسمع أصوات أنفاسهاوغنِّ لها بصوت هامسهامس جداً فوق اللزوم أن كل شيء بخير***ليلاً وكثيراً ..بدأت فناجيني تتكسر لا تشربي الغيابكان الماء مجرى الحديث وكنت مستنداً إلى الجدار القديملم يكن بائع البوظة يتجول بعربتهالحدائق لا تتسكع بعد منتصف الليللجدتي حكايا طويلة عن الثعالب التي دقت عنق دجاج جارتناولليل ذراع طويلة على ثغر الحدائقتعوّد على الظلال والمقعد الذي جلس ولم يجلسهي وحدها الحدائق الحافية من سياجهاتمر على أزهارها أحذية العابرين***القمر يا أمي شاحب الليلة كحبة تين مجففةللكرسي الذي بتر أرجله تمشي الأحلاموتلك الفتاة التي تغزل الثياب الشتوية وتنتظر المطركان لا بدّ لها أن تمشي بحقيبتها حين يمتلئ الشاطئ بالصيادينذلك الوجه الذي يضيع في المرايا ويكسر نفسهحين يسمع صوت القطار في غرفتهكثيراً ما يمارس دور القبطان على الموج ولا يروضهيتعلم من المطريتدرب على الشاطئ مراراً ليلمس يديها المبلولتينالأشجار كالنساء قالها ووقفواثقاً كالبرق متغزلاً أمام العلن كالرعداحتضنها براحتين من مطر كان القمر يومها كحبة خوخوكان للفرح متسع كعيون البحارة حين تمتلئ الشباك