الخميس ١٦ كانون الثاني (يناير) ٢٠١٤
الغزل وعشق الذات في

ديوان «عاشق من الجليل»

منير توما

لقد كان من دواعي سروري أن يقوم الشاعر حاتم جوعية مشكوراً بإهدائي مجموعته الشعرية التي تحمل عنوان «عاشق من الجليل» حيث قرأتها بكثير من المتعة ووجدتُ فيها شعر الحب والأنسانية والأرض والوطن والكفاح بكافة تجلياتها، ولقد استمتعت كثيراً بالمقومات الجمالية عند المرأة وهيامه البالغ بمحبوبة شقراء يكنّ لها الحب الغامر والعشق الثائر روحاً ونفساً وجسداً، لكنه يأتي دائماً بشعر ٍ غزلي ٍ رقيق شفّاف غير مبتذل يظهر فيه عاشقاً لشقراء بلغة تفيض اعتداداً وعشقاً لنفسه واعتزازاً بذاتهِ من حيث أنه يرى أنساناً مميّزاً كشاب جميل المظهر يتمتّع بشتى الشمائل والمثل العليا والمبادئ السامية التي تغري النساء لعشقهِ والوقوع في غرامهِ لكنه يبقى دائماً مخلصاً وفياً لمحبوبته الشقراء التي يطارحها الغرام شفاهةً بمزيجٍ من كلماتٍ يغلب عليها أحياناً نفس الحب العُذري، وأحياناً أخرى النَفَس النزاري في التغزّل المكشوف جسدياً بالمرأة، فشاعرنا إنسان يبدو عليه الإتزان العاطفي والفكري والذهني في مجال الحب إلّا أنه مرهف الحس بشكل ظاهر يدعونا الى الإعجاب بتوجهاته الرومانسية من خلال شعرهِ الغزلي النابض بحياة العاشق ذي الطاقات العاطفية والحسيّة الكامنة في أعماقه ِ والمتدفقة في كلماته المنسابه رقراقة على صفحات الورق في نهر اللغة لفظاً ومعنىً.

ويتضح فيما سأورده في السطور اللاحقة أنني قد آليتُ على نفسي أن أخوض غمار الجانب الغزلي لشعر الحب في هذه المجموعة الشعرية لشاعرنا حاتم جوعية انطلاقاً من استحساني للروح الشبابية الصافية والنقية عند هذا الشاعر الذي طرق في مجموعته ِ هذه ابواباً وأغراضاً شعرية متنوعة: السياسية والإجتماعية والفكرية، فكان مبدعاً مشرقاً في بستان الشعر إنسانياً ووطنياً، وبالتالي فقد أرتأينا أن ندلي بدلونا ونقوم بتناول شعر الغزل والحب في هذه المجموعة دون التعامل مع المواضيع الأخرى الواردة في الديوان توخياً لعدم الإطالة في هذه المداخلة الموجزة.

في قصيدة "تباريح عاشق" ( ص39 ) نلتقي بكلام في منتهى الرّقة والعذوبة لفظاً ومعنىً في مجال الحب والغرام لشقراء شاعرنا المتيّم في هواها حيث يبدأ قصيدته بالقول:

حملتُ طيفكِ في صحوي وفي حلمي وذقتُ حبك شهداً ذاب في نغمي

ويستطرد مضيفاً:

داعبتُ شَعرك ِ لون الشمس مؤتلفاً شقراء ترنيمة الأطيار والأكَم

ويتابع شاعرنا في القصيدة نفسها أعلاه من شأن حبه ِ وعشقه ِ المتبادل مع محبوبته ِ قائلاً:

إن الحياة بدون الحب مهزلة ٌ
لا طعم لا لون لا إبداع كالعدمِ
لكننا من شعاع الخُلد معدننا
أنا وأنت لنورٌ ضاء في الظُّلمِ
أنا وأنت شبابٌ خالدٌ نضرٌ مثل
الطبيعة نبقى ليس من هرَم ِ
ديني يظلُّ شعار الحب ِّ أعلنهُ
لغير دينِ الهوى لم يستبَح قسمي
مشيئة اللهِ أن أهواكِ يا قمري
وأنت تهويني هيهات من سأمِ

فهو في هذه البيات يعبّر عن قناعتهِ بخلود وأبديّة حبهما الشبيه بنضارة الطبيعة التي لا تهرم ولا تشيخ، فهو يؤمن بالحب بوصفهِ ديناً له في هذه الحياة الى أن يقول في البيت التالي ما مؤداه وما معناه بكل وضوح أنه كإله الحب الذي تعبده جميع الفتيات كخادماتٍ مطيعاتٍ له، وهنا يتجلّى البُعد النرجسي لدى الشاعر وعشق الذات الذي ليس بمستغربٍ عن المبدعين عموماً، فكيف إذا كان شاعرنا يعي ما وهبهُ له الله من حسن المظهر الشبابي والوسامة التي تدفعه كسائر العاشقين الشباب أن يتغنّى بوسامتهِ وفتنتهِ للنساء، فها نحن نسمعه يقول:

ولو أردتُ جميع الغيد تبعدني
لكانت الغيدُ كل الغيدِ كالخَدم ِ
لكنني لستُ أهوى غير واحدةٍ شقراء ُ
أنت مثال الحُسن ِ والقيَم ِ

وبهذا نرى أنه يكرّس هواه للشقراء محبوبتهِ رغم علمه اليقين بأنه معشوق النساء كما يتجلّى ذلك في إحساسهِ بأن النساء يغرمن به لإشراقهِ وتألّقهِ الشبابي الغامر وكما سنصادف لاحقاً، فإن شاعرنا في تقديرهِ لذاته ِ وشخصهِ يلجأ الى ما يُعرف في المصطلح النقدي بالغلوّ أو المبالغة ( hyperbole ). وبالمعاني نفسها ينتقل شاعرنا في قصيدة " آمال القلب والروح " ( ص66) الى بيان مفاتن المحبوبة المتمثلة بشكل أساسي في شعرها الأشقر ذي السحر الخلّاب في عيون شاعرنا حيث يقول هناك:

شَعرُكِ الأشقر نورُ الشمس ِ سحراً ... كالدّراري كالشُّـهُبْ
رائعاً يلمعُ في عتم الدياجي كثُريّات الذهب ْ
حُبُنا العذري ُّ قد صار حديث العاشقين ْ
خالداً يبقى لدهر الداهرينْ.

ويردف شاعرنا لاحقاً في القصيدة ذاتها مؤكّداً إخلاصه ووفاءهُ لمحبوبتهِ شاهراً الأسلوب النرجسي للشعراء مرةً أخرى هنا ومرات عديدة أخرى فيما بعد قائلاً:

وأنا أحلى شهيد أُغرمَت ْ فيه العذارى والنساء ْ
وأمير الشعراء " ونبيُّ الأنبياء ْ "
يا آمالَ القلب ِإنّي في غرامي لن أخونْ
وبجسمي وبروحي وكياني لكِ دوماً سأكونْ.

ويبلغ شاعرنا الأوج في العشق الذاتي واعتدادهِ بنفسهِ، فيستخدم أقصى درجات الكبرياء والسؤدد تجاه عاشقتهِ التي يرى أنه الشاب الوسيم الفاتن الذي لا يمكن لهذه العاشقة أن تحظى به ِ وبوصالهِ، وهكذا يضفي على نفسهِ الصفات الجمالية الخارقة بفضل جمالهِ وفرادة خصالهِ كما يتجسّد في قصيدة " لا تطمعي " ( ص 69 ):

عاشقتي من لا تغيبُ صورتي عن بالها ليلَ نهار ْ
لا تطمعي في حبِّ شاب ٍ وجهُ البدرُ تقدسُهُ العذارى الفاتنات ْ
وهنَّ دوماً لنوالِ وصلِهِ لحالمات ْ
فلتنظري، كلُّ النساء في لوائي سائرات ْ
يعشقني.. يهِمنَ في حبي لأني أجمل الفتيان ِ فوق وجه هذه البيداءْ
أشرفُ مَن تحت السماء ْ
أَصلَبَهم عوداً إذا ما عُجُموا أبلغهم لساناً
أجملهم شكلاً وأنداهم يداً، أحّدّهم سِناناً
وخيرُ من قال كلام السحرِ والبيانا
فارس الفرسان ِ طُرّاً، ونبيُّ الشعراء
ما أنجبَتْ مثلي هذه الغبراء ْ
أصدق مني لهجةً ولا أظَلّت الخضراء ْ.

ومع كل ما قيل في القصيدة أعلاه، فإن شاعرنا يعود الى حُبّهِ وتغزلهِ بالشقراء محبوبته التي يهيم بحبها ويتغنّى بشَعرها الأشقر " كالطير الغَرِد " وذلك في قصيدة " وَعدَتْ أن نلتقي "
( ص 70 ) والمهداه الى شقراء أشار اليها بحرفين حيث يكرّر في هذه القصيدة أيضاً الإعجاب بالنفس ومدى سحرهِ وجاذبيته ِ وتأثيره في قلوب النساء وحسد الغير له لحيازتهِ هذه السّمات والخصال الرائعة والمتميزة فيقول:

أنا ربُّ الفنِّ والشعر أنا
كلُّ قولٍ غيرُ قولي قد فَسَدْ
كم فتاةٍ لجمالي سجَدَتْ
ونساء ُ الكونِ وصلي كم تّوَدْ
إنني أشرفُ مَن داس الثرى
مثل حُسني وجمالي ما وُجِد ْ
وأنا الشمس تَهادى نورُها
كلُّ من شاهد طيفي قد سَجَدْ
لم أدَعْ قلباً خلياً فأنا
" دونجوان " العصرِ حقاً لا فَنَدْ
كم قلوب ٍ في غرامي احتَرَقتْ
وعيون ٍ حُرمت طعم َ السَّهد ْ
فالعذارى في جمالي انبهَرَتْ
لم أدَع قلباً خلياً يبتعِدْ
أنا في شرخِ شبابي لم أزَلْ
فُقتُ أهلَ الأرضِ عزماً وجَلَدْ
كم عذول ٍ ولئيمٍ حاقدٍ
ماتَ غيظاً والتياعاً وحَسَد ْ

وبالنظر مليّاً الى معاني هذه الأبيات وإيحاءاتها وتداعياتها يتبادر الى أذهاننا تلك الروح الشعرية الغزلية الطاغية المتعالية لعمر بن أبي ربيعة ونزار قباني في الكثير من قصائدهما من حيث الإختيال في أمور العشق والغرام والإعتداد المبالغ فيهِ بالنفس وصفاتها الفريدة.

ولا يستكين شاعرنا ابداً، بل يستمر في التغزل بالشقراء في قصيدة بعنوان " شقراء "
(ص74 ) حيث يقول:

شقراء ُ يا قيثارتي الأحلى ويا لغة الكنارْ
عربيةُ شرقية ٌ رمزُ الطهارة ِ والنقاء ْ
عربيةُ القسماتِ قولاً ثم فِعلاً، تزدهين فصاحة ً
فاقت ْ حديثَ المبدعينَ بلا مراء ْ
إني أحبُّكِ يا حياتي، للمدى، وأقولها بصراحة ٍ ملءَ الدُنى..
ليكون ما قد لا يكون ُ.

ومن الطريف أن شاعرنا رغم حبه ِ لهذه الشقراء إلّا أنه يتعالى عليها بأنه هو دائماً المعشوق وليس العاشق، ففي هذا التوجه نوع ٌ من التناقض أو التضاد ( paradox ) بالمصطلح النقدي الأدبي للكلمة، فهو يقول بأنه ليس مثل نزار قباني أو عمر بن ابي ربيعة في شأن نزواتهم اللامحدودة مع أنه كما ذكرنا آنفاً يذكّرنا بهما من حيث التباهي بكونهِ مطلوباً من النساء في دنيا العشق، وسيّداً في مملكة الغرام والحب بشتى أصنافهِ وصورهِ:

إني أنا المعشوق لستُ العاشقَ الولهان أستجدي العطاء ْ

أنا لستُ مثل " نزار قباني " أو " ابن أبي ربيعة " يلتهون وراء نزواتهم ومن دون اكتفاء وارتواء أو حياء ْ.

وخير مثال ٍ على النَفَس النزاري في هذه القصيدة، اختيال الشاعر بعنفوانهِ وبشاعريتهِ الفنيّة حيث يسود في الأبيات التالية جو من طغيان المجتمع الذكوري بالإيحاءات والإرهاصات اللغوية، والصور الفنية التي يرسمها شاعرنا بالكلمات:

أهوى الجمالَ قداسةً.. أُعطيهِ سحرَ قصائدي
كم غادةٍ حررتها.. أذكيت ُ فيها المجدَ ثم الكبرياءْ
حرّرتها من قيدها ومن التأخّر والتخلّف والرجوع الى الوراء ْ
فأنا مليكُ الشعر ربُّ الفن في هذا الزمان ِ
وأنا الهُ العنفوان ِ
إني تقمصتُ الحضارات القديمة والجديدة كلها... ما زال عرشي شامخاً
بيدي أقلّد صولجاني
وأنا المحاصرُ والمطوّقُ بين أزهار الزنابق ِ والخمائلِ... بين رُمّان النهود ْ
وأنا المطاردُ والمُلاحق ُ دائماً وتسيرُ خلفي كلُّ أصناف ِ النساء ْ
ورغم تباهي الشاعر بأنه هو المعشوق وليس العاشق الولهان، فإنه لا يتوقف عن بثّ لواعج قلبه والتغنّي بجمال محبوبته ِ الشقراء:
شقراءُ أنتِ حبيبتي وعشيقتي أهواكِ يا أحلى جميلة ْ
ماذا سأكتبُ عن مفاتنكِ الجليلة ْ
شقراء ُ يا حُلم َ الخيال ْ
يا منبعً الإلهام يا سحر الدلال ْ
كم تشتهينَ وأشتهي طيبَ الوصالْ
شقراءُ يا وحيَ الخيال ِ أيا عروساً داعبتْ أوتار َ قلبي في اختيال ْ

ويسترسل شاعرنا في نهايات هذه القصيدة في إغداق عبارات الغزل والحب والثناء على مفاتن الشقراء محبوبته الى أن يختم قصيدته هذه بنغمة نرجسية يتجلّى فيها عشق الذات والإعتداد البالغ بالنفس إعجاباً وكبرياءً وعزّةً فيقول:

كم من فتاة تشتهي وصلي وتحلم دائماً
تشتاق رشف الشهدِ من تغري لتنعمَ بالمنى..
بالحُبِّ... بالظلِّ الظليل ْ
أنا أجمل ُ الفتيان ِ نور الشمس في العصر البخيل ْ
أنا شاعر ُ الشعراء ِ ربٌّ الفن في أرض "الجليل".

وهكذا نرى هنا أن شاعرنا يجمع في شخصهِ الجاذبية المُغرية للنساء بالحُب والعشق بفضل جمالهِ النوراني وبكونه ربّ الشعر والفن على حد قولهِ وتعبيرهِ في ختام القصيدة.

ومن الملاحظ في القصائد الغزلية أن شاعرنا يكرّر بعض المعاني التي يطرقها في معظم هذه القصائد فيما يخص عشق الذات والتفاخر متباهياً بوسامته ِ وصفاته ِ التي ينسبها لنفسهِ في مجالات الجمال والفن والشعر بالإضافة الى هيامهِ بالشقراء دائماً واستحواذها على حبّه في غالب قصائد الغزل. ويظهر ذلك واضحاً على سبيل المثال في قصيدة " أواه من عينيكِ " ( ص77 ):

إني أريدكِ دون الغيدِ قاطبة ً
أنتِ المنى لشغاف القلب أوطان ُ
كل العذارى أشتهتني إنني قمرٌ
حلوٌ، جميلٌ، بهيٌ، ثم َّ فتّان ُ
فإنني " دونجوان " الغيدِ قد سجَدتْ
كلٌ النساء ِ، ورائي الكلُّ إذعان ُ

وحول غزله بالشقراء دائماً وأبداً، نستمع الى شاعرنا في قصيدة " كيمياء الحب " ( ص102 ) وهو يقول:

شقرائي أنت ملاكي يا أحلى من كل نساءِ الكون ْ
فكلانا جسَّد فكر الآخر.. يكمل ُ صرح َ كيان الآخر قلباً.. عقلاً وحُباً...
علماً.. وطموحاً وآمالاً سحرية..

وفي قصيدة " إعلانها المنشور في الجريدة " ( ص110 ) يمتزج الإختيال والنرجسية بالحب والغزل بالشقراء فيقول شاعرنا:

ما كنت أدري أنني في حسنكِ الفتّان أغدو عاشقاً
أهيمُ في كلِّ فناءٍ وفضاء ْ
ما كنت أدري أن حُبّاَ رائعاً يولدُ من ذاكَ اللقاء ْ
" دونجوان " هذا العصر ِ كنت ُ يا لأحكامِ القضاء ْ
شقراءُ يا ترنيمة الفجر الجميل ْ
نبعَ السنا والسحرِ والإلهام ِ يا ظلّي الظليل ْ

ويفخر شاعرنا أمام محبوبته في نهاية القصيدة " لكِ أكتب أحلى الأشعار " ( ص113 ) بشعرهِ الجميل الرفيع الذي يستهوي العذارى، وبكونه ِ أحلى الشباب يتألّق عطراً وإثارةَ، تهيمُ فيه الغيد وتغني له الأزهار.

وهذه عودة الى المعاني نفسها في قصائد غزلية سابقة، ومع جماليتها لفظاً ومعنىً وفنيّةَ ً فإنه كان من المحبّذ والمستحسن الإقلال من تكرار المعاني ذاتها كما هو ظاهر في السطور التالية:

شعري تحفظهُ كلُّ عذارى الوطن المنسية ْ
فأنا نفحةُ عطرٍ قدمت ْ من أرض الحرية ْ
أنا أحلى شاب قد قُلتِ وما فيَّ جميل ٌ ولذيذٌ ومثير ْ
لجمالي تسجدُ كلُّ الغيد ِ ويسجو النجم.. تغني الأزهار ْ
قد قلتُ كلاماً معطاراً، حلواً كالشهدِ وأكثر، سوف يردده الكونُ وكل الأطيار ْ

وهكذا نكون قد تناولنا بالدراسة والتعليق الجانب الغزلي من ديوان " عاشق من الجليل " للأستاذ الشاعر حاتم جوعية، الذي لمسنا في كتابه ِ هذا النَفَس الشعري المتين والسمو التخيّلي الشفاف، والبراعة في التصوير التعبيري والحسّي من خلال السهولة والسلاسة والإنسيابية في الألفاظ والمعاني البعيدة عن التعقيد والوعورة، فجاءت قصائده حافلة بالصور الفنية الموحية حيث تألق شاعرنا في العديد من قصائده الغزلية التي بدا في قسمٍ كبيرٍ منها الإنفعال الظاهري ونرجسية الفنّان وعشقه لذاتهِ قبل كل شيء، وهذا نابعٌ من إشراق وتوهُج موهبة المبدعين الذين لا ينفكون عن التأمّل الذاتي جمالياً وفنياً وشعوراً عاطفياً. ولا بد لنا في هذا السياق أن ننوّه الى أن العديد من قصائد شاعرنا حاتم جوعية تزخر بالمعاني الإنسانية والوطنية والفلسفسة النابضة بالفكر الناصع والإشراق الساطع حيث تمتاز بالطابع الوجداني المفعم بالحرية والإنطلاق والبعد عن الجمود والترهّل اللفظي من خلال إتيانهِ بمفردات وعبارات أنيقة تدلّ على تمتّعهِ بثروة لغوية محكمة تحفل بالتشبيهات والأستعارات البلاغية الرشيقة، متّخذاً من المرأة رمزاً للأرض والوطن في الكثير من قصائده الغزلية الوجدانية التي تعكس ارتباطهِ الوثيق وإخلاصِهِ العميق لوطنهِ وشعبهِ بروح من التحضّر والتسامي والرقي الإنساني الصادق.

فللأستاذ الكريم الشاعر حاتم جوعية أجمل التحيات وأطيب التمنيات بدوام التوفيق والمزيد من الإبداع والعطاء.

منير توما

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى