الثلاثاء ٢ أيلول (سبتمبر) ٢٠١٤
بقلم مصطفى أدمين

عندما تظمأ الأسود

الحرّ الشديد يثقل على السَّهب. قطيع من القردة يتوجه نحو بركة ماء مُطيّنة ليروي عطشَه. قرْدَةٌ متعبة من الظمأ تحمل على صدرها صغيراً تبدو عليه علاماتُ الموت. في الأفق أسربةٌ وكأنها مياه. غير بعيد؛ قطيعٌ من الكلاب الوحشية يتردد في الالتحاق بالبركة لأجل الارتواء. تراه يمشي خطوة خطوة خوفاً من القردة. الأمُّ تنظر بارتياب تارة إلى الكلاب وطوراً إلى البركة. ثم تفحصُ حميلَها: إنّه ينفق ولا بُدَّ لها ولبني جنسِها من تحدّي الخوف والمغامرة بحياتها لأجل إنقاذ حياتها من الموت عطشا. تدنو أكثر من البركة. تلقي آخر نظرة إلى الكلاب وتنحنى للإرتواء. ينقذف تمساح وينتشُ الرضيعَ من صدر أمّه. يقفز قائد القردة على التمساح ويجعله يخرج من موطنه. قِرَدَةٌ أخرى تساهم في معركة الإنقاذ. يُجبر التمساح على ترك ضحيتِه على اليابسة ويسرع إلى البِرْكةِ موطِنِه. تمسك الأم بصغيرها وتفحصه من جديد. لا حركة فيه. تضعه أرضا وتُقلّبه بيدها. لا حركة فيه. ترفع بصرها إلى السماء المثقلة بالصَّهْد. تنظر خلفاً. الكلابُ تجري بعيدا وقطيعٌ من الأسود يتقدّم بثقة. تشدُّ الأمُّ صغيرَها من يده وتهربُ وبنو جنسها مسافة.
الأسُود على حافة البركة الآن. تنحني لترتوي. ينبعث التمساح من مخبَئه ويُطبقُ فكّيه على شبل. تقفز الأسود عليه وترغمه على ترك الشبل والخروج من موطنه إلى اليابسة، وفي نثار الغُبار وتطايُر نُدَفِ الوَحَل، يتمكّنُ أسدان من إطباق فكيهما على خطْم التمساح وعنقه فيما ربض آخرٌ على ذيله. يهلك التمساح وتتقدم الأسود والأشبال للارتواء. وتقترب القِرَدة من البركة في أمان والأم ما زالت تحتفظ بطفلها الميّت. وهناك في الأفق تتراءى الكلابُ الوحشية وحيوانات أخرى...


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى