الثلاثاء ١ تموز (يوليو) ٢٠٠٣

سيد عبدالخالق

بقلم: ياسر شعبان

القصيرين.. الوايلي.. عزبة النخل كلية التجارة.. مدارس خاصة.. الهيئة العامة لقصور الثقافة.. بكالوريوس تجارة.. مدرس للغة الانجليزية.. كاتب مترجم.. موظف.. مدير تحرير لسلسلتي.. إبداعات وآفاق الترجمة.. مسابقة سعاد الصباح.. مسابقة الهيئة العامة لقصور الثقافة .. الصعاليك يجربون الغضب.. الآخرون وأغنية لضحى.. فيض الجوارح.. كل أبناء الرب..أساطير.. رعب في مسرح سكالا.. تاريخ حصار لشبونة.. عندما كنا يتامى.. شارع ميجيل.. تفسير النص.. الموشحات الأندلسية.. قصص من الفلكلور الهندي.. اضطهاد في العمل.. تجاهل نقدي.. إساءة فهم.. نكران.. إخفاقات عاطفية..إحباط.. بقايا كبرياء.. مجاهدة لتحقيق ما يحفظ ماء الوجه.

كابوس السرطان
أفتقدك بشدة يا صديقي

خلال سنوات معدودة فقدت صديقين رائعين بعد إصابتهما بالسرطان، ففي معهد
الأورام وخلال شهر واحد من اكتشاف إصابته بسرطان الرئة، استسلم ’مجدي الجابري’ للموت في سكينة ميزته طوال حياته وفي مستشفى أحمد ماهر، وخلال شهر من اكتشاف إصابته بسرطان الجهاز الهضمي، استسلم ’سيد عبدالخالق’ للموت بنفس الهدوء الذي قابل به الحياة دائماً. وكان الاثنان طاقة إبداعية مدهشة أصرت الأوساط الثقافية والمؤسسات والمسؤولون والأصدقاء على إهدارها بالتجاهل والاضطهاد ومنح الفرص لأنصاف الموهوبين أو حتى غير الموهوبين والذين يتميزون باللزوجة والبجاحة والقدرة على التسول والهرولة.

خلال سنوات معدودة تفرق الأصدقاء الذين اجتمعوا طويلاً في بيوت الثقافة والمقاهي، وحل البرود والجفاء محل دفء المناقشات وحدة الخلاف حول قضية ثقافية أو نص مشاكس. تفرق ’أبناء الخطأ الرومانسي’ الذين ظنوا أنهم مختلفون ­ وأدعي بعضهم ذلك ­ ويسعون للتغيير دون تطلع لملاعبة المؤسسات والجالسين على كراسي السلطة بغية الحصول على مكاسب أو بركة التدجين. أذكر الآن الحماس المفرط خلال المناقشات. أذكر مداخلات ’الجابري’ العميقة واقتراحاته الجادة ورغبته الدائمة في المشاركة دون مطالبة بنصيب أو حق، أذكر طموحات ’سيد عبدالخالق’ وحماسه لمجلة ’إيقاعات’ التي شارك أصدقاء في تحريرها ­ عبد الله ’السمطي’ في السعودية الآن، ’عماد غزالي’ في مكتب البابطين.
أذكر كيف عكف طوال شهر على ترجمة رواية ’تاريخ حصار لشبونة’ وكيف نصب الناشر عليه واختفى دون إعطائه أية نقود أو نشر الرواية، ليحمل الرواية طوال عام يعرضها على ناشرين ­ اتضح أن معظمهم نصابون ­ دون طائل، وحتى عندما توصل الى اتفاق لم يحصل سوى على ثلث المبلغ وانتهى الأمر.

أذكر عندما عملنا معاً في مجلة ’العصور الجديدة’ بحب بالغ ومساهمات جادة لم نحصل على مقابل لها سوى الإجهاد والتوتر في مناخ تآمري غير مفهوم ويشهد على ذلك ’مهدي مصطفى’. أذكر الآن عملنا في ’أخبار الأدب’ وما أثمرت عنه المنافسة الحميمة من تقديم موضوعات جميلة لشرق وغرب والبستان، وكيف لم يرض البعض عن هذا النشاط وحاولوا كثيراً تعطيلك وأن يوقعوا بيننا. أذكر وصفهم لعلاقتنا بأنها مثل علاقة ’القط والفأر’ أذكر أنني عندما توليت الإشراف على سلسلة للترجمة في دار ’ميريت’ ودون مقابل كالعادة ­ كنت أول من طلبت عملاً منه، وكيف اتفقت مع الناشر على ضرورة حصولك على المبلغ بمجرد تسليم الترجمة ­ مبلغ تافه ’500 جنيه’ مقابل ترجمة ’في وطن حر’ للحاصل على نوبل (ف.س.نايبول) فهل تظن ’سعدي يوسف’ حصل على مثل هذا الرقم ولو بالدولار من المدي؟ أذكرك وأنت تتحدث بإعجاب شديد عن روايات ’ف.س.نايبول’ قبل عشر سنوات من فوزه
بالجائزة، وكم كنت حريصاً على جمع رواياته انتظاراً لفرصة تتيح لك ترجمتها وضمان نشرها. وأذكر أنك أول من تحدث عن ’كازو إشجورو’ وكيف ظلت روايته ’بقايا اليوم’
لديك وقد انتهيت من ترجمة نصفها وجلست محبطاً في انتظار فرصة تشجعك على استكمالها.. أذكر أنه بعد موتك المفاجئ عثر الأصدقاء ’عاطف عبد العزيز وعماد غزالي وناصر البدري’ على مجموعة من الكتب التي كنت قد انتهيت من ترجمتها أو تركتها محبطاً قبل فصل أو فصلين من إتمامها. أذكر أحاديثنا عن الأجيال الشابة من الروائيين في الغرب والذين توزع رواياتهم الأولى عشرات الآلاف من النسخ ويحصلون على آلاف الدولارات، ونحن هنا ننتظر عطف المؤسسات لتنشر لنا وتمنحنا بضعة جنيهات أو لا نجد مفراً من الاستسلام لابتزاز النشر الخاص.. جمعنا حب الكتابة والترجمة والجلوس على المقاهي. ولا أعرف كيف نجحوا في دفعك ودفعي الى فخ إساءة الفهم، وكيف حدث هذا قبل شهور معدودة من وفاتك المفاجئة مثل إختفاءاتك.

تعرف ­ قبيل وفاتك، وخلال إحدى نوبات غضبي من الناس ونفسي، تساءلت لماذا كل هذه المنافسة المزيفة ولماذا إساءة الفهم بين الأصدقاء ولماذا هذا المناخ التآمري ولماذا أعطي لنفسي حق الغضب من صديق لأمور مهما عظمت لن تعادل فقدانه وما سبب إصابتي بهوس المثقفين وأنا ’الرواقي’ حسب وصفك لي، هل هي حالة الغضب بسبب الإحباط المطبق علينا من كل جانب، هل للشعور بأننا قادرون على الفعل ولكننا لا نستطيع الحصول على فرصة، هل هي حالة قرف من ملاعيب الوسط الثقافي التي تتعمد تجاهل وإهانة المجيدين في صمت وخجل، بينما تغدق على الطواويس والتابعين والمدجنين.

وأذكر الآن أنه لولا عملك كمدير تحرير لسلسلة إبداعات ما كان ديواني ’بالقرب
من جسدي’ أن يصدر.. وأذكر أن صديقي الطيب صاحب دار نشر ’ميريت’ ألحق بعدد من إصداراته أسماء جميع من يريد تهدئتهم وعدم فقدانهم، كوعد بأن كتبهم ستصدر خلال المعرض، وأغفل اسمين فقط ’سيد عبد الخالق وياسر شعبان’، لأنك ميت ولأنني.. لا أعرف توصيفاً لكنني ’برضة’ سعيد لأنه جمع بيننا حتى بعد رحيلك.
وأذكر أنني افتقدتك أثناء العمل في ترجمة الأعمال الكاملة لـ ’مهاتير محمد’.

فجأة وجدتني أتساءل: ماذا لو متْ غداً أو مات ’سيد عبد الخالق’.. هل سينفرد أحدنا بصفحات الترجمة ومكاسبها وشهرتها؟!!

تعرف ­ منذ رحيلك المفاجئ فقدتُ كثيراً من حماسي للترجمة، وتناقصت موضوعاتي ­ وتواجدي ­ في أخبار الأدب وتعطلت مشروعاتي في المجلس، وجلست حائراً لا أعرف هل كان وجودك محفزاً لي، وسيطر علي سؤال غريب: من
القط ومن الفأر؟ .. الآن أذكر أنك سبب معرفتي بـ ’نانسي’ وكنت مشجعاً لارتباطنا الذي سيتحول بعد شهور قليلة الى زواج.. في غيابك.. مرة أخرى أفتقدك بشدة يا صديقي وأعتذر لك عن كل تفاهاتي وإساءة الفهم ولن أخفي أنني كل ليلة أفكر بك وأرغب في رفع سماعة التليفون لأقول لك الكل باطل وقبض ريح.

)

بقلم: ياسر شعبان

الذكري السنوية الأولى
لرحيل الصديق سيد عبد الخالق (15/6


مشاركة منتدى

  • شرفات ..ولا باب لقلبي

    1 _
    العصافير تحتسى قهوة في العزاء المقام على النافذة ،
    والغبار يتوافد شيئاً ..فشيئاً على قاع قلبي ،
    بينما تضحك.. تضحك ،
    ولا يطفئ القلب سيجارتك.
    كيف لا أحتسب لديك ضلالي ..
    وأنا جئتك كي نمشى على الماء معاً!!
    فإذا أنت أسرعت الخطى،
    وصاحبت الأبد
    قميصك الوجد ورايتك
    كلما حاولتك زادتني المسافات زبد
    كيف لا أحتسب لديك حنيني..!!
    وأنا ما أزال أصادفك
    ترد السلام علي ،
    وتتركني نازلاً على درج الذهول
    وقتي مخذول،
    غاضت الأسئلة،
    ما عاد في البئر ماء ..
    ما عاد ما يؤرق الأمسيات،
    أو يكنس البيت من نعاس المقاعد
    بينما أنت تشعل سيجارة أخرى
    وتضحك .

    ناصر رباح لعلي أهز قليلاً من الزهر عن شجر غيابك أيها الملك

    • أنا إبراهيم محمد إبراهيم بطل معظم قصص سيد عبد الخالق توأمي الذي كان يكبرني سناً وموتاً
      سيد علمني الحب
      لقد سبقني إلى الحياة وهاهو يسبقني إلى الموت عله يعلمني كيف أموت كما علمني كيف أعيش
      سيد هو إحساس قصائدي
      سيد هو اللفظ والمعنى
      إنه الموت الذي كان أنانياً واحتفظ به كله وترك لنا الحزن
      لا أقول رحمك الله ياسيد فقط بل أقول يرحمنا بقبس من ضيائك ولو في رؤيا عابرة ولو كل أسبوع كما كنت أود أن ألقاك .

    • لقد كانت صدمة لى عندما كنت أبحث عن سيد وسط المشاهير لأجده بين الموتي .. وداعاً يا صديقى الذى لم تكتمل صداقته

      حجازى البرجوازى

    • ابراهيم ... هل يمكن ان تراسلني علي بريدي الإلكتروني وهو hegazy_eg@yahoo.com أعزيك في سيد ... أرجوك اتصل بي فأنا مشتاق لسماع أخبارك

  • الشاعر والروائي الجميل / الدكتور .. ياسر شعبان
    من الصعب في هذا الزمان الصعب ان نذكر من رحلوا عنا .. ولانك انسان فمازلت تذكر ؟؟
    الراحل الرائع سيد عبد الخالق كان من احب الشخصيات الي قلبي .. وكم جمعتنا اوقات لن
    تتكر مهما حصل .. فالي اللقاء ايها الاستاذ الصديق في جنة الخلد ان شاء الله !!

    وائل سعيد ،،

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى