الخميس ٤ حزيران (يونيو) ٢٠١٥
بقلم محمد زكريا توفيق

أساطير السماء – برج الحوّاء

برج الحّواء (Ophiuchus)، برج كبير معقد. يمثل حاوي يحمل في يديه حية عظيمة شطرت نصفان. لكي تحدد شكل البرج، ابدأ بتحديد مثلث الرأس، الذي يعلوه نجم لامع، هو رأس الحوّاء (Ras Alhague).

النجمان المتجاوران في كتف الحوّاء، من السهل رؤيتهما. بعد ذلك، يمكن تتبع الجسم الضخم، ثم الذراع الأيمن الممسك بنصف الحيّة ورأسها.

رأس الحيّة، يتكون من مجموعة جميلة صغيرة من النجوم، تقع أسفل برج الإكليل الشمالي. ثم يمكن تتبع الذراع الأيسر الذي يحمل النصف الآخر من الحيّة وذيلها. بعد ذلك، يمكن تتبع نجوم الرجلين الخافتة نسبيا.

كان البرج مسرحا للعديد من نجوم المستسعر أو النوفا (Nova). وهي نجوم ثنائية متغيرة اللمعان، يتعاظم ضياؤها فجأة ثم يخبو في بضعة أيام أو أسابيع، ليصل ضياؤها إلى ما كان عليه من قبل.

المستسعر يتكون من نجمين يدوران حول مركز مشترك بينهما. أحد النجمين قزم أبيض. الآخر، عملاق أحمر.

خلال مئات ألوف السنين، ينتقل غاز الهيدروجين من العملاق الأحمر، ويتراكم بفعل الجاذبية على سطح القزم الأبيض. عندما يصل إلى حجم معين، يشتعل مثل عود الكبريت، ويحدث التوهج الذي نسميه مستسعر أو نوفا. وهو يختلف عن المستسعر الأعظم (Super Nova).

أول مستسعر، ذكره هيبارخوس (Hipparchos)، عالم الفلك الإغريقي، عام 134 ق م. ثاني مستسعر جاء ذكره عام 123م. الثالث عام 1230م. الرابع هو ما يعرف بنجم كبلر (Kepler) عام 1604م، والخامس عام 1848م.

أوفيوخوس كلمة يونانية مكونة من جزئين. تعني حامل الحيّة أو الحوّاء. لقد كان هذا البرج يرمز إلى الإله أيخولابيوس (Aesculapius)، إله الطب والنباتات والعطارة. ابن الإله أبوللو (Apollo) والإلهة كورونيس (Coronis).

الإله أيخولابيوس، إله الطب:

تعلم على أيدي القنطور العظيم كيرون (Centaur_Chiron). القنطور كيرون، كان بمثابة جامعة السربون أو هارفرد حاليا. يرسل إليه الآلهة أولادهم وبناتهم لتهذيبهم وتربيتهم وتلقينهم العلم والحكمة. قيل أن الحكيم أبوقراط، أبو الطب الحديث، هو الحفيد الخامس عشر لأيخولابيوس.

كان أيخولابيوس أول طبيب صيدلي. براعته في علم الأدوية كانت سبب موته بطريقة غريبة. بدأ مهنته عندما كان يزور صديقا له.

وجد ثعبانا في غرفة صديقه. أسرع أيخولابيوس وقتل الثعبان. دهش الصديقان عندما وجدا ثعبانا آخر يخرج من جحر في الجدار، ليزحف على أرض الغرفة، حاملا في فمه نوعا من الأعشاب. ثم ظل يزحف حتى وصل إلى الثعبان الأول، ووضع العشب في فمه.

ما هي إلا برهة وجيزة، حتى برأ الثعبان الأول، وبدأ يزحف خارجا من الغرفة وخلفه الثعبان الآخر، بعد أن تركا أيخولابيوس وصديقه، واقفين مذهولين مما شاهداه أمام أعينهما.

أخذ أيخولابيوس ما تبقى من العشب. قام بدراسته وتعلم منه العلاج بالأعشاب وقدرتها على شفاء المرضى. سافر أيخولابيوس طول البلاد وعرضها ليدرس الأعشاب المختلفة التي تنمو هنا وهناك، لكي يداوي بها المرضى ويشفي بها العلل.

ذاعت شهرة أيخولابيوس وبلغت الآفاق. كان يعرف بأنه منقذ الأرواح. إلى الدرجة التي جعلت الإله بلوتو (Pluto) أو حادس (Hades)، إله العالم السفلي، ينزعج لنقص الأرواح التي ترد إليه. وخوفا على مملكته وسلطانه على العالم السفلي، بدأ يشتكي أيخولابيوس لكبير الآلهة زيوس (Zeus).

خافت الجياد التي تجر عربة هيبوليتوس، عندما رأت ثورا بريا. طرحت هيبوليتوس أرضا وأخذت تجره على الأرض حتى تمزق جسده. هنا جاء أيخولابيوس وقام بعلاج هيبوليتوس بالأعشاب.

عندما حاول أيخولابيوس علاج أريون (Orion) من السهم الذي أصابه في رأسه بالخطأ من حبيبته أرتيمس (Artimes)، جن جنون بلوتو.

أسرع إلى زيوس ليخبره أنه لو استمر أيخولابيوس في علاج المرضى وإعادة الأموات إلى الحياة، هذا سوف يتسبب في خلود الإنسان، ومن ثم يصبح الإنسان مثل الآلهة.

يبدو أن زيوس قد اقتنع بمنطق بلوتو وخاف من منافسة الجنس البشري للآلهة. أخرج زيوس مطرقته وهوى بها على رأس أيخولابيوس لترديه قتيلا في الحال.

لكن زيوس لم يخف اعجابه بمقدرة هذا الطبيب العبقري، فرفعه ليحتل مكانه اللائق بين نجوم السماء. ورفع الثعبان معه. الثعبان الذي تعلم أيخولابيوس منه الطب والتداوي بالأعشاب. ليكونا معا برج الحوّاء أو أوفيوخوس.

لا نزال حتى اليوم نستخدم الثعبان رمزا للأدوية. نشاهد هذا الرمز في المستشفيات وعيادات الأطباء وعلى جدران وأبواب الصيدليات.

لقد كان لأيخولابيوس ابنتان. هما هيجيا (Hygeia)، وباناسيا (Panacea). من اسميهما جاءت كلمة (hygiene)، التي تعني علم الصحة، وكلمة (panacea)، التي تعني الدواء العام الذي يشفي جميع الأمراض.

أفضل الأوقات لمشاهدة برج الحواء: شهري يوليو وأغسطس.

النجوم:

الفا – رأس الحواء (Ras Alhague)
درجة اللمعان: 2.1
البعد: 62 سنة ضوئية

بيتا – كلب الراعي (Cebelrai)
درجة اللمعان: 2.8
البعد: 120 سنة ضوئية

جاما –
درجة اللمعان: 3.8
البعد: 115 سنة ضوئية

العناقيد:
(IC 4665) من الدرجة السادسة في اللمعان. تبعد عنا 1400 سنة ضوئية.

(NGC 6633) من الدرجة الخامسة في اللمعان. تبعد عنا 1050 سنة ضوئية


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى