الثلاثاء ٩ حزيران (يونيو) ٢٠١٥
بقلم فاروق مواسي

في الخامس من حزيران!!

هل تذكرون هذا اليوم؟

في سيرتي الذاتية (أقواس من سيرتي الذاتية ط2 – طولكرم: مطبعة ابن خلدون- 2011، ص 158)
كتبت عن هذا اليوم المفصلي الذي له ما بعده:

ولكن الصدمــة العنيفة لم أتحملها، فقد كان هذا الزلزال – لا مجرد صدمة- فوق ما يمكن أن يُتوقع.
كنت أرقًا قلقًا في الأيام الستة إلى حد بعيد، استمع إلى نشرة الأخبار كل نصف ساعة.
كنت أتابع الأخبار باللغة العبرية، ذلك لأنني أيقنت مدى الكذب والدجل في إعلامنا وفي إذاعاتنا العربية. وكنت- من بين القلائل جدًا- من يصدق الأخبار في الإذاعة الإسرائيلية بالعبرية، فالكل من حولي يقولون: "لا تفتح على إذاعتهم، فما يروجونه دعاية، والحقيقة ستبين بعد أيام، وهي أن الجيش الإسرائيلي انهزم شر هزيمة، وسترى".

عندما دخل الإسرائيليون القدس بلغ قهري الزبى، وفي رحاب الأقصى أخذ الراب غورن قائد الاحتياط ينفخ البوق، ثم شرع يقرأ آيات من المزامير، فلم أتمالك نفسي من البكاء، فإذا بي أرمي بالمذياع بقوة صوب بوابة الدار لألقيه متناثرًا على مبعدة مني. (من العجيب أنه ظل يواصل إذاعته القاهرة والظافرة).

لا يمكن أن أنسى هنا أنني فقدت صوتي طيلة أسبوع كامل، فكنت أخاطب الناس بالإشارات وبالإيماءات، ومما زادني قهرًا وموتًا أنني استمعت من الإذاعة الإسرائيلية إلى تسجيل للرئيس عبد الناصر وهو يخاطب الملك حسين:
“ أنت حتطلع بيان وحنا حنطلع بيان”!!!\

ولم يكن البيان إلا تمويهًا وقلبًا للهزيمة بحيث تكون انتصارًا حققته الأمة العربية الماجدة من المحيط إلى الخليج.
ومع ذلك رحبت مع الجماهير الحاشدة بعودة عبد الناصر، ولم يكن يهمني في الرجل إلا الرمز.

حاولت الامتناع عن القدس وزيارة أقصاها، فلن أدخلها إلا محررة، ولا بد من رد هذه الإهانة، وأية إهانة؟
إذ "ظلت النكسة تذروني هزائم وتمائم" - كما قلت في قصيدة لي-.

آليت على نفسي عهدًا لم أستطع الإيفاء به، فألفيت نفسي في رحاب الأقصى أصلي، وأخذت أطوّف في مكتباتها، وخاصة مكتبة المحتسب، وقد حدثتكم عن ذلك في هذا الكتاب.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى